بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 كانون الأول 2023 12:01ص حرب غزَّة بين لعبة «عضّ الأصابع» ونظريات كيسينجر

حجم الخط
لمجرّد أن يتوصل المتحاربون، «بالطبع الأول صاحب الأرض والحق، والثاني مغتصبها منذ العام 1948»، إلى فرض هدنة أولى في غزة، غداة الضغط الشعبي والسياسي الدولي، فهذا يعني أن أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، سيلهث جنوده بشدة إلى طلب هدنات مستقبلاً، ربما تشكّل بالنسبة إليه وسيلة فتح بوابة تنفس الصعداء والتقاط الأنفاس، أمام مقاومين رفعوا بقتالهم الجبار رؤوس كل شرفاء وأحرار العالم عالياً. 
لكن في المقابل انتهز قادة الكيان الغاصب، الفرصة من خلال تلك الهدنة لوضع خطط عسكرية جديدة، تتيح لهم استكمال الحرب، واستمرار ممارسة هواية قتل الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، باحتراف كبير وسط مشاهد الدمار المرعب الهائل، ووسط وضع الخطط الموسادية لاغتيال أبرز كوادر حركة حماس، إن داخل غزة او في بلدان عربية عدة، والهدف هو محاولة إخماد الروح المعنوية العالية للفلسطينيين .
 إن كل المحللين السياسيين الغربيين مجمعون على أن حركة حماس خير من يتقن أبطالها قتال حروب الشوارع والأزقة والزواريب من خلف ركام الدمار العظيم، وبالتالي هم أرباب لعبة «عض الأصابع» أيضاً، وكافة فنون حروب الإستنزاف والأعصاب، انطلاقاً من أنفاقٍ مجيدة أصابت العدوّ بداء رهابها، وهم مدعّمون بأروع سمفونيات الصبر مفتاح الفرج والإنتصار. 
ولإضفاء ثقافة المصداقية على ما جرى ويجري, أحيلكم إلى ما قاله المحلل الجيوسياسي الأميركي براندون فايشرت عبر مقالة له على موقع FortyFive في 19 تشرين الأول 2023، ومفاده بأنه يتوجّب على واشنطن دعم إسرائيل بشكل جدي وقوي، كي لا تتعرّض تل أبيب لهزيمة، في حال ارتأى حزب الله مدّ يد العون إلى مقاتلي حركة حماس، باللجوء إلى وسيلة قصف المدن الفلسطينية المحتلة، والمواقع الصهيونية الجاثمة على شواطئها وتلالها وروابيها، لبثّ الرعب في نفوس المواطنين الإسرائيليين، وبالتالي إرغام تل أبيب على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان كي يتوقف في مدن فلسطين المحتلة. 
كما أعرب المحلّل الأميركي عن قلقه، في حال تذوقت إسرائيل طعم الهزيمة من حماس، فإن واشنطن قد تخسر نفوذها في الشرق الأوسط لصالح روسيا والصين. وهذا الخوف الذي يعتبر الراعي الرسمي لحرب عالمية ثالثة، تعتبر بلاد السوبرمان أن إسرائيل بدأت بخوضها منذ 7 تشرين الأول 2023 وذلك يجعل المحصلة النهائية لها تتلو علينا، ولو بعد حين، خطاباً فيه مقولة هنري كيسينجر الراحل عن عمر مئة عام «لا بدّ أن يبقى العالم في جيبنا، ولن نخسر أغلى غنيمة كسبناها في حياتنا». وكيف يكون هنري كيسنجر كاذباً، وقد قال في العام 2012 أي منذ 11 عاماً، بأن إيران ستكون ضربة البداية في الحرب العالمية الثالثة، التي سيتوجب فيها على إسرائيل قتل أكبر عدد ممكن من العرب، واحتلال نصف الشرق الأوسط. وأضاف كيسينجر حينها لموقع «ريالتي زيونيزم» لقد أبلغنا الجيش الأميركي، باننا مضطرون لاحتلال دول نفطية نظراً لأهميتها الاستراتيجية، خصوصاً أنها تحتوي على النفط وموارد إقتصادية أخرى، وعندما تستفيق روسيا والصين من سباتهما العميق ستكون الحرب الكبرى التي ستنتصر فيها قوة واحدة هي إسرائيل وأميركا..سوف نأمر شبابنا باحتضان الحرب، وسيخرجون لمحاربة تلك الذقون المجنونة، وسوف يحوّلونها مع أجسادها إلى رماد، وستكون القوة الوحيدة الحاكمة للعالم حكومة السوبر – باور الأميركية الإسرائيلية. 
