بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 آذار 2023 12:00ص عظيم المجد والأخطاء

حجم الخط
ليس الحق على اللبنانيين كأفراد، بل الحق على النظام، والذي لم يعرف العالم له مثيلاً!
كلُّ سياسيٍّ برأي، وسياسيّو المعارضة لا يجتمعوا ولا يتفقوا ولا يتوحدوا. وكل سياسي ينظر الى الخارج، والخارج يبحث عن مصالحه وليس عن مصلحة لبنان!
ويزداد الإنهيار ليؤدي الى ازدياد الإنتحار، بدأت نتائج الإنتحار قريبة من نتائج السرتيفيكا، أي النظام أصبح قنبلة ذرية!! وهو نظام عدم تطبيق اتفاق الطائف، وخطف الطائف ليفسره كل سياسي على هواه وعلى مصالحه!
وصار هناك 128 طائفاً!
«ولقد اندهش العالم، وفي طليعته اليابان، لمشهد انتحار الأديب الروائي الياباني يوكويو ميشيما يوم 25 نوفمبر 1970 عندما احتل هو وقلّة من رفاقه مقر كلية الأركان العسكرية في قلب طوكيو، واحتجزوا قائدها، ثم صعد ميشيما الى شرفة الكلية المطلة على ساحة التدريب وألقى كلمة عصبية لم تستغرق أكثر من عشر دقائق في الجنود الشباب المندهشين لحديثه دعاهم فيها الى رفض خضوع اليابان لأميركا، والى تغيير دستورها «السلمي» الذي فُرض عليها بعد الاحتلال الأميركي عام 1945، والعودة الى تقاليد اليابان العسكرية وقيمها القومية التاريخية قبل أن ينجرف مجتمعها مع موجة التغريب والتآمر في العقود الأخيرة. وعلى الرغم من ان رد فعل الجنود كان أقرب الى السخرية، بل ان بعضهم أغرق في الضحك، لعصبية ميشيما وغرابة أفكاره - بمعيار الجيل الجديد في اليابان - ولحركاته الدرامية المبالغ فيها. على الرغم من ذلك قرر ميشيما المضي في عملية الانتحار فغرز سيفه عميقاً في أمعائه وأخرج رأسه من جانب بطنه الآخر، على طريقة انتحار فرسان اليابان القدماء (الساموراي) المسماة (هارا-كيري)؛ ثم قام أحد رفاقه بحز عنقه، وفصل رأسه عن جسده، تخليصاً له من ذلك العناء الدموي».
في لبنان، في 8 حزيران 1982، عندما بدأ الجيش الإسرائيلي زحفه نحو بيروت، فُجع العالم العربي بانتحار الشاعر اللبناني خليل حاوي! صارت السياسة في لبنان كلها أمجاد كاذبة وكلها أخطاء صحيحة. البلد يتهاوى كل يوم والحلول كلها تحت الطاولة لا تنفع شيئاً! صار اتفاق ترسيم الحدود البحرية على استخراج النفط، عظيم المجد وعظيم الأخطاء لأن فيه اعترافاً بإسرائيل اسوة بأكثر الدول العربية التي طبّعت مع إسرائيل: مصر والأردن والبحرين والإمارات والمغرب والسودان...
كل مؤسسات الدولة سقطت من كثرة غباء وفساد الزعماء، وتهاوت الوزارات ومعها تهاوت العملة وانقطعت الكهرباء والماء، وأقفلت المدارس أبوابها ونشبت معركة بالأيدي بين القضاة! كيف الخروج من هذا الجحيم؟
كل الدول العربية حصلت فيها انقلابات عسكرية لتحرير فلسطين، إلا المَلَكليات، وصارت الشرعية تؤخذ من تحرير فلسطين.
«وحزب الله» الذي استولى على الحكم في لبنان من تحت الطاولة وخرب لبنان من فوقها، استطاع أن يجمع الفساد الى الغباء فانهارت الدولة بكل مؤسساتها لتحرير فلسطين.
