بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 تشرين الأول 2017 12:05ص الإسرائيلي لا يريد الحرب رغم تهويله بها والمقاومة جاهزة لمواجهة أي عمل عدواني

خطاب نصر الله: تطميني للداخل وصندوق بريد للخارج

حجم الخط

تل أبيب قد تلجأ إلى حرب أمنية  عن طريق الاغتيالات والعبوات  لإقلاق «حزب الله»

توقف المراقبون عند الكلام الذي اطلقه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في العاشر من محرم، والذي حذر فيه إسرائيل من مغبة الإقدام على أي حرب على لبنان، حيث خضع هذا الكلام للعديد من التأويلات والتفسيرات سيما وانه جاء في مرحلة تمر فيها المنطقة بمخاض عسير، وقد تفاوتت هذه التفسيرات بين مَن يقول بأن كلام السيّد نصر الله ينذر بحرب قادمة على لبنان، وهناك من قال بأن هذا الكلام هو نوع من الحرب الاستباقية وأن افتقاد إسرائيل لعنصر المباغتة يجعلها لا تفكر على الإطلاق بالقيام بأي عملية عسكرية ضد لبنان غير محسومة النتائج لصالحها.
وفي هذا السياق، تدعو مصادر سياسية مطلعة إلى التعمق كثيراً بخطاب السيّد نصر الله الأخير حيث ان ما تضمنه هذا الخطاب ليس له أي مفعول لبناني، بل هو بمثابة صندوق بريد في كل الاتجاهات وتحديداً في اتجاه الدول التي تضمر العداء للبنان وتريد إلحاق الضرر به وتحديداً إسرائيل والجهات التكفيرية.
عملياً، تتابع هذه المصادر ان السيّد نصر الله قام بنوع من الحرب الاستباقية لتطويق أي حرب إسرائيلية محتملة، خصوصا وأن الإسرائيلي ما انفك يوماً عن القيام بمناورات تحضيراً لهذه الحرب، وهو ابرز من خلال هذه المناورات، لا سيما تلك التي جرت مؤخرا، نواياه في القيام بحرب تدميرية ضد لبنان، وهذا الأمر أعلنه أكثر من مسؤول سياسي وعسكري في تل أبيب.
وفي اعتقاد المصادر ان السيّد نصر الله أراد ان يعطي خطابه بعدا تطمينياً للداخل من خلال النبرة الهادئة التي اعتمدها في مقاربة الواقع اللبناني، وفي المقابل أراد ان يكون خطابه تهديديا للاسرائيلي، حيث صعّد لهجته في وجه إسرائيل من خلال تحذيرها من مغبة الاقدام على أي حرب، وزاد في ذلك بأن شن حرباً نفسية على السكان الإسرائيليين من خلال تحذيرهم من أن القادة الإسرائيليين لا يعرفون إلى ما ستؤدي أي حرب يشنونها على لبنان، داعياً الذين جاءوا إلى فلسطين المحتلة إلى مغادرتها والعودة إلى البلدان التي جاءوا منها.
وفي تقدير المصادر، ان السيّد نصر الله كان واضحاً في كلامه بأن أي عملية عسكرية إسرائيلية على لبنان ستكون باهظة الثمن وهو لذلك أكّد للاسرائيلي بأن يد المقاومة ستطاله لأن كل مساحة إسرائيل ستكون تحت مرمى صواريخ المقاومة.
عملياً، تضيف المصادر، فان الأمين العام لحزب الله أراد في خطابه ان يظهر بأن حزب الله قوي وهو قادر على الصمود امام أي ضغط من قبل الأميركي والإسرائيلي الذي يريد إحباط الانتصارات التي تحصل ويشارك فيها الحزب في سوريا وفي أماكن أخرى، والذي يعرف حقيقة ومدى صدقية كلام «السيد» هو الإسرائيلي نفسه، لذا فإن هذا الخطاب كان له صدى كبيراً في الداخل الإسرائيلي حيث عقدت حلقات نقاش حوله وبدأ المنجمون الاسرائيليون يسألون ماذا يحضر حزب الله في مواجهة تل أبيب؟ وهذا ما حمل الأميركي ومعه الإسرائيلي للقول بأن الحرب ليست قريبة.
وتقول المصادر المطلعة، أن خطاب نصر الله كان أشبه بصندوق مفاجآت، حيث أكّد للاسرائيلي بأن المعركة، ان هي فتحت، لن تكون محصورة بلبنان، ومساحة هذه المعركة ستمتد من لبنان إلى الجولان وصولا ربما إلى إيران، والإسرائيلي سيفاجأ بحجم القدرات الذي ستستخدم والقدرات الصاروخية، وصولا إلى عدد وهويات القوى التي ستشارك في الحرب إلى جانب الحزب.
وتذهب المصادر إلى وصف خطاب نصر الله تجاه إسرائيل بأنه كان من أهم الخطابات التي ألقاها منذ سنوات، ولذا فإن كل المطابخ الاستخباراتية في العالم وضعت هذا الكلام على مشرحة النقاش والبحث بإبعاده وألغازه، خصوصا وأن نصر الله ظهر في مظهر من يقوم بالفعل ولا ينتظر ردة الفعل.
وحول ما إذا كانت هذه المصادر تتوقع حرباً قريبة على لبنان تقول: لا توجد مؤشرات توحي بإمكانية اندلاع حرب قريبة بين «حزب الله» وإسرائيل، فهذه الحرب بالنسبة لإسرائيل تفقد عنصر المفاجأة من خلال الجهوزية التي ترصدها لدى المقاومة تجاه أي عمل إسرائيلي، وما دامت نتائج المعركة ليست محسومة وفق غالبية المحللين الإسرائيليين، فإن الإسرائيلي لا يستطيع القيام بحرب قصيرة يحقق فيها انتصارات، ما دام عنصر المباغتة مفقوداً، لذا يجد نفسه مضطراً حتى لعدم التفكير بشن حرب على لبنان في الوقت الحاضر.
وفي ضوء ما تقدّم، فإن المصادر ذاتها لا تسقط من حساباتها إمكانية ان تبدأ إسرائيل بحرب أمنية ضد الحزب عن طريق الاغتيالات والعبوات الناسفة لاقلاق الحزب، وليس بالضرورة ان تقوم هي بنفسها بهذا العمل طالما هناك جماعات إرهابية تستطيع ان تقوم بهذه المهمة عنها، وقد أشار إلى ذلك أحد المسؤولين بقوله ان إسرائيل لا ترى جدوى لشن حرب مباشرة على لبنان، طالما العرب يتقاتلون وهي تحصد نتائج هذا القتال لصالحها.
وتخلص المصادر إلى القول: إن الإسرائيلي لا يريد الحرب رغم تهويله بها، وحزب الله جاهز لأي عمل عدواني.