بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 آذار 2024 07:06م الانقسامات تحاصر مهمة "الخماسية" ومبادرة "الاعتدال" تترنح

هل فقدت واشنطن تأثيرها على إسرائيل لمنع ضرب لبنان؟

حجم الخط



عمر البردان :
ما زال منسوب القلق يتصاعد من انفجار الوضع بشكل واسع على الجبهة الجنوبية، مع ارتفاع وتيرة التهديدات بين "حزب الله" وإسرائيل اللذين تجاوزا  قواعد الاشتباك على نحو غير مسبوق . وهذ ينذر برأي المراقبين، بخروج الوضع عن السيطرة في أي وقت، بعدما بدا أن الأمور ذاهبة إلى مزيد من التعقيد، في ظل انحسار موجة التفاؤل بإمكانية نجاح الدبلوماسية، في نزع فتيل التوتر على الحدود . وفي مقابل تسارع وتيرة الاستعدادات من جانب جيش الاحتلال، للقيام بعمل عسكري يستهدف لبنان، على ما يقوله قادته، فإن "حزب الله" يتعامل مع التهديدات الإسرائيلية بجدية، ويأخذ في الاعتبار إمكانية أن تشن إسرائيل عدواناً على الأراضي اللبنانية، لكنه ومن خلال مواقف مسؤوليه فقد أعد العدة لمواجهة أي مغامرة إسرائيلية. وهذا بالتأكيد يزيد من  القلق على مصير الوضع في الجنوب .
ولا يخفي مسؤولون لبنانيون القول، أن الأمور لا تحمل على التفاؤل بعد الكلام الأميركي الذي قاله مسؤولون  في الإدارة الأميركية ومسؤولون مطلعون على المعلومات الاستخبارية، من  أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولي المخابرات، يشعرون بالقلق من مخططات إسرائيلية لتوغل بري في لبنان يمكن أن يبدأ في الأشهر المقبلة، إذا فشلت الجهود الدبلوماسية. وإشارتهم إلى أن التوغل الإسرائيلي المحتمل ربما يكون أوائل الصيف المقبل. وهذا يدل على أن واشنطن قد تكون فقدت تأثيرها على الحكومة الإسرائيلية، مع دخول الإدارة الأميركية في مدار الانتخابات الرئاسية، وما تعانيه واشنطن من تخبط واضح في طريقة تعاملها مع العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة . وعدم وضوح الرؤية حيال الوضع في جنوب لبنان، وما يمكن أن تقوم به لمنع إسرائيل من الاعتداء على لبنان . وهذا ما ظهر، في تأكيد المسؤولين الأميركيين، أن الإدارة تضع في حساباتها حدوث عملية عسكرية إسرائيلية في الأشهر المقبلة"، وأنه، "ليس بالضرورة أن يحصل التوغل خلال الأسابيع القليلة المقبلة ولكن ربما في وقت لاحق من هذا الربيع".
وسط هذه الأجواء، ومع معاودة حراك سفراء المجموعة الخماسية باتجاه المسؤولين، بحثاً عن مخارج للأزمة من المأزق الراهن، فإن المعطيات غير مشجعة حتى الآن، بإمكانية إحراز تقدم في الملف الرئاسي، في ظل رفض "حزب الله" سحب مرشحه سليمان فرنجية لمصلحة مرشح تسوية . وهذا ما يقلل من حظوظ مبادرة كتلة "الاعتدال الوطني" لحل المأزق الرئاسي، والتي يبدو أنها بدأت تترنح، بعد إشارات رافضة من جانب "الثنائي" . وإذا كان من المقرر أن يلتقي وفد من الكتلة "حزب الله" الإثنين المقبل، للبحث معه في المبادرة المطروحة للنقاش، فإن أجواء مصادر المعارضة لا توحي بكثير تفاؤل بقدرة المبادرة على تحقيق الغاية المرجوة منها، سيما وأن هناك تعقيدات كبيرة تحاصر الملف الرئاسي، وتالياً فإن هذه المبادرة لن تحسم مصير الاستحقاق الرئاسي، لارتباطه بالكثير من  العوامل المحلية والإقليمية والدولية، والتي باتت تتحكم بسير الانتخابات الرئاسية في المرحلة المقبلة. وعلى أهمية حراك  "الخماسية"، فلا تزال الجهود قاصرة عن إيجاد الحلول المطلوبة للخروج من المأزق، بسبب الانقسامات الداخلية العميقة، وعدم الاستعداد لتقديم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية .

وتعتبر المصادر المعارضة، أن لا شيء يؤشر إلى استعداد "حزب الله" للاستجابة لمبادرة "الاعتدال"، فهو إلى  إلى  جانب انفراده بقرارات الحرب والسلم، وتخزينه لسلاح يفوق سلاح الجيش الشرعي للبنان، وتصرفه فوق السلطة والدولة والدستور والقوانين والأعراف، لا يريد التخلي عن مرشحه فرنجية، على غرار ما فعله قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. ولذلك يحاول بشتى الوسائل، السيطرة على رئاسة الجمهورية، من خلال سعيه لإيصال رئيس "المردة" إلى قصر بعبدا . وهذا أمر لا يمكن أن يحصل، لأن المعارضة متماسكة، وستمنعه من تحقيق هدفه . وقد ظهر بوضوح أن "الحزب" يحاول التحكم بالرئاسة الأولى، لكي يضع يده على كل المؤسسات الدستورية . لا بل أنه يضع اللبنانيين أمام خيارات لا يمكن القبول بها . وهم ليسوا في وارد القبول بأي تسوية، على غرار ما حصل في ال2016 . ولن يسلموا له بما يحاول فرضه. لا بالفرض، ولا بالعودة إلى تسويات عرجاء قادت لبنان وشعبه إلى الجحيم، كما في عهد الرئيس عون .

وإذ تعتبر المصادر، أن الأسابيع القليلة المقبلة، ربما تشهد تطورات بالغة الخطورة على صعيد لبنان والمنطقة، فإنها تعتبر أن الإسرائيليين قد يتجاوزون الخطوط الحمر، في حال أرادت القيادة السياسية إطالة أمد الحرب، لتفادي لمحاسبة نتنياهو والقيادات العسكرية، نتيجة ما حصل في السابع من اكتوبر الماضي . ويبدو جلياً برأيها، أن  "حزب الله" وبعدما أدخل العامل الإيراني إلى المعادلة اللبنانية، من خلال ما تقوم به أذرعها العسكرية في الجنوب، فإن طهران تحاول التحكم بالقرار اللبناني في أكثر من اتجاه . ولذلك لم يكن مستغرباً أن يستخدم الإيرانيون لبنان في سوق المقايضة مع الأميركيين والغرب، على نحو ما نراه في المفاوضات التي تجري بينهما . وهو أمر لم يعد سراً، بعدما تحدث وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان بصراحة كاملة حول هذا الموضوع . لكن رغم أجواء التصعيد في المنطقة، فإن المصادر المعارضة، تستبعد أن تذهب المنطقة إلى حرب واسعة، لا تريدها، لا إيران ولا الولايات المتحدة ولا حتى إسرائيل، ورغم نزعتها التوسعية وتحكم اليمين المتطرف بها . وكل هذه الأطراف لا تتحمل حرباً شاملة .