بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الثاني 2021 12:02ص أحمد المعماري أحد صنّاع عروبة لبنان

حجم الخط
عند وفاة قائد جيش لبنان العربي أحمد الخطيب عام 2014، بكى الرائد أحمد معماري (قائد منطقة الشمال في جيش لبنان العربي عام 1976-1977) قائده ورفيق دربه ونضاله، وتقبّل التعازي به في مقر دار الزهراء في أبي سمراء.

صحيح أن المعماري تنحّى جانبا إبان الصراع على النفوذ بين الجيش السوري ومنظمة التحرير الفلسطينية، ورفض أن يكون جزءا من الاستقطاب الحاد بينهما، لكنه ظلّ حتى أيامه الأخيرة مؤمناً بكل الأسباب التي دفعته مع رفاقه العسكريين والضباط الى إشهار سيف التمرّد على الجيش اللبناني والدولة معا، ويومها سيطر جيش لبنان العربي حتى على البنك المركزي دون أن تقرب قواته من الحسابات المالية السرية والعلنية لمصرف لبنان، بل وفّروا له الحماية المطلوبة.

فجيش لبنان العربي برأي المعماري كرّس عروبة لبنان التي أقرّها الطائف كتسوية مع المسيحيين قابلها المسلمين بالموافقة على نهائية الكيان اللبناني.

منذ نهاية سبعينات القرن الماضي اعتكف المعماري عن العمل العسكري، وانصرف الى العمل الإنساني والخيري، وخصوصا عوائل شهداء الجيش العربي. والبداية كانت من مركز قرب مطار القليعات في عكار، ثم انتقل الى طرابلس حيث وضع مداميك مشروع تعليمي إنساني معني بفقراء طرابلس والشمال، فكانت دار الزهراء مشروع المعماري الذي بقي تحت رعايته واهتمامه حتى أيامه الأخيرة.

لكن اهتمام المعماري بالعمل الخيري والإنساني، لم يصرفه عن متابعة الوضع العربي الممزّق بين المحيط والخليج، وظل يردّد أنه فخور بما فعل، ولا يدّعي أنه أدّى قسطه للعلى، بل دائما ما يتمنى ألا يكون مقصّرا فيما اقتدر عليه.

أحمد المعماري شخصية طرابلسية لبنانية عربية مسلمة تركت بصمتها القوية في التحوّلات والمنعطفات الكبرى التي شهدها لبنان. وإذ لم تنصفه وجيش لبنان العربي الظروف والأقدار السياسية، فقد كان شديد الإيمان بالله وبالناس التي تعرف الخبيث من الطيب، طالبا من رفاقه العسكريين ممن لم ينقطع معهم حبل التواصل الوقوف خلف الجيش اللبناني ودعمه. فالجيش هو الطرف الوحيد الذي أنجز المعماري مصالحة معه، أما بقية رموز الحرب والميليشيات التي فتكت بالوطن فموقفه منها لم يتبدّل ولم يتغيّر رغم موجة المصالحات الفلكلورية في بعض المحطات والظروف، تماماً كما لم تتبدّل بوصلته عن فلسطين والقدس الشريف.

اليوم شيّعت طرابلس الرائد أحمد العماري في جو من الحزن، عسى أن تستفيد الأجيال من تجربته الثرية. رحم الله أحمد المعماري، والعزاء لأهله وأسرته وأصدقائه ورفاقه ومحبيه وهم كل طرابلس والشمال.