والغريب العجيب ان الشعب في لبنان من يأسه وبؤسه وجد طريقة جديدة للخروج من الجحيم، وهي الانتحار، الأمر الذي يعبّر عن وجع الناس، وصار الإنسان اللبناني ضحية الأغبياء الذين كلما حاولوا معالجة امر زادوا في تعقيده!! جرّب اللبنانيون التظاهرات والاعتصامات فلم تغير شيئاً. ثبت الفساد على الكثيرين، فنجحوا في تعطيل القضاء، ووسط لهيب هذا الجحيم وأوجاعه ظهرت لأول مرة طريقة احتجاج يابانية وهي الإنتحار. صار المنتحرون بالعشرات وكأن الإنتحار يحل المشاكل.
المجتمع الذي فيه حجم هذا الفساد المخيف والذي ينفجر مرفأه الذي هو باب رزقه، لا يحاسب أحد، والذي صار فيه الدستور مجرد وجهة نظر لم يعد يجد طريقاً للخلاص سوى الإنتحار على الطريقة اليابانية. انتحار جورج حاوي سنة 1982 كان طريقة استثنائية في الإحتجاج. يبدو انهم هذه المرة وجدوا طريقة جديدة للتغيير وهي الإنتحار على الطريقة اليابانية، عندما يشعر المجتمع بالجوع والعار! ولكن لبنان بلد صغير لا يمكنه ان يغير الفاجعة التي حلت به بالإنتحار.
تدخُّل الدول الكبرى سيبحث عن مصالح الدول الكبرى، ولكن لبنانيو الخارج الذين هم في نوعهم وكمّهم لهم وزنهم الثقافي والسياسي ويستطيعون ان يحركوا الدول الكبرى حيث يُقيمون لنجدة لبنان.
الإنتحارات تتوالى، وتساقط قيمة العملة يزداد، وانتخاب رئيس البلد مجمّد من اختلاف كل النواب وتنازعهم، والكهرباء مقطوعة والمياه، والمستشفيات وكذلك المدارس تقفل أبوابها، الدواء مفقود و... و... الإنتحار مفهوم ولكن ليس حلاً بل هرباً من المشكلة!
لبنانيو الخارج هم آخر دواء، وإلا فإن «الجورج حاوي» سيتكاثرون من اللبنانيين.
لعلّ... وعسى.. 
الى نظام جديد، الى تطبيق الطائف وإصلاح ما فيه، بغير ذلك ليس هناك حلاً، وفي هذه الأثناء «الإنتحارات» ستتوالى وهي أول مرة يلجأ إليها اللبنانيون للإعتراض أمام المافيات والميليشيات الحاكمة، الى هذا الإتجاه يجب أن نتجه وبسرعة وبحكمة، بجبران خليل جبران وليس بجبران باسيل، وبكل العبقريات التي تلمع خارج هؤلاء، الكرة في مرماهم ولكن يجب أن نعرف كيف نخاطبهم ونُفهمهم الأوضاع التي يرونها عن بعد. 
لم يبقَ هناك حلّ سوى هذا الحل. 
فاللبنانيون لجأوا لأول مرة في تاريخهم الى الإنتحار بهذا الشكل الجماعي.
النظام غريب علينا، ولا حل إلاّ بقوة المغتربين. فإليكم النداء.
شعبكم ينتحر، هبّوا الى نجدته بسواعدكم واتصالاتكم وعلاقاتكم السياسية والثقافية. لبنان الحقيقي في الخارج.
لبنان الداخل قضوا عليه! لم يبقَ لنا سوى لبنان الخارج، وهؤلاء الطاهرين الشرفاء العباقرة يجب ان ينظموا الضغط في الدول الكبرى التي يقيمون فيها لإصلاح وتغيير الجحيم في لبنان، إليهم كلنا نتجه ولكن يجب أن نعرف كيف نخاطبهم، كيف نستنجد بهم حتى لا يسبقنا الأشقياء الذين يحكمون لبنان الآن بفسادهم، فيعطلون حركة المغتربين ويقطعون الطريق وتستمر الإنتحارات الى آخر لبنان.
الى النجدة يا رجال ونساء لبنان في الخارج.