بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 آذار 2023 12:00ص أكاذيب تكشفها حقائق الشيخ العيسى والكاردينال شونبورن

حجم الخط
حدثان مهمان كبيران حصلا في خضم هذا العالم المضطرب والمنفلت من كثير من القيم الدينية التي أرستها الرسالات السماوية الخالدة، ومن القيم الأخلاقية والإنسانية التي أخذتها غطرسة الدول وشبقها بإعادة السيطرة ومد النفوذ وتصعيد الهجمات فيما بين دولها وأحداث انقلابات لدى شعوبها لاعتبارات عنصرية وادّعاءات طائفية ومذهبية وتوسعية. والتهديد باستخدام مخزون أسلحتهم النووية والصواريخ العابرة للقارات ذات الرؤوس النووية، مما بات يهدّد الإنسانية كلها، فأمم العالم ودولها كبيرها وصغيرها على أبواب حروب وصراعات ونزاعات إذا ما نشبت سوف تطيح بأسس الحضارة البشرية التي جهدت أمم الأرض وشعوبها ببنائها زمنا اثر زمن إلى أن وصلت إلى أعلاها مدنيا وحضارة وعلما وتقدّما في كل ميادين الحياة الإنسانية.
ومن جهة أخرى، ما نراه يتأتى من بعض دول غربية وغير غربية من إرهابيين وعنصريين ومن شخصيات وأعلام متحيّز ومن أحقاد وهجمات تطال الدين الإسلامي الحنيف ونبيه وإحراق نسخ من القرآن الكريم ورسوم مسيئة وممارسات إجرامية لا وازع لها و لا رادع من حق ولا دين ولا حرمة ولا قانون ومن الأهمية بمكان للمؤمنين من اتباع الرسالات السماوية ولقادة الأمم والدول والشعوب وخاصة إلى العالمين العربي والإسلامي للعناية والاهتمام والاعتبار. أشير إلى الحدثين الهامين الكبيرين المشار إليهما بداية هذا المقال، الأول إصدار وثيقة مكة المكرمة وهي احدى نتائج المؤتمر الدولي الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في شهر أيار من العام 2019 وصدرت الوثيقة المذكورة للعالم في الـ 30 من الشهر نفسه وقد وقّع عليها أكثر من 1200 مفتٍ وعالم بالشريعة الإسلامية يمثلون 27 مذهبا وطائفة من 139 دولة والتي تؤكد على ضرورة احترام وجود الأخر وحفظ كرامته وحقوقه كافة مع التعايش والتشارك والتعاون.
والرابطة، تعرّف الوثيقة بأنها جاءت في اللحظة التاريخية المناسبة للتجديد في صياغة الأحكام الشرعية والمبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام والتي تنير معالم الطريق أمام المجتمع الدولي نحو بناء السلام العالمي وصون حقوق الإنسان على أساس من قيم العدالة والانصاف والمساواة.
الحدث الثاني زيارة نوعية لرئيس أساقفة فيينا الكاردينال الدكتور كريستوف شونبورن للسعودية وهي الأولى له بناء على دعوة من الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور عبد الكريم العيسى. والكاردينال هو أحد كبار أمراء الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والذي طرح اسمه مرات عدة سابقة كمرشح لمنصب البابوية والمعروف عنه دوره الدائم في تعزيز الصداقة وتعميق الحوار بين أبناء الحضارات والثقافات المختلفة وفق مشتركها الإنساني والوجداني.
يُعرف عن الكاردينال الصحفي اميل أمين الذي أجرى معه حوارا قبل أعوام عدة بأنه محملا بأفكار إيجابية وخلّاقة عن الآخر، وأنه لا بديل عنده عن الحوار ومواقف متقدمة في أوروبا لا سيما حرية الضمير وبناء المساجد وارتداء الحجاب وان فكرة الحريات الدينية والإيمانية عنده من المسلّمات لا مساس بها ولا تعرّض لها.
والكاردينال شونبورن من مواليد 1945 وهو أستاذ في اللاهوت العقائدي في إحدى جامعات سويسرا، وأستاذ مساعد في علم لاهوت الشرق المسيحي وفي اللاهوت العقائدي، وعضو في مجمع الكنائس الشرقية. وعقدت الشخصيتان اجتماعات في مدينة الرياض وأجريا مناقشات جادة حول أهمية التعاون والتواصل الفاعل بين قادة الأديان في مواجهة افكار ودعوات الصدام الحضاري ونهاية التاريخ المشؤومتين، الأولى للأميركي صموئيل هنتغتون والثانية للأميركي فرنسيس فوكوياما، وطرح الشخصيتان رؤى تسامحية وتصالحية لتعميق الحوار بين شعوب العالم. ونوّه الكاردينال بالمساعي السعودية للفصل بين الدين الإسلامي وظاهرتي الارهاب والانغلاق، مؤكدا أهمية وثيقة مكة المكرمة في مواجهة الكراهية والأفكار المتطرفة ونشر التسامح والعيش المشترك. وأضاف أن حرية التعبير بريئة من الاساءات للإسلام، مبيّنا أن الإساءة الكاريكاتورية إلى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، والاقدام على حرق نسخة من المصحف الشريف لا يصنفان على أنهما حرية تعبير، رافضا الأعمال التي قام بها البعض مؤخرا وأعرب عن اعتقاده بأن الحرية الشخصية تتطلب احترام الأخر وعدم الإساءة إليه بأي شكل كان ووعد بطرح فكرة مشتركة لتعظيم قيم الأديان السماوية والتصدي لأي إساءة للنبي محمد وللمسلمين منددا بحرق نسخة من المصحف في السويد، وصرح قائلا، أنا أفكر دائما في المسلمين وكيف يتجهون يوميا إلى مكة المكرمة في صلواتهم لأنها أرض مقدسة لجميع المسلمين في أنحاء العالم، وأضاف في وطني الأم 7 بالمائة مسلمون ويلازمني شعور بأن أرض الحرمين الشريفين هي أرض مقدسة لجماعة كبيرة تعيش في النمسا، وشدّد على ضرورة اتخاذ خطوة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين وهي أن يعمل الطرفان على فكرة معارضة المسيحيين لكل ما يسيء للإسلام وللقرآن والنبي محمد سواء بالرسومات المسيئة أو بالحرق وهذه لا تنتسب إلى المسيحية، ودعا المسلمين والمسيحيين الى تعرّف الشباب على حضارات بعضهم وضرورة تعزيز التربية والتعليم وبمنهج الكتب للتعريف بالآخر وتوضيح الصورة عنه. وذكر بأن ما لفت انتباهه حيوية العالم العربي الممتلئ بالشباب عكس أوروبا التي يحزن على شعوبها التي تكاد تنقرض بحياة الأنانية والتمتع الشخصي ورفض تكوين أسرة وإنجاب أطفال.
بعد هذا العرض المسهب الواضح في توجهاته، وغاياته، ومسعاه، ولا يحتاج سوى التنبيه والحذر مما يجري تحضيره من قوى مشبوهة بالدعوة إلى ما يسمّى الديانة الإبراهيمية المدانة من علماء المسلمين وجميع المسلمين والتي تحركها الصهيونية للالتفاف على حق العرب والفلسطينيين بأرضهم المقدسة بفلسطين وحسنا فعل الكاردينال بحصر التعاون والتشارك بين الديانتين الإسلامية والمسيحية.