بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 آذار 2024 12:01ص آرون بوشنيل شهيد غزة

حجم الخط
الجندي الطيار في القوات الجوية الأميركية (25 عاما)، الذي كانت صيحته تملأ دار السفارة الإسرائيلية في واشنطن، استيقظ فجأة على هول الجريمة في غزة، على هول الإبادة الجماعية في غزة، لم يتحمّل مشهد قتل الأطفال والنساء والشيوخ، ترمي عليهم غارات الطيران الإسرائيلي حممها وقنابلها، لم يتحمّل نهر الدماء الجارف في غزة، وهو يكبّ المدينة لذقنها، لم يتحمّل موقف دولته، ولا موقف رئيسها، من المذبحة الجماعية في غزة، لم يتحمّل إستباحة المدينة بكل ما فيها، لم يتحمّل مشهد حقول الورد في غزة وهو يسيل دما، على أيدي الحكومة الإسرائيلية، وعلى أيدي رئيسها نتنياهو، وعلى أيدي الإدارة الأميركية، وعلى أيدي رئيسها بايدن، فأراد أن يصنع الربيع، كما فعل البوعزيزي، إستيقظ فجأة على ربيع الولايات المتحدة الأميركية في عز الإنتخابات، وأضرم النار في بدنه شعلة، وسجل قطرة دم في باحة السفارة الإسرائيلية، هاتفا: لا للإبادة الجماعية في غزة! لا للشهود الأميركي والأوروبي والعالمي، على جريمة العصر في غزة! لا للسكوت القاتل. لا للفيتو الأميركي القاتل، على وقف الحرب على غزة.
يقظة هذا الشاب العشريني، من القوات الجوية الأميركية، اخترقت مقبرة الصمت العربي والعالمي في غزة. أراد أن يشعل حربه، دفاعا عن شعب يساق إلى المحرقة، التي يضرمها النازيون الإسرائيليون الجدد في غزة. وقف يشعل النار في ثوبه العسكري، يشعل النار في زي القوات الجوية، ويهتف بملء صوته: فلسطين حرّة!
أضاء آرون بوشنيل شعلته، في اليقظة المفاجأة. فاجأ جميع شباب العالم. فاجأ جميع الشباب الحر في العالم. تقدمهم بشعلته، يضيء معركة الصمود، معركة الوجود، معركة الأحرار، معركة شعب، يخرج من تحت ركام غزة، ويصيح معه في لحظة واحدة: كفى إجراما، كفى دماء، كفى أطفالا وعجائز ونساء، للمحرقة!
شاب يصنع الربيع الفلسطيني بدمه. يرهب عتاة النازية الجديدة في تل أبيب. يرهب مجرم العصر نتنياهو، ويسوقه بدمه عاريا إلى محكمة التاريخ، حيث رؤوس الطغاة، تحت نصل المقصلة.
فهل يتعظ الشباب الأميركي؟ فهل يتعظ الشباب الإسرائيلي؟ فهل يتعظ الشباب العربي؟ فهل يتعظ الشباب الفلسطيني، ويربحون الجولة الثانية؟
آرون بوشنيل، شهيد غزة، جرى في باحة السفارة الإسرائيلية، قبالة العلم الإسرائيلي، وقبالة العلم الأميركي، وبيده شعلة الربيع الفلسطيني، يضيء المرحلة، يبدّد بنار ثوبه العسكري، بنار روحه، بنار بدنه، بنار جيله، الظلمة الداجية، على شعب يذبح منذ مئة وخمسين يوما، مثل الأضاحي، أمام الرأي العام العالمي، ولا يجد في مجمع القادة والرؤساء والعقلاء والحكماء، من يتجرّع السم، ويقول الحقيقة.
لا يجد آرون بوشنيل، من يهبّ لنجدة غزة، لنجدة أطفال غزة، لنجدة شعب فلسطين، وهو يذبح من الوريد إلى الوريد، وهو يساق إلى المذبحة، إلى المحرقة، إلى سوق الإبادة الجماعية، حتى ينتشي نتنياهو من الدماء الفلسطينية، ويمدد لنفسه الحكم، فوق الدماء البريئة. فكم تحتاج حكومته لمثل آرون بوشنيل، حتى تسقط، ويرحل نتنياهو، إلى محكمة العدل الدولية، إلى محكمة التاريخ، بوصفه مجرم حرب، طيلة عصره، وهو يعبّ الدماء البريئة.