23 كانون الأول 2023 12:01ص المشعل أميراً للكويت الشقيق

حجم الخط
في الوقت الذي خسرت دولة الكويت الشقيقة، سمو الأمير نواف الأحمد جابر الصباح، عرفت كيف تربح سمو الأمير مشعل الأحمد الصباح. ولا غرو فما من أحد لم يعرف أنه النبراس، بل أنه المشعل، ثقافة وسياسة وتألّقا وإندفاعا وعطاء. فسمو الأمير مشعل الذي تقلّد أهم المناصب في دولة الكويت الشقيقة لأكثر من خمسين عاما، كان يبرهن في كل مرة أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، ولا يزال هذا ديدنه حتى الآن.
كان سمو الأمير مشعل، طيلة حياته، يندفع لخدمة وطنه، لخدمة أهله في الكويت وخارج الكويت. فما عرف التهاون، وهو يدير ويرأس الدوائر والمجالس واللجان والوزارات، في جميع المجالات التي إستدعي إليها. كان إسمه يتقدمه، كان تفوّقه يغلبه، كانت سمعته تسبقه. كان دأبه وحدبه، مواصلة العمل في الليل وفي النهار، شأنا عاديا بالنسبة له، لأنه كان له من إسمه نصيب. فمن كان مشعلا، يجب أن يتقدم حاملا الشعلة. هكذا كان، لأكثر من نصف قرن من الزمان، وهكذا سيبقى، لأنه إعتاد على إضاءة العتمات في الصفوف، على إضاءة الليالي، على إضاءة الحلكة، حتى يدعها تتولى بلا رجعة.
وثيق العلاقات كان سمو الأمير مشعل، مع أشقائه العرب، من ملوك ورؤساء، وفي طليعتهم، الشقيقة الكبرى، المملكة العربية السعودية. وثيق العلاقة بلبنان، الشقيق الأصغر، يحمل له في قلبه الواسع، كل العاطفة الجيّاشة، كل الحب العظيم، كل التطلّعات النبيلة نحوه، حتى يكون سيدا حرّا مستقلا، كما تعوّد أن يراه، قبل أن تلتف عليه الظلمات، وقبل أن يقع عليه الظلم، فيعيش في كوابيسه، ويذوق مرارة العيش، تحت وطأة التهديدات، تحت وطأة ثقل العيش، في العتمة المدلهمة، التي أطفأت فيه مصابيح الكهرباء.
خير أخ للبنان هو سمو الأمير المشعل. يلمُّ بأوضاع لبنان بالسليقة، كواحد من أبنائه. ويعرف عنه، السر وأخفى. يعرف كآبائه وأجداده، أن لبنان والكويت، رفيقا صبا وشريكا جهاد، وأن لأهل الكويت، الوطن الثاني لبنان. فبيروت كما سائر المدن والقرى اللبنانية، إنما هي هبة الكويت، منذ كانت الأجيال الكويتية، تنزل إليها، الشتاء والصيف. فهذه العمائر على حيلها، تلوح لسموّه من بعيد، مرحّبة بتولّيه، بتقلّده العهد. أوفياء للكويت، كان أهل لبنان ولا زالوا. فما ينسون جميل الكويت، في الشدائد، ولا ينسون هباته، لا ينسون مساعداته، لا ينسون عطاءاته، ولا تزال المدارس والمباني والإنشاءات، بالإضافة إلى المعابد والملاعب والجامعات، تشهد للكويت على عظيم العطاءات.
وبمناسبة تسلْم الأمير مشعل الأحمد الصباح، مقاليد الحكم في الكويت الشقيق، لا يسع اللبنانيين إلّا التقدْم من سموّه، بالتعازي الحارّة بالراحل الكبير، سمو الأمير نواف الأحمد، رحمه الله تعالى، وأسكنه فسيح جناته. وبالتهاني في الوقت عينه، لسمو الأمير مشعل الأحمد الصباح. فعائلة آل الصباح، هم ولبنان أشقاء وأصدقاء، بل هم من العوائل اللبنانية. ولا تزال قصورهم شاهدة عليهم، في عاليه وفي صوفر وفي بحمدون. فدينهم عظيم على لبنان: وفاء وإخلاصا وحبا وعمرانا.
فهلا يغتنمها اللبنانيون فرصة: رؤساء ومسؤولين، للتبريك بالأمير المشعل، بالأمير الشعلة، سمو الأمير مشعل الأحمد الصباح، ويحملون إليه هموم لبنان السياسية، هموم لبنان الاقتصادية، هموم لبنان الأمنية. فهو الأمير الخير، وهو الأمير الوفيّ والصادق، النظيف الكفّ، الطاهر الثوب، صاحب الصدر الواسع والقلب الرؤوم. فسموّه مفخرة للكويت الشقيق، بمقدار ما هو فخر لبنان والعرب أجمعين.
لبنان وهو يودّع عاما ملؤه الأسى والحزن، لما يجري في جنوبه من اعتداءات، ولما يدفع من ضريبة بالنفس والمال، إنما يستقبل العام الجديد، بروح المتفائل بسمو الأمير مشعل، يقف إلى جانبه، في الميلاد الحزين، لعلّه يضيء له أملا، لعله يضيء له شعلة، لعلّه ينير له الدرب، يضع عن رأسه تاج الشوك، وينفح في أجياله قبسا، يجدّد الأمل عندهم بالقدوم السعد، في زمن الميلاد المجيد.

* أستاذ في الجامعة اللبنانية