بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 كانون الأول 2023 05:44م طلائع حماس" لا تخدم القضيتين وتبرر لإسرائيل مواصلة عدوانها دعوات دولية للالتزام بالقرار 1701 وتحذيرات من مخاطر جسيمة لإسقاطه

حجم الخط

عمر البردان : 
مع توالي التحذيرات الخارجية للبنان من مخاطر الانزلاق إلى حرب واسعة ، بقيت الجبهة الجنوبية التي تحولت  إلى ساحة حرب حقيقية بين "حزب الله" وإسرائيل، في واجهة المشهد الداخلي المفتوح على كل الاحتمالات، بعدما فرغت معظم القرى والبلدات المتاخمة للخط الأزرق وحتى البعيدة منه نسبياً من سكانها . ويسود قلق كبير لدى أصدقاء لبنان من مغبة خروج الأمور عن السيطرة ، وسط خشية دولية من أن تبادر إسرائيل إلى توجيه ضربة ساحقة للبنان، بعد حربها على قطاع غزة، في ظل إصرار قادتها على استهداف أذرع إيران في المنطقة، في حين علم أن فرنسا ومن خلال رئيس مخابراتها برنار إيميه، والذي كان سفيراً لدى لبنان، قد نقل لبيروت تحذيراً شديد اللهجة من أن استباحة منطقة جنوب الليطاني، كما هو حاصل اليوم، قد يجر عواقب وخيمة على لبنان، لأن إسرائيل ستتذرع بالهجمات التي تتعرض لها من جانب "حزب الله" والفصائل الفلسطينية لإيران، من أجل شن حرب  على لبنان . وهذا ما يفرض حسب المسؤول الفرنسي أن تلتزم الحكومة بالقرار 1701، وتفعل حضور الجيش اللبناني في هذه المنطقة، بالتنسيق الكامل مع قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، 
وقد عبرت فرنسا عن هذا التوجه، من خلال ما أشارت إليه  وزارة خارجيتها، بأنها تشعر بقلق بالغ إزاء استمرار الاشتباكات على الحدود بين لبنان وإسرائيل". وإذ أكدت باريس تمسكها ب"سيادة لبنان والتنفيذ الكامل من قبل جميع الأطراف المعنية للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، فإنها اعتبرت أن "الأمر متروك لجميع الأطراف لممارسة أقصى قدر من ضبط النفس من أجل منع اندلاع حريق إقليمي لن يتعافى منه لبنان. وهذه الاشتباكات تتعلّق بأمن قوات اليونيفيل، التي يجب بالتأكيد الحفاظ على قدرتها على العمل وأمنها". وبالنظر إلى خطورة التطورات في الجنوب، وما تضمره إسرائيل من نوايا عدوانية تجاه لبنان، فقد أوعز وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، الى بعثة لبنان لدى الامم المتحدة، تقديم شكوى جديدة الى مجلس الامن الدولي، ردا على استهداف الجيش اللبناني وسقوط شهيد وجرحى عسكريين"، وردا أيضا على "رسائل المندوب الإسرائيلي في الامم المتحدة لمجلس الامن.
واستناداً إلى ما رشح من معلومات ل"موقع اللواء"، فإن أصدقاء لبنان وفي مقدمهم فرنسا، يرون أن الوضع لبنان اقترب من حافة الانفجار، مع ارتفاع منسوب الأحداث العسكرية على حدوده الجنوبية، بالاستناد إلى تقارير دولية، تشير إلى أن الأوضاع في لبنان قابلة للانفجار في أي وقت بين "حزب الله" وإسرائيل. وهذا أمر بالغ الخطورة سيترك تداعيات كارثية على البلد الذي لا قدرة له مطلقاً على تحمل أي ضربة إسرائيلية، في ظل الانهيارات التي يواجهها على مختلف الأصعدة، وما يعانيه من غياب تام للمؤسسات السياسية، وما يتهدد جيشه من فراغ محتمل على رأس قيادته . وهو أمر حذرت منه باريس عبر موفدها إيميه الذي دعا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية التي تكفل التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، تفادياً للأسوأ . بعدما كان المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، قد دعا بوضوح إلى اتخاذ من يلزم من إجراءات للتمديد للعماد عون، لأن لبنان لا يحتمل فراغاً في قيادة الجيش، في ظل الظروف الخطيرة التي يواجهها . وهذا الموقف الفرنسي يحظى بدعم قوي من المجموعة الخماسية التي ترى أن التمديد للعماد عون، أكثر من ضروري .

