بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الثاني 2024 12:01ص اغتيال العاروري وضع لبنان على فوهة بركان .. ومخاوف من استخدامه ساحة تصفيات

باريس قلقة على «يونيفيل» .. وبيروت متمسكة بـ1701 وترفض تعديله

حجم الخط
وضعت جريمة اغتيال الرجل الثاني في حركة «حماس» ونائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري، بواسطة مسيَّرة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، لبنان على فوهة بركان، ودفعت الوضع على الحدود الجنوبية إلى ذروة التصعيد الميداني، وسط حبس أنفاس غير مسبوق، لطبيعة الرد على هذه الجريمة ، حيث الأنظار مشدودة إلى موقف «حزب الله» الذي أكد أنه سينتقم لمقتل العاروري، سيما وأن عملية الاغتيال حصلت في عقر داره وفي مربعه الأمني، بانتظار ما سيقوله أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي يتوقع أن تعطي كلمته، إشارة الانطلاق للرد على مقتل العاروري. 
وإذ لا تخفي أوساط سياسية، قلقلها من إمكانية أن تعمد إسرائيل بعد اغتيالها العاروري،  إلى استخدام الساحة اللبنانية لتصفية حساباتها مع الفصائل الفلسطينية، سواء «حماس» أو «الجهاد الإسلامي»، أو غيرهما من التنظيمات التي يمكن وصفها بأنها أذرع إيران في المنطقة، فإن مصادر «الثنائي»، تؤكد أن «الانتقام للجريمة لن يتأخر، وستدفع إسرائيل الثمن غالياً»، مشددة على أن «استهداف الضاحية الجنوبية بهذه الطريقة الإجرامية، لن يمر مرور الكرام، وأن حزب الله سيبرهن أنه جاد في الرد على التمادي الإسرائيلي، ولن يسمح لجيش الاحتلال بتحقيق أهدافه»، بعدما اعتبر «حزب الله» أن «جريمة اغتيال العاروري ورفاقه في قلب الضاحية ‏الجنوبية لبيروت، إعتداء خطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه ‏من رسائل سياسية وأمنية ‏بالغة الرمزية والدلالات، أن هذه الجريمة لن تمر أبدًا من ‏دون رد وعقاب» .
وإذا كانت صورة المشهد الجنوبي ما زالت على حالها من التصعيد المتبادل بين «حزب الله» وإسرائيل، مع بداية العام الجديد، فإن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على المناطق الجنوبية، وحتى البعيدة عن الخط الأزرق، ينذر بالأسوأ وخروج الوضع عن السيطرة في أي وقت، وخاصة بعد جريمة اغتيال العاروري ما قد يجعل الوضع العسكري قاب قوسين أو أدنى من حرب واسعة النطاق، بعدما بدا أن جيش الاحتلال عازم على أخذ الأمور إلى مزيد من التصعيد، إذا لم يسحب «حزب الله» عناصره إلى خارج منطقة جنوب الليطاني. وقد ظهر بوضوح من خلال مواقف المسؤولين الإسرائيليين، السياسيين والعسكريين، أنهم مصرون على هذا الهدف، ويضعونه في سُلَّم أولوياتهم، سواء بالدبلوماسية أو بالقوة، حتى لو اضطرها ذلك إلى خوض حرب مع لبنان، بانتظار ما سيقوله الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بهذا الشأن .  
وفيما يؤكد مسؤولو جيش الاحتلال أن الواقع سيتغير حتماً على الحدود الشمالية، فإن ما نقل عن وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو، لدى تفقده كتيبة بلاده العاملة ضمن قوات «يونيفيل» في قاعدة دير كيفا الجنوبية، أثار الكثير من القلق على مصير الوضع في الجنوب، لناحية إشارته إلى أن «هذه المهمة يمكن أن تصبح خطيرة جدا». مع ما لذلك من مخاوف على مستقبل «يونيفيل» وعلى عمل عناصرها في لبنان، وما إذا كان لهذه المخاوف، علاقة بما يشاع عن أن إسرائيل تهدف إلى غزو لبنان مجدداً، سعياً لإقامة منطقة عازلة لحماية حدودها، بعد إبعاد عناصر «حزب الله» إلى شمال الليطاني، في وقت قال مصدر إسرائيلي، إن «بعض الجنود الذين سيغادرون غزة سيكونون مستعدين لاحتمال التصعيد ضد «حزب الله» على الجبهة الشمالية، حيث تزايدت، في الأيام الأخيرة، عمليات تبادل إطلاق النار المتكررة على الحدود». وأشار إلى أن «الوضع على الجبهة اللبنانية لا يمكن أن يستمر. ففترة الأشهر الستة المقبلة هي لحظة حرجة».
