7 حزيران 2023 12:00ص أين المرشحين تحت الأضواء؟

حجم الخط
بعد سبعة أشهر من الشغور الرئاسي، لا تزال مفاوضات الترشيحات، لرئاسة الجمهورية، تجري في الحقول الرمادية، لم تنتقل بعد، لتأخذ حيّزها تحت الأضواء. جميع المرشحين ضمنا، جميع المعنيين، ممن يعتبرون أنفسهم مرشحين طبيعيين، نراهم يتحركون في المنطقة الرمادية، يؤخرون موعد الإنتخابات، ويضعون اللائمة على رئيس المجلس: أنه لا يوافيهم إلى القاعة. وينسون أن المجلس فتح، منذ بدء الشغور، ولم يغلق، إلا بعد الشعور بإنعدام الجديّة، عند جميع سكان المجلس النيابي. تماما، كما تجري العادة لدى سكان بناية، تتنازعهم الأهواء.
المرشحون الطبيعيون، يماطلون في الظهور بترشيح أنفسهم إلى العلن. يتنقلون في الخفاء، إلى الغرف المعتمة للكتل النيابية، وحين يريدون زيارة الأشخاص، يطلبون منه سلفا، أن يطفئ الأضواء، أن تكون الزيارة على ضوء الشمعة، حتى تكون «أكثر رومانسية». يتهرّبون بذلك، أن تسلط عليهم الأضواء، أن يكونوا تحت الأضواء،  يظنون أنهم بذلك يتسترون على الزيارات التي يقومون بها، وكأنها من حسن السياسة، من حسن الكياسة.. ولا يعلمون، أنها تكون قد سربت، بعد أول إتصال، لا يعلمون أنها صارت في الملفات الشخصية، بُعيد الإنهمام بها، بُعيد الإنهماك بها. لا يعلمون أنها صارت لدى جميع الدوائر المحلية والخارجية، لدى جميع دوائر الإستخبارات.
المرشحون الطبيعيون، يتنقلون مثل «أشجار الزريعة»، تحت الخيم الشمسية، تحت الشرفات، تحت جمالونات النايلون، بحسب تبدّل الطقس، بحسب الأحوال الجوية، بحسب حركة الفصول، بحسب حركة الشمس والهواء، بحسب الصحو والمطر، بحسب الليل والنهار.. ومع ذلك يريدون من رئيس المجلس، أن يوقّع الجلسات على إيقاع حركتهم، في التقدّم والتأخّر، إلى الأمام، إلى الوراء.. والناس على الشاشات يصابون بالتوهان، بالزوغان، بالحول، لشدة تغيّر حراكهم، في الحقول الرمادية، التي لا يمكن لأي عاقل، أن  يتخذ فيها قرار. إذ الحقول الرمادية تنعكس على المواقف، فتصير مثلها رمادية، وهي لذلك لا تصلح لأخذ أي قرار.
المرشحون الطبيعيون، تحت قبعة الخفاء، وخلفهم جوقات الزجل، وفي سمائهم، وفي مناماتهم، وفي أحلامهم، الحمام الزاجل. وعلى الشاشات تردح الأزجال. يمرّ الوقت بسرعة، نقطع الشهر تلو الشهر، ولا نرى الرجال.
 لماذا تبتلع كرسي الرئاسة الرجال؟ سؤال صعب أن يمر بلا جواب. ولذلك نحن نضعه بعهدة رئيس المجلس، حتى نسمع منه الجواب.
وحده المرشح الأستاذ ميشال معوض، أعلن ترشحه تحت الأضواء، وأعلن سحب ترشحه، ولو بعد شهور، تحت الأضواء.  لماذا الآخرون لا يزالون في البرزخ الصعب، في البرزخ الرمادي؟ لماذا لا يزالون في العتمة؟ لماذا لا يخرجون إلى النور؟ لماذا لا يعلنون ترشيحهم،  تحت الأضواء.. حتى يُبنى على الشيء مقتضاه؟!

* أستاذ في الجامعة اللبنانية