بيروت - لبنان

7 آب 2023 12:00ص بطولة العالم للسلام

حجم الخط
بطولة العالم السلمية، لا الحربية، هي ما يفتش عنها الناس اليوم، هي ما نحتاجها اليوم، تحتاجها الإنسانية جمعاء، في ذروة التأزمات التي تعيشها، في ذروة الأزمات التي تقطعها، بعد سيل الحروب الذي بدأ يضرب وجه العالم بعنف، يجتاحه من نواحيه كلها، يجتاحه في قاراته كلها.. سيل من الحروب يضرب العقول والقلوب، ويعميها في لحظة واحدة، فينغمس القادة في الوحول، ينغمسون في برك الدماء، يضيعون في المتاهات، وينتقلون من ركام إلى ركام، ينشلون من تحته الجثث، جثث من البشرية جمعاء، جثث من كل الأجناس والألوان!
حروب إسرائيلية - عربية، وحروب إسرائيلية - فلسطينية، حروب «الربيع العربي»، في جميع الأقطار والأمصار التي طالتها، في آسيا وأفريقيا.. حروب الروس على جورجيا والشيشان والقرم وأوكرانيا، وحروب تركيا وإيران وأميركا وروسيا، على سوريا. حرب السودان اليوم، ونيران حرب تحت الرماد في إفغانستان، وفي أرمينيا وأذربيجان.. والآن حرب النيجر ومالي وتداعياتها على فرنسا، والتهديد بحروب مسيّرة في الجو والبحر والبر، في كل أنحاء العالم، بلا رحمة ولا شفقة. ناهيك عن الحروب المستدامة، في القارة الأميركية، وفي الصين وفيتنام وكوريا وتايوان واليابان، وجميع دول شرق وغرب القارة الأوروبية. حروب حوّلت الملاعب إلى ساحات، وأشعلت النيران في المدارس وفي المستشفيات وفي الجامعات وفي دور الشيوخ والعجزة و المصحات.
لم يشبع وحوش الحروب في العالم، بعد. لم يشبع قادتها من الدماء، كرعوا منها حتى الثمالة، كرعوا منها، حتى أترعوا بها، حتى السكر، حتى الطيش، بلا هوادة!
ترنّحوا أخيرا وغادروا، بعد أن خلفوا في العالم أجمع، ركاميات الخراب. سوّدوا وجه الأرض من الحرائق والدخان. ما تركت أياديهم السوداء بقعة خضراء. ما تركوا نسمة هواء، تعيش بحرية. ما تركوا طفلا ينام بلا خوف. مسحت مناديلهم السوداء وجه الأرض. عفت أياديهم على الدخان والغبار والسموم. جعلوا قصب الموت يسابق قصب الحياة. جعلوا الموت يجاري الريح في الوصول إلى أنوف النيام، يخطف أحلامهم الوردية، يحيلها إلى سخام.
العالم لا يحتاج إلى أبطال حروب بعد.. تركوا بصماتهم السوداء وغابوا خلف جميع النيران التي أشعلوها، خلف جميع الحرائق التي أكلت الحقول والمزارع والدروب ودفاتر المدارس وملاعب الأطفال والأولاد.. حروب نهشت أحداق الحسان، رمدت العيون من شدّة البكاء.
العالم لا يحتاج لمن عاث في الهدم، من عاث في الخراب، من ترك المدن والساحات مناحات مناحات. العالم لا يحتاج لغربان الشؤم، للموت الزؤام تصنعه أيديهم كل يوم: هدموا الجسور. أحرقوا حقول القمح. بكت عرائس السنابل. إحترقت دموعها من شدة البكاء. إحترقت البيادر. إحترقت المخازن. إحترقت السفن. إحترقت الأكباد من شدّة الجوع. وامتلأت المشافي بالجرحى، يموتون على الأسرّة من شدّة العصف والقصف، من شدة الهول، من شدّة الجبروت والطغيان، من شدّة النيران، تنطق بها عيون تجار الحروب، لعلّهم بعد ذلك يربحون.
العالم لا يحتاج إلى وحوش الحروب. العالم يحتاج إلى أبطال سلام، يصنعون بأعينهم السلام والحب والزهر والورد والقمح والأنسام، في أفئدة الصغار والكبار. يرفعون رايات المحبة، يطعمون الناس، يدفئون لهم بيوتهم، يبلون عروقهم، يأخذون بأيدي أبنائهم إلى المدارس كل صباح.
 الناس في العالم أجمع، يحتاجون إلى أبطال السلام.. يفتحون المدارس والجامعات، يشرفون على تجهيز المرافق الصحية، يبنون المشافي، يؤمّنون الأسرّة للمرضى، يبلسمون لهم النفوس التي أرهقتها الحروب. الناس يسألون عن حاجاتهم اليومية، من الطعام والشراب واللباس. يسألون عن المدارس لأولادهم، عن الجامعات، عن المعاهد، عن المعامل، عن المزارع، عن الأسواق.. الناس، عموم الناس، يسألون عن الماء، عمن يبلّ عروقهم، عمن يسدّ عطشهم، عمن يبلسم لهم جراحهم. الناس في العالم، عموم العالم، يسألون عن رجل يصنع السلام.
وأما الجواب الدائم اليوم، بل الجواب على السؤال: هو في الحراك الشبابي الهادئ والرصين، الذي يجلب الطمأنينة للنفوس جميعا، لا نراه، إلّا في صفة رجل واحد: هو محمد بن سلمان. نراه في حراك دائم، نراه في حوار دائم. نراه في سفر دائم بين القارات.. يسعى إلى السلم. يبذل أقصى جهوده لتعبيد الطريق، أمام رايات السلام. يقود عربة السلام إلى كل جبهة مشتعلة من جبهات العالم، يطفئ حرائقها.. إلى كل جهة من جهات العالم، لا يتردد عن البذل والجود والسخاء، لإنقاذ النفوس العطشى إلى الخبز والماء والكساء والدواء والكتاب، والسلام.
من تراه إذا لبطولة العالم للسلام، غير رجل واحد.. رجل السلام الواحد: محمد بن سلمان! يحمل راية السلام بيد، ويحمل بيده الأخرى: الغذاء والماء والكساء. يتقدّم بخُطى الشباب الواثق الذي يعشقه جيل الشباب اليوم في كل بلدان العالم، كأنه واحد منهم، كأنه يعبّر عن حاجاتهم، كأنه يحمل همومهم، كأنه يختصر أحلامهم.
جيل عظيم من شباب العالم، يتحوط هذا الشاب الصاعد من أرض المملكة العربية السعودية. يريد للجبهات جميعا أن تهدأ. يريد لأعمال القتال جميعا أن تتوقف. يريد أن تشفى نفوس جميع وحوش الحرب، هنا وهناك وهنالك، من الحرب التي قصمت ظهر العالم. تطير من كفيه، حمائم السلام: حمام زاجل يحمله رسائل الحب والسلام، إلى كل جهات الأرض، بلا إستثناء.
محمد بن سلمان، إذا، رجل السلام، بلا منافس. همّه اليوم، أن يرفع بين يديه الشعلة. وعلى صدره وسام بطولة العالم للسلام، هذا العام، كما كل عام!

* أستاذ في الجامعة اللبنانية