وبانتظار عودة الموفد الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت، سعياً من أجل خفض التصعيد بين لبنان وإسرائيل، وبما يساعد على إنجاز ملف الترسيم البري بين البلدين، فإن إسرائيل، ورغم رفع مستوى تهديداتها للبنان، فإنها في الوقت نفسه، ستنقل رسالة مماثلة إلى هوكشتاين الذي من المتوقع أن يزور المنطقة قريبا، من أجل الدفع نحو تسوية مع حزب الله». وأشارت المعلومات المتوافرة بهذا الشأن، إلى أن الولايات المتحدة تحاول صياغة اتفاق من شأنه أن يُبقي «حزب الله» بعيدا عن الحدود، في مقابل المفاوضات بشأن الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان.
وفي حين يتعاطى الخارج بجدية مع التهديدات الإسرائيلية، وهو ما سمعه المسؤولون اللبنانيون من زوار بيروت في الأيام الماضية، لناحية أنه إذا لم يتراجع حزب الله إلى ما وراء الحدود، فإن حرباً شاملة تلوح في الأفق، لا يعير «حزب الله» التهديدات الإسرائيلية اهتماماً، وهو يدرك أن إسرائيل لا تقوى على مهاجمة لبنان، لأنها تدرك حجم العواقب، على ما أكده نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ان إسرائيل «ليست في موقع أن تفرض خياراتها» في ما يتعلق بوجود «الحزب» في الجنوب على الحدود مع إسرائيل».
ويذهب «الحزب» أكثر من ذلك، في تأكيد قاسم، على «أننا اتخذنا قرارنا بأن نكون في حالة حرب ومواجهة على جبهة الجنوب في مواجهة إسرائيل، لكن بما ينسجم مع متطلّبات المعركة، وحين تتمادى إسرائيل سيكون الردّ عليها أقوى». وهذا يؤكد أن رفع مستوى التهديدات من كلا الجانبين، قد يفسح في المجال أمام الموفد الأميركي هوكشتاين، لتحقيق إنجاز بالنسبة للترسيم البري، على غرار ما تحقق على صعيد الترسيم البحري . 
وأشارت المعلومات، إلى أن سكان المستوطنات الشمالية الذين نزحوا عنها، يضغطون على الحكومة الإسرائيلية، من أجل تغيير الأوضاع على الحدود مع لبنان، بهدف العودة إليها في أسرع وقت. أي أن الإسرائيليين، وبعد حرب غزة، ربما يرون الآن أن الفرصة قد تكون سانحة، من أجل الدفع باتجاه تغيير قواعد الاشتباك التي أرساها القرار 1701. أي أن جيش الاحتلال لن يقبل ببقاء الوضع على ما هو عليه ، سعياً لإبعاد «حزب الله» إلى شمال منطقة الليطاني، على ما يؤكد عليه قادته في أكثر من مناسبة.
ولكن رغم أجواء التصعيد القائمة، إلا أن لبنان وعلى لسان مسؤوليه، يؤكد في أكثر من مناسبة، تمسكه بالقرار 1701، والحرص على تنفيذه. وفي الوقت نفسه التمسك بدور قوات «يونيفيل»، على ما أكده رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، في إطار الرد على التهديدات الإسرائيلية التي تهدف إلى إجراء تغيير على صعيد قواعد الاشتباك مع لبنان، وبما يتصل بآلية القرار الدولي المذكور، وهو ما ترفضه بيروت بشكل مطلق.