 ومن وحي مناسبة هذا المقال لا بدّ من التذكير بأنه منذ أربعة أعوام قالت الفنانة العملاقة صاحبة الصوت الأوبرالي ماجدة الرومي خلال مؤتمر صحفي في جامعة بيروت العربية، بأن الصهيونية العالمية، أوجدوها لبناء حكومة واحدة للكون كله، ويعتقدون، والكلام للسيدة ماجدة، بأننا كبشرية خلقنا كي نخدمهم !! وتابعت قائلةً يريدون تفتيت العالم العربي وأن نتدمر كي يستطيعوا الدخول إلى أراضٍ محروقة وثروتها منهوبة. 
فعلاً إن إسرائيل وأميركا تعرفان مدى قوة حركة حماس، ففي السادس من تشرين الثاني 2023، أكّد الجنرال الإسرائيلي غيورآيلاند أن حماس تظهر مستوى متقدّماً ومتطوراً وفعالاً في القتال، رغم مرور شهر حينها على الغارات المكثّفة على قطاع غزة، وأضاف آيلاند الذي شغل سابقاً منصب رئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، في لقاء مع القناة 12 الصهيونية, أن المؤشرات لا تصبّ بتاتاً في خانة إعلان هزيمة حماس, فالجهاز العسكري للحركة ينفذ عمليات متناسقة ومعقدة، من خلال طائرات مسيّرة وقذائف هاون وصواريخ مضادة للمدرّعات، ولا تزال غزة بفضل حماس تسيطر على 80 بالمائة من الأنفاق، وقد جعلت منها حماس أكبر وجهة متحصّنة في العالم. 
أما بتاريخ 3 كانون الأول 2023 فقد أقر المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بتفوق حركة حماس على قوات الجيش الإسرائيلي فيما تمتلكه من معلومات في قطاع غزة، وقال هاغاري خلال مؤتمر صحفي، إن حركة حماس تتفوق على إسرائيل معلوماتياً والحرب ستكون طويلة, شارحاً أن حماس تعرف مناطق قطاع غزة جيداً. أما وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، فقال إن الولايات المتحدة لن تسمح لحركة حماس بالإنتصار, وحذّر إسرائيل من هزيمة استراتيجية إذا لم تلتزم حماية المدنيين في قطاع غزة. وفي إشارة منه إلى أن بلاد العمّ سام وأحفاد تيودور هيرتزل يعشقون نهب كل موارد العالم النفطية بنوع خاص، قال أوستن في إسرائيل وأوكرانيا تحارب الديمقراطيات!! لذا لن نترك حماس وبوتين ينتصران. 
حماس, يا حبيبة السيد المسيح والنبي العربي الكريم محمّد(ص)، لقد حطم مفكروك جدار الصمت وسلاسل وقيود العبودية بأحبار أقلامهم التي هتفت للحرية، وخرق مدفعٌ مقاوم جدار صوت الأسلحة الفتاكة الأميركية المحرمة, ولم تنزوِ أمهات الأطفال والخدّج والرضع الشهداء فلذات الأكباد في ثياب الحداد، هذا ما يجب أن يعرفه السيناتور الأميركي الوقح ماركو روبيو الذي قال منذ قرابة الأسبوعين أقصفوا باستمرار حتى تموت كل حيوانات حماس، هذا الكلام الهستيري لا يخرج من فم إنسان، إلا إذا انتاب هذا الإنسان نوبات قوية من الذعر والخوف، ووساوس قهرية وهوس شديد باقتراب هزيمته, وبات معروفاً من سيصرخ أولاً في لعبة عضّ الأصابع، وعندئذٍ ستتوّج دموع الفرح المنتصر بتاج الحرية، وستمنحه لقب اعتناقه مذهب المقاوم. المقاومة الذي ستستمر حنجرته بالهتاف: الحق سلاحي سأقاوم، سأقاوم إن بقلمي، او بإطلاق قذائف مدفعي.