بيروت - لبنان

اخر الأخبار

صحافة أجنبية

30 كانون الأول 2023 12:00ص من إعلام العدو: صحيفة «يديعوت احرونوت»: وَهَم نفي الفلسطينيين من غزة

حجم الخط
د. أفيشي بن ساشون غورديس 

اليمين الإسرائيلي، وخاصة في جناحيه الاستيطاني والديني، يتخيّل علناً وببراعة إخلاء السكان من قطاع غزة على خلفية الحرب. ومقابل الدعوات لقتل مئات الآلاف من الفلسطينيين، ترتفع أصوات بارزة في معسكر الاستيطان اليهودي، وتعرب عن غضبها من بنيامين نتنياهو بدعوى بحثه مع الأميركيين نقل المسؤولية عن قطاع غزة.
لا ينبغي للمرء أن يقع في هذا الفخ، وإذا لم يكن لأسباب أخلاقية، فإنه من الناحية العملية وهم كامل.
أولا، لا تستطيع إسرائيل أن تتحمّل ترحيلا متعمّدا من هذا النوع لأن المجتمع الدولي لن يتسامح معه. لقد علمتنا الحرب الحالية درساً مهماً، وهو أن إسرائيل تحتاج إلى دعم الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى لكي تتمكن من البقاء بأمان، وهذا الدعم يقدم لأسباب مختلفة، أحدها الانتماء إلى عائلة «الحق» ربما يكون الترحيل الجماعي في الصين وروسيا أمرا يمكن القيام به في القرن العشرين، ولكن في الأسرة الدولية التي نفضل الانتماء إليها، لم تعد مثل هذه الأشياء تحدث، وأولئك الذين يرتكبونها لا يحصلون على جسر جوي من الأسلحة وحاملات الطائرات المخصصة لحمايتهم، ويتعرضون للعقوبات والنبذ.
سيكون أمراً رائعاً لو تم حفظ هذه الأوهام في الاجتماعات التحريرية في القناة 14 أو إدارة مجلس يشع. إن الإصرار على جرّنا جميعاً إلى محادثة تبدو جادة حول الفكرة يلحق الضرر بإسرائيل وبالحرب العادلة التي بدأناها في غزة. وكل خديث عن البناء او إلقاء قنبلة ذرية أو وثيقة سياسية صادرة عن إحدى الوزارات، تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي وتؤخذ على محمل الجد خارج إسرائيل. والنتيجة هي اختصار الساعة السياسية لإدارة القتال والقدرة على هزيمة حماس وإعادة المخطوفين.
وغني عن القول أنه حتى لو لم تتم معاقبتنا وعزلنا، لا يجب علينا ترحيل الفلسطينيين من القطاع. وعلى أية حال، فإن فكرة وضع مليوني شخص قسرياً على متن السفن والطائرات والحافلات دون وجهة محددة، لن تجعلهم يكفون عن الشوق للعودة إلى بلادهم، كما لم يحدث خلال الـ 75 سنة الماضية. وإذا كان هناك من يعرف أن الأمة لا تنسى بسهولة، الأرض التي أخرجت منها، فهو نحن.
من حقنا وواجبنا أن ندافع عن أنفسنا ضد محاولات إلغاء حقنا في الوجود. وفي الوقت نفسه، علينا أن نجتث فكرة تهجير الملايين من الرجال والنساء والأطفال من منازلهم بشكل دائم. الجواب الأخلاقي الواضح للبعض هو أنه يجب تشجيع الفلسطينيين على المغادرة وأن ذلك في مصلحتهم. ومن خلال القيام بذلك، فإنهم يحاولون التسلل في رسالة خاطئة. صحيح أن الفلسطينيين الذين يرغبون في ذلك لا ينبغي منعهم من الهجرة من وطنهم. لكن هناك فلسطينيون يفضلون مغادرة بلادهم كما أن هناك إسرائيليين يرغبون في المغادرة والهجرة إلى الخارج، لكن يكفي أن نتخيل كيف سيكون شعورنا لو تم الإعلان عن خطة سعودية لمنح كل يهودي يغادر منحة الاستيعاب في سنغافورة، كي نفهم أن الاقتراح البريء لتشجيع الهجرة ليس بريئا عندما يصبح خطة سياسية.
في تركيزه على إخفاء ملايين الفلسطينيين وإقامة المستوطنات في المناطق التي سيهجرون منها، فإن اليمين الذي يحب أن يدعي أنه هو الواقعي وحده، يتبين مرة أخرى أنه معسكر الخيال.

محاضر في قسم الإدارة في جامعة هارفارد