بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تموز 2023 12:00ص كيف نتعامل مع السلوك العدائي عند الأطفال؟

حجم الخط
تُعرَّف العدائية لدى الاطفال على أنها إحدى السلوكيات العنيفة التي تظهر عندهم اثناء تعاملهم مع الاخر، كبيراً كان أم صغيراً..
كما أنّ الدليل التشخيصي والإحصائي للإضطربات النفسيه الخامس DSM5 ؛ 
حدّد أنواع هذا السلوك العدائي وهي:
١-اضطراب التحدي الإعتراضي:
وهو سلوك غاضب، مجادل / تحدي أو انتقامي يدوم لاكثر من سته أشهر عند الطفل أو المراهق.
٢-الاضطراب الإنفعالي:
نوبات غضب شديدة: عدوان لفظي وبدني حتى اذا كان الاستفزاز بسيط.
٣-اضطراب المسلك:
وهو نمط من السلوك المتكرر الذي ينتهك فيه الطفل حقوق الآخرين ويتعمّد ذلك، من خلال تدمير ملكيتهم و الحاق الضرر بأغراضهم وأخذها أحياناً.
٤-اضطراب الشخصيه المضاده للمجتمع:
هنا تكون شخصية الطفل  سيئة التكيف مع المجتمع والمحيطين به، أفراد الاسرة/الرفاق/المعلمين وحتى الوالدين.
• كيف يُفسّر التحليل النفسي  طبيعة هذا الاضطراب؟
إنّ من ابرز مظاهر السلوك العدائي التي يلحظها الاهل عند الطفل هي «العض»، حيث أن الطفل عندما يُستَفَز تلقائياً يُغرِز أسنانه الصغيرة في أقرب منطقة يستطيع التمسك بها في جسد الاخر «المُستفِز».و طبعاً نحن نعلم أن هذا السلوك شائع لدى الحيوانات خصوصاً القطط والكلاب لأنها تعتمد على الجانب الفطري والغرائزي للدفاع عن نفسها تماماً مثل الطفل.فمنذ بداية اعوامه الاولى، الطفل يُدرِك العالم الخارجي عن طريق الفم..اذ اننا نراه اذا امسك بأي غرض حتى وان لم يكن صالحاً للاكل يدخله الى فمه، يتفحصه بأسنانه الصغيرة.حتى خلال مرحلة الرضاعة في الاشهر الاولى فهو اذا ما انزعج من اي أمر او تأخرت امه عليه يقوم بسلوك عض الثدي حتى من خلال اللثة .
بالاضافة الى ما نسميه في علم النفس بِـ«التثبيت» على المرحلة الفموية..Fixation orale، وطبعاً اذا ما رُبِط هنا سلوك العض بالحصول على الحليب باللاوعي سيُصبح هذا السلوك سلاح في فم الطفل ليحصل على ما يريده خلال السنوات التالية.
• هل المرحلة الفمية، سادية أحياناً؟
نعم، في النصف الثاني من السنة الأولى,  يحل العض محل إدماج الثدي في الفم، وهذا يكون بسبب بداية ظهور أسنان الطفل.
• السلوك العدائي إن كان فطرياً، فهل  يكون أيضاً مُكتسباً؟
بالطبع، معظم سلوكات الاطفال العنيفة والعدائية هي مُتعلَّمة إما من الاهل أو أحد افراد الاسرة، أطفال آخرين وحيوانات أيضاً، فبحسب حالة كل طفل وطبيعة سلوكه العدائي ومظاهره تستطيع الام ان تحدد منشأ هذا السلوك الذي اذا تتطور يصبح اضطراباً فيما بعد، و من مظاهر السلوك العدائي لدى الاطفال نذكر :
١-العنف البدني: ايذاء النفس او الاخر من خلال العض، الضرب والركل .
٢-العنف اللفظي: استخدام السباب والشتائم والكلمات المهينة بحق الاخر.
٣-العنف الرمزي:و هو من أخطر مظاهر العنف لان الطفل هنا يكون قد وصل الى فرض سيطرته الكاملة على والديه.
