بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تموز 2023 12:00ص الشذوذ السياسي في لبنان

حجم الخط
نعم في وطننا لبنان يطلُّ الشذوذ السياسي ويتوسّع وينتشر وسط أغلب الطبقة السياسية الحاكمة والمتحكّمة بمقدّرات الوطن والمواطنين، وبات أسبق من الشذوذ الجنسي الذي تقتصر قباحته وقذارته على الشخصين الذين يتعاطيانه سرا أو جهرا، أما الشذوذ السياسي لدى الطبقة السياسية كما هو الحال القائمة في لبنان فإن قباحته وقذارته أكثر خطورة وضررا لأنه يصيب شعب بكامله وقد يؤدي إلى إزالة وطن برمّته، ولمزيد من الإيضاح والتوضيح نقول: (ورد في معجم لسان العرب لابن منظور تحت مفردة (شذذ) شذ، ويشذ، شذوذا انفرد عن الجمهور وندر فهو شاذ، وقوم شذوذ إذا لم يكونوا في منازلهم ولا حيهم وشذان الناس ما تفرق منهم وشذان جمع شاذ وشذ الرجل إذا انفرد عن أصحابه وكذلك كل شيء منفرد فهو شاذ). ونضيف أن الشذوذ هو الابتعاد عن الوضع الطبيعي والانحراف عن القاعدة أو الشكل وعن النظام المتعارف عليه أو الشائع.
وبات شذوذ الطبقة المتسلّطة بادٍ وسار في كل قواعد ومؤسسات وإدارات الدولة والبلاد ومنها: الشذوذ عن عدم تطبيق نصوص الدستور اللبناني والقوانين، والشذوذ بعدم استكمال تطبيق اتفاق الطائف والتخطيط المشبوه للتخلص منه، والشذوذ باستمرار نهب خزينة الدولة ومواردها والسرقة الموصوفة لأموال الشعب اللبناني المودعين لدى المصارف شركاء السلطة بالنهب المنظم بما لم تعرف مثيله أعتى الدول الشيوعية، وكل القضايا المسكوت عنها من جرائم الخطف والقتل وجريمة العصر تفجير مرفأ بيروت وضحاياه وأهل السلطة يعرفون تماما من جاء بها وحفظها سنوات داخل مستودعات المرفأ وكله مسكوت عنه، والاتجار بالمخدرات وإرسالها لدول عربية شقيقة وهذا أكثر خطرا من أفعال الصهيونية وحقدها واضرارها بالبلاد العربية وشعوبها.
لقد جعلت السلطة المتسلّطة الشغور والفراغات في رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومات هو الأصل وسدّها هو الاستثناء كما حصل في العهد السابق ونتائجه الكارثية التي أخذت لبنان وشعبه الصابر إلى جهنم وبئس المصير مع تقديري للرئيس الذي ظَلم وظُلم والمصير نفسه يتكرر حاليا، وقدرنا أن نعرف ماذا بعد جهنم؟! في الشذوذ الدستوري، لبنان وطن سيد حر مستقل وطن نهائي لجميع أبنائه، عربي الهوية والانتماء، جمهورية ديمقراطية برلمانية والشعب مصدّر السلطات وصاحب السيادة والنظام الاقتصادي حر والحاصل غير ذلك تماما بل الحالات الشاذة هي القائمة، وطن يكون عاجزا بقيادته ونوابه ودستوره وقوانينه وقضاته المعيّنين والذين باتوا جهازا حكوميا مستتبعا لزعامات سياسية عاجزة عن إدارة وطن وإعادة بنائه وعاجزة عن انتخاب رئيس جمهورية وتستنجد بالأجانب لهذا الاستحقاق، وهذا شذوذ ما بعده شذوذ عن نصوص دستور البلاد.
وللعلم، ان رئاسة الجمهورية في لبنان كانت دائما في قلب الأزمات لأنها كانت في قلب السلطة والسلطة في بلادنا تتمحور حول أشخاص والصراع القائم الآن حول الرئاسة يدور حول الأشخاص، والبلد والشعب والدستور والقانون والمؤسسات لا قيمة لها لدى الطبقة المتحكمة وهو أسلوب أبعد ما يكون عن الانتخاب، لقد بات الرئيس يأتي بالتعيين أما برسم ممر إلزامي من هذه الجهة أو تلك هو المعبر للرئاسة أو تكتل طائفي بالمقابل يتمسّك بمرشح آخر كل يريد رئيس مركوب لا راكب، تابع لا متبوع، موالي لا ميل إليه، وتنازع على السلطة والوزارات والإدارات باسم حقوق الطوائف والمذاهب وبدعة الأقوى وهي الضلالة وديمقراطية الطوائف الشبيهة بالديمقراطية الاستعمارية والميثاقية وما أنزل الله بها من حالات كلها تشذ عن الدستور والمصالح الوطنية لحسابات خاصة ومصلحية وإضعاف الانتماء الوطني لسيادة الانتماء الطائفي والمذهبي والتحزّب وتهيئة البلاد لحروب أهلية تفضي به لربطه بدول الخارج وإعادة كل صنوف الحالات الاستعمارية التي عاشتها المنطقة احتلالا أو انتدابا وغير ذلك.. وهناك الشذوذ السياسي الأكبر هو عدم استكمال تطبيق نصوص اتفاق الطائف تمهيدا لاستبعاده وإنهائه.
هذا حالنا في وطننا المظلوم من المسؤولين فيه والحقيقة التي تحرّر الأوطان تقول نعم إنه الشذوذ السياسي في لبنان وليس غيره. والحل المطلوب لانتخاب رئيس جمهورية للبلاد هو ما أوضحناه في مقالتنا المنشورة بـ«اللواء» تاريخ ٧ حزيران الماضي بعنوان (الاحتكام إلى الديمقراطية) هو الطريق السليم للحل وما عداه تمنّيات لا ترقى إلى القاعدة الملزمة.