وسط هذه الأجواء القاتمة، وفي الوقت الذي تزداد الخشية من انفجار الجبهة الجنوبية ، جاء قرار حركة "حماس" بالإعلان عن "طلائع طوفان الأقصى"، ليزيد من حجم المخاطر التي يمكن أن تتهدد لبنان، عدا عما أثاره من موجة ردود فعل رافضة ومنددة  لاستباحة الأراضي اللبنانية، وتحديداً في الجنوب. وقد عبر العديد من المكونات السياسية والحزبية اللبنانية، المؤيدة ل"حماس" والمعارضة لها في آن، عن الاستياء من هذا القرار الذي لا يمت للمصلحة اللبنانية والفلسطينية بصلة، وإنما يصب في مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى، ويعطيها المبرر لضرب لبنان والاعتداء على سيادته، في وقت أثارت قوى المعارضة تساؤلات عن أسباب صمت المسؤولين الرسميين و"الثنائي الشيعي" تجاه إعلان "حماس" الذي يضرب كل مقومات السيادة اللبنانية . 
وفي حين لا زالت المواقف الشاجبة لقرار "حماس" تتوالى في أكثر من اتجاه، فإن قوى المعارضة حذرت من هذا القرار غاية في الخطورة في ظل الوضع الحالي، كونه "يشرع منطقة جنوب الليطاني الخاضعة للقرار 1701 أمام الفصائل الفلسطينية الموالية لإيران، للقيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل ، مع ما لذلك من مخاطر جسيمة على القرار الدولي"، مشددة على أن "حزب الله يتحمل مسؤولية قرار حماس، وبما يشكله من استباحة فاضحة للسيادة اللبنانية، عدا عن أنه يشجع إسرائيل لضرب لبنان، وشن حرب لا هوادة فيها ضده" . وتشدد على أن المطلوب من "حماس" التراجع عن هذا القرار الذي يضر بالقضيتين، اللبنانية والفلسطينية في آن، في وقت يجب أن تتركز الجهود على كيفية العمل من أجل وقف العدوان الإسرائيلي قطاع غزة والضفة الغربية، وتأمين مقومات الصمود للشعب الفلسطيني .
وإذ اعتبرت المعارضة، أن "قرار حماس، من شأنه أن يمثل تحولاً كبيراً على الصعيدين العسكري والسياسي، فإنه أثار ردات فعل سياسية واسعة لبنانية وخارجية، بالنظر إلى خطورته وما سيتركه من انعكاسات بالغة السلبية على لبنان واستقراره، وبما يشكله من خطر على عمل قوات الطوارىء الدولية في الجنوب"، سيما وأن ما يجري في منطقة جنوب الليطاني منذ السابع من تشرين الأول الماضي، قد وضع القرار 1701 على الطاولة، في ظل ما تعرض له من انتهاكات خطيرة من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، في ظل دعوة دولية للطرفين بضرورة الالتزام بتطبيقه، باعتبار أن الاستمرار في تجاهل مندرجاته والخروج عنها، مؤشر بالغ السلبية، ويحمل في طياته مخاطر جسيمة على الاستقرار عند جانبي الحدود .
وبانتظار حسم ملف قيادة الجيش الذي يشهد كباشاً حاداً، بين مؤيدي التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، والمعارضين لهذه الخطوة، فقد كان لافتاً ما كشفه النائب سجيع عطية، من أنّ "حزب الله" اعطى موافقته على التمديد لقائد الجيش، بانتظار الآلية لانجاز التمديد، دون صدور أي موقف واضح بهذا الشأن حتى الآن من جانب "الحزب" أو نوابه الذي قال إن التشاور يجري معهم بهذا الشأن . في وقت رجحت أوساط نيابية عبر "موقع اللواء"، أن يكون التمديد من خلال مجلس النواب، عبر رفع سن التقاعد، ما قد يشمل كذلك أكبر عدد من الضباط ومن بينهم المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، سيما وأن أي قرار بالتمديد من قبل حكومة تصريف الأعمال، يبدو متعذراً حتى الآن، لغياب التوافق، في حين أن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يحاول لدى "حزب الله" أن  يقنع حليفه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بالتمديد .