بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أخبار دولية

30 تشرين الثاني 2022 05:40م ماكرون يزور واشنطن.. وهذه أبرز الملفات

حجم الخط
يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بثاني زيارة دولة له إلى الولايات المتحدة منذ انتخابه لولايتين رئاسيتين.

ويحرص الإليزيه في هذه الزيارة على إظهار "الامتياز" الذي يحظى به ماكرون من قبل واشنطن لإقامة مثل هذا الاستقبال لرئيس أجنبي، وتميز العلاقات الفرنسية الأميركية.
لا شك أن العلاقات بين البلدين مرّت خلال الفترة الأخيرة بتباينات عبّر عنها الجانب الفرنسي علناً؛ بداية من أزمة عقد الغواصات مع أستراليا، حيث قامت كانبيرا بإلغائه بعد تشكيل التحالف الأمني الاستراتيجي "أوكس" بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، ما تسبب بأزمة دبلوماسية بين واشنطن وباريس. ولاحقاً جاءت الحرب في أوكرانيا لتظهر تباعد الرؤيتين في التعامل مع هذه الأزمة على صعد عديدة، أبرزها الطاقة، وهنا تلقى الجانب الأميركي بشكل واضح انتقادات ماكرون عندما قال إن "أميركا تبيع الغاز لأوروبا بأربعة أضعاف سعره.. ليس بهذه الطريقة يتصرف الأصدقاء".

تلك المسائل سيكون ماكرون قادراً على نقاشها بشكل ودي مع الرئيس جو بايدن، حيث سيجتمعان حول مائدة عشاء في واشنطن، وترى مصادر في الرئاسة الفرنسية أن ذلك سيكون موقفاً مريحاً للخوض في كل التباينات بين البلدين "في إطار غير رسمي وصريح وودود للغاية".
أوكرانيا والتصعيد مع روسيا
إلى ذلك، تعتبر باريس العاصمة الغربية الوحيدة التي لا تزال تحافظ على قناة تواصل مع الكرملين، هذا الأمر تسبب في تباعد وجهات النظر أكثر بين فرنسا والولايات المتحدة، حيث دعا ماكرون نظيره الأميركي، من دون تسميته، إلى عدم التصعيد "لا بالألفاظ ولا بالأفعال" تجاه روسيا عندما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"مجرم حرب"، لكن يبدو أن النزعة الأميركية بدأت تتغير وموقف واشنطن يقترب، وإن ببطء، من رؤية فرنسا حول هذه الحرب وضرورة عدم التصعيد تجاه روسيا، ذلك يمكن استنتاجه من خلال تلميح رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي، إلى وجود فرصة محتملة للمفاوضات.
التلميح الأميركي إلى وجود "فرصة" للتفاوض تتلقفه باريس بشغف، لأن الأثمان التي تدفعها أوروبا نتيجة موقفها في هذه الحرب أكبر بكثير مما تدفعه الولايات المتحدة، وبرغم أن فرنسا قادت جهود فرض العقوبات على موسكو أوروبياً، فإنها لم تفعل ذلك عن غير دراية بالتبعات التي يمكن أن تحدث، بل كانت تعوّل على أن شعار "أميركا أولاً" انتهى، وعلى مدى صدق المقولة السائدة في الأوساط الدبلوماسية الفرنسية بأن "جو بايدن ليس دونالد ترمب"؛ لكن قانون خفض التضخم الذي أقرته إدارة الرئيس بايدن يشير إلى أن إرث "أميركا أولاً" لم ينته بخسارة دونالد ترمب للانتخابات.

"الحمائية الأميركية" والتضحية بالأوروبيين
قانون خفض التضخم الذي سيبدأ تطبيقه مطلع العام المقبل في الولايات المتحدة، ترى فيه أوروبا "إجراءات تمييزية" ضد شركاتها، لكن في النقاشات السياسية الفرنسية، الخيبة أكبر من ذلك بكثير، إذ ترى باريس أن واشنطن تدفع فرنسا والاتحاد الأوروبي إلى حافة طريق يصبحان فيه ضحايا على هامش المنافسة العالمية.
بيد أن ماكرون والأوروبيين يعلمون جيداً أن إعادة النظر في هذا القانون ليس في صلب اهتمام بايدن، لكنه على الأقل سيسعى إلى الحصول على "إعفاءات" لبعض الصناعات الأوروبية، وذلك سيحدث من خلال تنازلات طفيفة يقدمها الطرفان بدءاً من ملف "أوكس" وصولاً إلى ملف تبعات الأزمة الأوكرانية. في هذا السياق، يبدو أن البيت الأبيض منفتح على الخوض في هذا الحديث من أجل دفن الأحقاد بين الأوروبيين والأميركيين، إذ يقول المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن واشنطن مستعدة "لإيجاد طريقة لمعالجة هذه المخاوف".

على أي حال، تبقى الحاجة الأوروبية للولايات المتحدة في هذه المرحلة أكبر بكثير من حاجة واشنطن لقارة تكاد دولها تختلف على كل شيء، وتشهد مرحلة فتور "الصداقة" بين ألمانيا وفرنسا، لكن تجسيد نوع من القيادة الأوروبية إلى جانب بايدن من خلال زيارة ماكرون، قد يكون فرصة للرئيس الفرنسي من أجل استعادة شكل من أشكال اللحمة، فجزء كبير من مشاكل أوروبا ليس داخل حدودها.