بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الأول 2021 12:01ص بين المحافظ والمجلس البلدي... موقف الحمرا وسعر الدولار

حجم الخط
وكأن بيروت ليست غارقة في بحر الأزمات والإنهيارات، وكأنها لا تعاني من تداعيات إنفجار الرابع من آب 2020، أو من جرّاء فشل بلدية بيروت بمجلسها البلدي ومحافظها بتوفير أدنى مقومات الحياة للبيارتة، لا تزال شؤون العاصمة تدار بالعقلية نفسها التي تثير الشبهات وتفوح منها المنافع والصفقات ولا تكترث للواقع المزري.

خلال عام كامل، تنقّل ملف تلزيم عقار كموقف للسيارات بين الإدارة والمجلس البلدي ووزارة الداخلية دون أن يتم إنجازه، وهو يشكّل عيّنة عما يتقنه القيّمون على البلدية وهو الفشل، ولا شيء غير الفشل. وذلك إلى أن وجدوا فيه فرصة للإستفادة الشخصية، فبدأ التعاطي يصبح جدّياً ولكن بشكلٍ مشبوه.

بتاريخ 23/9/2021، عقد المجلس البلدي لمدينة بيروت برئاسة جمال عيتاني، جلسة طرح فيها الموافقة على نتيجة المزايدة العامة التي أجرتها لجنة المناقصات لتلزيم تشغيل وصيانة وإستثمار العقار رقم 495 في رأس بيروت كموقف للسيارات، وذلك بعد موافقة المجلس على دفتر الشروط في جلسة عقدت قبل عام تقريباً وتحديداً بتاريخ 30/10/2020، وبعد المماطلة في الملف صُدّق من قبل وزير الداخلية السابق محمد فهمي بتاريخ 5/7/2021 أي بعد 8 أشهر على قرار المجلس البلدي.

عيتاني: «خدوا وقتكم وفكّروا بالملف»

خلصت نتيجة المزايدة العامة التي جرت بتاريخ 17/8/2021 إلى فوز إحدى الشركات التي كانت قد قدّمت عرضاً بدفع مبلغ 297 مليون ليرة سنوياً لتشغيل وصيانة وإستثمار الموقف، وذلك وفق دفتر شروط أعدّه محافظ بيروت مروان عبود، ويتضمن 21 بنداً، إلا أنه وخلال إنعقاد الجلسة، اعترض بعض أعضاء المجلس البلدي، إنطوان السرياني وعبدالله درويش وعدنان عميرات على الشركة التي فازت بالمزايدة، بحجة أن السعر منخفض، ما أدّى إلى تطيير البند من الجلسة برضى وغطاء من رئيس المجلس الذي توجّه إلى الأعضاء بالقول «خذوا وقتكن وفكّروا بالملف» دون أن يعرضه على التصويت حتى، ولو كان يضمن عيتاني أن التصويت سيسقط البند لما كان لجأ إلى التأجيل، ما يؤكد أن المعترضين ليسوا كثر، مع الإشارة إلى أن السعر التقديري الذي خمّنته الإدارة سابقاً في دفتر الشروط يبلغ 240 مليون ليرة لبنانية سنوياً، لكن قيمة السعر إنخفضت مع إرتفاع سعر صرف الدولار خلال المدة التي تأخّر فيها الملف حتى تم تحويله من المجلس البلدي إلى وزير الداخلية لتصديقه ثم إلى المحافظ لتنفيذه، وهذا يطرح سؤالاً عن وجود نيّة واضحة لعرقلة الملف. أما حجة المعترضين على نتيجة المناقصة أي إرتفاع سعر الدولار مقابل الليرة بشكل أصبح معه المبلغ الذي عرضته الشركة الفائزة ضئيلاً، فهي حجة صحيحة لو لم يكن الإرتفاع في سعر الصرف قد حصل بسبب المماطلة خلال المدة التي بقي الملف يراوح مكانه خلالها، وهو إهمال ينسب بطبيعة الحال إلى البلدية ووزارة الداخلية، وليس لأية جهة أخرى.

عبود وقّع إعلان المزايدة دون أن يكترث لإرتفاع الدولار

عندما أحال المحافظ مروان عبود دفتر شروط التلزيم إلى المجلس البلدي بتاريخ 9/10/2020 كان سعر صرف الدولار يقارب التسعة آلاف ليرة، ولكنه عندما وقّع كتاب الإعلان عن إجراء المزايدة العامة بتاريخ 15 تموز 2021 كان الدولار قد لامس العشرين ألف ليرة. أي أن السعر الذي ستنطلق منه المزايدة وهو 240 مليون ليرة كان قد فقد أكثر من نصف قيمته ولكن المحافظ لم يكترث ورغم ذلك وقّع إعلان المزايدة بدلاً من إعادة النظر بالسعر التقديري الذي أصبح غير واقعي وفي غير مصلحة خزينة البلدية.

درويش يحضر عرضاً

«فركش» رئيس المجلس والأعضاء الجلسة كي لا يوافقوا على نتيجة المزايدة، وتم تأجيلها إلى جلسة لاحقة لإعادة النظر بالموضوع، لكن المعلومات تؤكد أن هناك نيّة جدية لعرقلة قرار الموافقة على نتيجة المزايدة ولو تتطلب الأمر عدة جلسات لاحقة، لأن المعلومات تشير إلى أن العقار المذكور هو مطمع للكثيرين بفضل موقعه في شارع الحمرا. وفي هذا الإطار وفي معلومات خاصة بـ «اللواء» أن عضو المجلس البلدي عبدالله درويش وبعد جلسة المجلس البلدي التي تم فيها التأجيل، أحضر بنفسه عرضاً موقّعاً من قبل أحد الأشخاص من آل الحلبي، وسجّله بقيمة 300 مليون ليرة، أي بفارق 3 ملايين ليرة عن سعر الشركة التي فازت بالمزايدة (297 مليون ليرة). واللافت أن سبب اعتراض درويش والأعضاء الآخرين هو تدنّي المبلغ المعروض من الشركة الفائزة بالمزايدة ولكنه لم يتردد بإحضار عرض مماثل. هذا فضلاً عما تثيره خطوة درويش والأعضاء المعترضين من تضارب المصالح والشبهات، لأن إقدام عضو مجلس بلدية بيروت على تقديم عرض معين لمزايدة عمومية وحصوله على دعم بعض زملائه في المجلس لتطيير الجلسة التي من شأنها إقرار الموافقة على نتيجة المزايدة القانونية، يعني أن هدف العضو البلدي هو غاية في نفس يعقوب.