• ما هي الاسباب المسؤولة عن السلوك العدائي والعنفي لدى الاطفال؟
سبق وان ذكرنا ان اي سلوك يحدثه الطفل هو مُتعلَّم، لذلك فإن الطفل إما أن:
١-يتماهى مع الحيوانات الاليفة لانه دائما يقارن نفسه بها نظرا لتقارب حجمها من صغر حجمه.
٢-إن الطفل المعنِّف هو طفل مُعنَّف ولا بد ان السلوكات التي يمارسها هي اصلا تُمارس عليه إما من قِبل رفاقه، والديه والاقرباء.
٣-تشجيع الطفل على ضرب الاخر كي يكون قوياً.
٤-العاب الفيديو والحروب الافتراضية والكرتونية واندماج الطفل بها.
٥-شعور الطفل بالخوف، الاحباط او الوحدة.
٦-المشاجرات الزوجية، نعني تحديداً اذا ما كان الاب يضرب زوجته مثلا فهذا السلوك من أول الاسباب المسؤولة على تكوين شخصية عدائية لدى الطفل بالاضافة الى حبه لان يقلد والده دائماً.
• العلاج بيد الاهل قبل اللجوء الى المعالج النفسي..
١-منذ مرحلة الرضاعة: يجب الامتناع عن منحه الثدي تلقائياً فور حدوث سلوك العض بل يجب تعويده ان هذا السلوك لم يأتي بنتيجة وعليه الانتظار.
٢-محاورة الطفل دائماً حتى خلال اشهره الاولى، لان هذا سيعلمه ان الانسان يعبر عن مشاعره بالكلام وليس بالعنف، و خلال مداعبته على الاهل تجنب عضه للتعبير عن حبهم له.
٣-مقارنة الانسان بالحيوان مقارنة جيدة وليست سلبية أي اننا نستطيع ان نقدم له تفسيرات حول ميزة الانسان عن سائر المخلوقات أنه يجيد الكلام دون ان نهين الحيوان.
٤-منذ سنواته الاولى يستطيع الوالدين التمثيل أمامه انهما يحلان مشكلة ما، و التقنية هنا تكون الحوار الفعال مع الوصول الى حل .
٥-مساعدة الطفل على التعبير عن ذاته وعن مشاعره من خلال الكلام دون خوف.
٦-الامتناع عن ممارسة العقاب البدني واحترامه تماماً، فمثلا عندما يظهر الطفل اي سلوك عدائي حتى وان كان بدني علينا ان لا نرد عليه بالاسلوب نفسه، بل بأسلوب مغاير تماماً.
٧-اعتماد العقاب التربوي البناء، كأن نحرمه من لعبة يحبها، نطلب منه ان يذهب الى غرفته ويبقى لوحده بعيدا عن الجميع، اعني هنا عزله وليس حبسه او اخافته او اطفاء النور في الغرفة.
٨-التوجه الى سلوكه وليس الى شخصه:
علينا ان نمتنع تماما عن توجيه اي اهانة له وعلينا ان نحرص على عدم منحه صفات سلبية
مثل :طفل غير مهذب/عدائي/عنيف.. لان  المطلوب هو إطفاء السلوك وليس تعزيزه..
لذلك نستطيع ان نقول له:بسبب سلوكك هذا انت معاقب..
٩-تفهم حاجة الطفل ومشاعره وتذكيره دائماً ان الطريقة المعتمدة للتعبير عما نريده، هي من تحدد اذا كنا سنحصل عليه أم لا.
١٠-تعزيز السلوك المرغوب به دون ان نذكره بالسلوك القديم: فمثلاً اذا عبّر عن مشاعره بالكلام دون ان يظهر اي سلوك عدائي، يمكننا ان نقول: ان افهمك، ما قلته هو مفهوم، ما رأيك ان نفكر بالحل سوياً.
١١-تقديم الهدايا له دون ربطها باظهار السلوك المرغوب به: بعد مرور فترة أقلها عدة ايام على ظهور السلوك الجيد وندرة حدوث السلبي
نستطيع ان نقدم له هدية ونكرر امامه ميزاته التي يتمتع بها وانه يستحق هذه الهدية (دون ذكر السبب الاصلي)لان الطفل سريعا ما يربط الاسباب وسيصبح يتعمد السلوك الجيد فقط للحصول على هدايا وهذا ما سيولد لديه اضطرابات اخرى…

مختصة نفسية