بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 حزيران 2023 12:00ص سؤال الذكاء الصناعي

حجم الخط
بعد عجز اللبنانيين عن الانتخابات الرئاسية، طيلة أكثر من سبعة أشهر، وبعد إستدراج العروض الداخلية والخارجية، التي لم تأتِ بنتيجة حتى اليوم.. وبعد سؤال الفلك، وأهل الفلك، عن حل لهذا الإشكال الميثاقي، الذي نتخبط فيه، وبعد الذهاب شرقا، وبعد الذهاب غربا، وبعد الإيغال في الذهاب، وبعد العودة المستترة في الإياب، لم يتبق لنا إلّا إجراء الانتخابات الرئاسية، بسؤال الذكاء الصناعي، فهو لديه كل المعلومات، عمن يترشح، وعمن ينتخب، وعمن ينتهز، وعمن ينسحب، وعمن يراوغ، في الترشح وفي الإنسحاب، وفي الثبات، حتى ولو خسر أو ربح الانتخابات.
سؤال الذكاء الصناعي هو الضرورة الأخيرة، لأنه يلبّي اللبنانيين في مأزق الإنتخابات الرئاسية، لأنه حتما هو محايد، هو على الحياد، هو على مسافة واحدة من الجميع، لا يعرف اللف ولا يعرف الدوران، في هذا الإستحقاق الميثاقي، في هذا الإستحقاق الوطني، لا يعرف الإنحياز، لهذا الفريق أو ذاك، لا يعرف التذبذب، عندما يسأل، مثل هذا السؤال المصيري، يعرف جميع حاجات اللبنانيين، ولا يخفي أي ورقة منها، يعرف جميع الهواجس التي يتفاعلون معها يوميا، ولا يداجي فيها، يعرف ما ينفع البلاد، ويعرف أيضا ما يضيرها، يعرف ما يذهب جفاء، ويعرف ما يمكث في الأرض.
الذكاء الصناعي في الانتخابات الرئاسية، لا يحتاج لدعم إقليمي، ولا لدعم عربي ودولي، لا يستمد علمه، ولا يستمد معلوماته، إلا مما يتحصل له من صدور الشعب، دون أي ممايزة، دون أي تمايز بين فئات الشعب.. فالكل لديه سواء، وأما أحبه للّه، فهو من كان أحبهم لعياله. 
الذكاء الصناعي، يعرف السر وأخفى، يعرف حاجة اللبنانيين لأمن الحدود، ويعرف حاجة اللبنانيين، لأمنهم داخل الحدود. يعرف حاجتهم للماء وللكهرباء، وكذلك لتقديم الساعة ولتأخيرها، وللتوافق على النازحين، وعلى اللاجئين، وعلى الذين يطاردهم الأنتربول، وعلى الذين عليهم عقوبات، وعلى الذين يرتجفون مسبقا من العقوبات.
الذكاء الصناعي، يعرف من سرق، ومن خرق.. يعرف «من طقطق حتى السلام عليكم».. فلا يخشى أن يقول ما يعرف، ولا يخاف ممن يعرف. يصغي لدعاء الشيخ والعجوز، ويرى دمعة الطفل، ودمعة الأم، ودمعة المقهور.
الذكاء الصناعي يعرف المتهم بالتقصير، ويعرف المتهم بالفساد، ويعرف المتهم بسرقة المال العام، ونهب الدولة من خلال الميليشيات، ومن خلال التهريب، على البوابات البرية، وفي المرفأ وفي المطار.
الذكاء الصناعي، يعرف من أتى بنترات الأمونيوم، ومن فجّر المرفأ، ومن تسبب بالإنفجار.
لبنان، بعد التجربة التي مرَّ بها من أول ظهور الكيان حتى اليوم، هو أحوج للذكاء الصناعي في الانتخابات الرئاسية، وفي الانتخابات النيابية، وفي كل إنتخابات تجري في مواعيدها. فهو غير هيّاب من أحد، وهو غير محازب لأحد. وهو لا يخوض الانتخابات، إلّا بهاجس المصلحة اللبنانية البحتة، تطبيقا ومراعاة.
الذكاء الصناعي، ثقوا معي، سوف لن يأتي برئيس، يستعير أصابع الغير، سوف لن يأتي برئيس يشرب من دماء الشعب.. سارعوا أذا إلى الذكاء الصناعي، حكّموه في الانتخابات الرئاسية هذه المرة.. جرّبوه.. سوف تعودون إليه كل مرة!

* أستاذ في الجامعة اللبنانية