بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تموز 2023 12:02ص المسيّرات السلميَّة لمحمد بن سلمان

حجم الخط
يحتاج العالم، أكثر ما يحتاجه اليوم، إلى المسيرات السلمية. فقد نهشته الحروب منذ قديم الزمان، ولما تزل، وما وجد من ذلك إلا الخراب والدمار وتبديد الثروات، وتبديد الطعام والشراب والمأوى والمدرسة والكساء. ليس هناك منطقة في العالم، إجتاحتها الحروب، إلّا وخلّفت وراءها مثل هذة التركة الثقيلة، والتي تشبه تركة السيول الجارفة والطوف الغشيم، فوق الأرض التي إجتاحتها.. إلّا وتشبه تركة النيران السقيمة والموجعة والهوجاء، في القرى وفي المدن، التي تعرّضت لها.
لماذا لا يتعلم العالم اليوم، من العالم القديم؟ لماذا لا يستمع إلى دروسه، إلى عظاته؟ لماذا لا يتعظ اليوم، قادة الحروب، مما جرى لقادة الحروب السابقين، للأمم التي قادوها نحو الهلاك، للشعوب التي إحتلوها، للبلاد التي إنتهكوا أرضها وعمارتها وخيراتها؟ لماذا لا يتعظ قادة الحروب اليوم، من قادة الحروب السابقين؟
تعالوا لنتذكّر ما جرى للأمبراطوريات العظمى، التي أمرت جيوشها أن تغزو البلدان الضعيفة المجاورة لها، كيف إنمحت عن ظهر البسيطة، كيف زالت ولو بعد حين عن الأرض، كيف مات أباطرتها تحت أنقاض الحروب. من ينسى جميع المحارق، من ينسى أعمال التوحش في السبي والنهب والتخريب والقتل، من ينسى مشاهد الموت على الطرقات من شدة العطش، من شدة الجوع.. من ينسى تخريب المدارس والجامعات، من ينسى تخريب دور العلم وحرق المكتبات، من ينسى مشاهد الإذلال على الهويات... مشاهد التعنيف في السجون، مشاهد التقتيل، التي لا تعف عن النساء والأطفال والشيوخ.
كل يوم نسمع الدعوات القاتلة للدخول في الأحلاف العسكرية، لزيادة بناء مصانع الدبابات، ومصانع الطائرات الحربية، ومصانع الصواريخ العابرة للقارات، لبناء الترسانة القذرة من القنابل والألغام والقاذفات والمقذوفات على حد سواء. كل يوم نسمع عن تطوير مثل هذة الصناعات الأكثر قدرة على القتل، على التدمير. كل يوم نسمع عن تذخير الأحلاف العسكرية، بمزيد من الأعتدة الحربية، وبمزيد من الأرصدة المالية، لبناء البوارج الحربية.
وحده محمد بن سلمان، من بين قادة العصر، يدعو قادة العالم، ليكفّوا عن الدعوات إلى الحروب، ليكفّوا عن بناء الجبهات، ليكفّوا عن أعمال القتل والتدمير والتخريب، بالتوجه لملاقاة المسيرات السلمية، التي تحتاجها كافة شعوب الأرض، في جميع القارات.
تراه اليوم في قمة جدة، يعيد إلى جدة دورها في بناء السلم العالمي على البحر الأحمر. ترى جدة اليوم تستضيف القمة الأولى بين دول التعاون الخليجي، ودول وسط آسيا الخمس: أوزبكستان، تركمانستان، طاجيكستان، قرغيزستان، كازاخستان، للبحث عن تعزيز التعاون والتنسيق لملاقاة المسيرات السلمية.
محمد بن سلمان، يلاقي جدة في دورها التاريخي لبناء السلام. وقمة جدة تلاقي محمد بن سلمان، في تطلّعاته التشاركية مع دول آسيا، للتأكيد على ضرورة تعزيز المسيرات السلمية.
ما عادت الحروب على أصحابها، إلّا بالويل والثبور وعظائم الأمور. فمنذ قديم الزمان والعالم كله يدفع الأثمان. كلفة الحروب باهظة.. مسيّرات الحروب عالية التكلفة، عالية المجهودات.. تأخذ من أفواه الجائعين لتلقّم النيران، تغلق المدارس والجامعات، وتدمّرها لصالح الطغيان. فمتى كانت مسيرة الطغاة صالحة للبناء؟ متى كانت مسيرة الطغاة، تنفع الناس في الحياة وفي المعاش؟
المسيرات السلمية التي بدأها محمد بن سلمان، هي مثال يحتذى.. تطعم من جوع، وتؤمّن من خوف. المسيرات السلمية الآن، هي مطلب جميع العقلاء من القادة والسياسيين، وجميع من له إتصال بالشأن العام.

* أستاذ في الجامعة اللبنانية