بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 آذار 2023 01:08ص ساعةٌ عرّت «العيش المشترك» وأسقطت «الأحوال الشخصية»

حجم الخط
بعد قرار رئيس مجلس الوزراء، المساق إليه سوقاً من قبل رئيس مجلس النواب، والقاضي بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، انقسمت المواقف بين اللبنانيين بين من يلتزم توقيت الحكومة ومن يرفضه ملتزماً تقديم الساعة، وانقسم البلد طائفياً حيث أصبح لكل من الديانتين الإسلاميّة والمسيحيّة توقيتها. وتحوّل المشهد السياسي ووسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة حرب مفتوحة لسجال طائفي مقيت حول حقوق المسيحيّين والمسلمين، ممّا أسقط وهم «العيش المشترك» وجعل من لبنان الرسميّ واللبنانيّين محطّ سخرية أمام العالم بأسره.
أثار التحكم بعقارب الساعة الرسمية سجالاً طائفياً حاداً، وصل إلى حد إعلان جبران باسيل إمكانية الطعن بالقرار أو عصيانه، وقال باسيل في ختام مؤتمر «Ask Gebran»: «منمشي على وقت المتطورين مش على وقت المتخلّفين والرجعيّين»، بالإشارة الى المسلمين، مجسّداً مثالاً صارخاً للعيش المشترك الكاذب. كما قال نديم الجميّل، الذي يستند مقعده النيابيّ الى المسلمين السنّة في الأشرفيّة «بالأمس قلنا لنا لبناننا ولكم لبنانكم والآن نقول، لنا توقيتنا ولكم توقيتكم». كذلك الأمر مع معظم أقطاب السياسة والمؤسسات المسيحيّة التي توحّدت في الدفاع عن حقوق المسيحيّين بوجه أسلمة لبنان و«ساعة المسلمين» على حدّ زعمهم.
من جهة ثانية، أسقطت ردود الفعل الطائفيّة الشديدة أيّ فرصة لتمرير القانون الموحّد للأحوال الشخصيّة الذي ينتظر إحالته إلى اللجان النيابيّة المختصّة، بعد أن وقّع عليه تسعة نواب هم: سامي الجميّل، ميشال دويهي، جورج عقيص، بلال عبد الله، فريد البستاني، إلياس جرادة، بولا يعقوبيان، فراس حمدان، ومارك ضو. ذلك أنّ ذريعة الانصهار الوطني والشعارات الوطنيّة التي ارتكز عليها الدّاعين الى هذا القانون سقطت جميعها بالضربة القاضية بساعة واحدة، فأصبح الطريق الى هذا القانون مسدوداً.في الخلاصة، استطاع الخلاف القائم بشأن التوقيت الصيفي والشتوي أن يشتّت أنظار اللبنانيّين عن الوضع الاقتصادي المزري والانهيار المخيف الحاصل والصفقات المريبة، وعكس الانقسامات العميقة القائمة والنوايا الخبيثة المبيّتة، في بلد دمّرته الحرب الأهلية دون أن يتّعظ اللبنانيون من هولها، فهل تسقط ورقة التوت عن عورة «العيش المشترك» نهائياً؟