بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

22 آذار 2018 12:05ص على أعتاب الحياة!!

حجم الخط

بالأمس هلَّ الربيع.. وحلّت معه تباشير الألوان والأزهار والعبير.. تزامناً مع حلول عيد الأم.. الذكرى التي يحتفي بها العالم أجمع.. مكرّمين أيقونة الوجود الأولى والأخيرة.. السيدة التي تخرج الحياة من رحم آلامها.. لتولد خارطة طريق كيان جديد في أرض الشقاء.. فتحمله وهناً على وهن.. إنْ في الأحشاء أو في القلب والعقل.. أو على مدى العمر طال أم قصر..
بالأمس انتشرت الدموع على أطراف المدافن.. فتحوّلت إلى جنان تتزيّن بشتى ألوان الطيف.. تغمرها المقل العابرات للآلام.. فيتذكّر مَنْ نسي.. ويسترجع مَنْ فقد.. ويستشعر بحسرة الألم والفراق مَنْ تاهت من أمام عينيه نظرات الحنان.. ومَنْ ضلت عن طريق مسمعه عبارات الرضا..
بالأمس والعالم أجمع يحتفل بعيد الأم.. بين فَرِحٍ صاخب بقبلة يطبعها على خد والدته.. وآخر حزين يغصُّ بصمت في بحور دمعه لفراقها.. كنتُ أنفّذ وصيتكَ.. فسلّمتُ عليها وقبّلتُ يديها.. وشممتُ رياحين الجنان من تحت قدميها.. وتطهّرتُ من طرف ثوبها بطيب زمزم.. ونلتُ رضاها معبّراً عن شوقي للقياها.. لأنّي لم أرها منذ الأسبوع من الزمن.. مرّت عليَّ وكأنّها دهور.. وتاريخ غير مكتوب في مسيرتي.. إلا أنّكَ كنتَ «الحاضر الغائب».. 
نعم كنتَ الحاضر بقوّتك الممهورة بطيبتك.. فأصبحتَ الغائب عن ألمي والساكن في حنايا وجعي.. كنتَ الراضي بما قسمه الله.. وتجهد لتحصّل الأفضل من أجلنا جميعاً.. كنتَ الحبيب الذي أبحث عنه في ليل ضعفي.. كنتَ السند الذي أفتقده طالما تلاطمني أمواج الحياة.. كنتَ الصبر الذي ما عدتُ أُطيقه.. كنتَ اليد الحنون التي تكفكف دمع ألمي.. كنتَ آهي الخارجة من أعماق الروح.. كنتَ وهج النور الذي خطفته عتمة ليلي الطويل.. كنتَ يا بابا وستبقى أملي المسروق على أعتاب الحياة..
ومع إغلاق صفحة «عيد الأم» لهذا العام بفرحها أو ترحها.. بوقائعها أو ذكرياتها.. إليكما يا مَنْ بعثتما بي كائناً تسكنه الأحلام على وجه البسيط.. ألف تحية وسلام وأشواق جارحة.. إلى روحكَ الراقدة حتماً في جنّات الفردوس.. وإلى صبرِكِ وتضحياتكِ وتفانيكِ وإيثارك.. المتماهيات مع وجع الزمن.. كل القبلات التي سطّرها الرحمن في تاريخ الوجود..


أخبار ذات صلة