بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 آب 2023 12:01ص قاب قوسين أو أدنى

حجم الخط
في عصر ما بعد الاستقلال عشنا حتى 1958 في عهد ‏بطلا الاستقلال رياض وبشارة بنعيم، وهم العصر الذهبي، ‏ذروته كانت برهة النمر، فتى العروبة الأغر، ثم بعد ذلك ‏عشنا عصر ذهبي مصطنع بقيادة الجنرال فؤاد وخليفته ‏شارل حتى 1976 ومن بعده قفزنا من العصر الذهبي ‏الوهمي ثم الاصطناعي إلى عصر الحطب والبارود حيث أشعلت ‏النيران بالبلد على يد مقاومتين، مقاومة داخلية مؤازرة من ‏حليفين جارين ومقاومة وافدة مسانّدة من قوى داخلية. ‏فعشنا في عصر الحطب هذا بزعامة الياسر والبشير حتى ‏عام 1982 وانتقلنا إلى عصر النار تحت الرماد، عصر ما ‏بعد الطائف مع تشغيل آليات التبريد من العام 1989 حتى ‏عام 2005 بفضل المرحوم الشهيد رفيق فتعطّلت ورش التبريد فعدنا بعدئذ إلى عصر ‏ساخن لكن بلا لهب في ظل مقاومة في الداخل تحمل ‏السلاح لغير الداخل ومقاومة على البارد لا تحمل السلاح ‏ولكن تنكر على الأولى حق حمل السلاح أنّ كانت الذريعة. ‏تراوحت الأجواء في البلد بين البرودة والسخونة إلى أن ظهرت ‏في الأجواء عوامل إنفجار جديدة تطيح فترة المراوحة ‏وكادت تطيح الهيكل بأسرة تحت تأثير حركة مقاومة ‏تجاوزت الحدود الثنائية التقليدية عام 2019، حركة مقاومة ‏شعبية شاملة من الداخل. انتقلنا من بعد هذا التاريخ ‏وأصبحنا نعيش إلى هذه الأيام الأخيرة في ‏ظل أوضاع تطغى عليها عوامل نيران كورونا ونيران ‏تشبيحات القطاع المصرفي واستقالة الدولة عن مهامها ‏على كل المستويات وغزتنا المافيات من كل حدب وصوب حتى كدنا نصل إلى ما يشبه العصر ‏الحجري الذي يهدّدنا به العدو علماً أن لا حاجة لذلك التهديد، أعوانه في الداخل قاموا بالواجب عنه، فنحن ‏قاب قوسين أو أدنى من دخوله.
ومقاومتنا تقف حائرة بين عدوّين; خارجي وداخلي، كلاهما ‏لا يتركان مخرجاً لها ولشعبها سوى مصير العصر ‏الحجري بعيداً عن أي انتصار‎.
كشعب وكأجيال من أي طائفة كنا ولا نريد أن نقول ‏كمواطنين لأنكم لا تحبون هذه الصفة، ما الذي يجب أن ‏نفهمه من هذا الذي وصلنا إليه وأنتم الآن في الحكم وكنتم ‏فيه أيضاً في مراحل سابقة وكانوا في الحكم من يشبهونكم ‏وتشبهونهم فلا مجال للتنصّل من أفعال من سبقوكم على ‏الكراسي التي تشغلونها اليوم وقول «ما خصّنا». أنتم في ‏سدة المسؤولية. وقبل أن تقولوا لنا ما هو برنامجكم ‏لتخليصنا من هذا الوضع، ولن نقول منكم بالذات، نطلب ‏منكم أن تفيدونا عن تشخيصكم لهذه الحالة التي وصلنا إليها ‏ومن المسؤول عنها. وأفيدونا كيف أنكم كحكام تعيشون ‏أنتم وحاشياتكم عيشة بلدان لا أحد منها يعيش مثيلاً لها، ‏وكيف أن البلد الذي توليتم المسؤولية فيه عن مقدراته هو ‏الآن في الحضيض. هناك شيء غير طبيعي. ولا أحد منكم ‏يسأل. شو هيك الدنيا فلتانة؟ هل تربّيتم على هذا النهج في ‏بيوتكم ومؤسساتكم وطوائفكم؟ وللا مفكّرين أنكم أسياد هذه البلاد ‏تملكون الأرض ومن عليها؟ استحوا على حالكم أمام ‏أنصاركم وأمام أمهاتكم وأمام زوجاتكم وأمام أولادكم ‏وأمام كل من تقابلونهم فيما تسمّونه مساعي للخروج من ‏الهوة التي أوقعتمونا فيها، وأنتم لستم فيها أبداً. إذا طلب ‏منكم على سبيل المثال أن تحاضروا أمام جمع من طلب ‏جامعات في أميركا أو أوروبا عن بلدكم وما يعانيه من ‏كارثة وفي نهاية كلامكم، ولأنكم أعجز من أن تقنعوا أحداً ‏من الحضور، يطلب أحد الحاضرين الكلام، السذج ستقولون ‏عنه، ويسأل كيف يمكن أن يكون بلدكم في مثل هذه الحالة ‏وعندكم طاقم من المليارديرية تحسدكم عليهم أغنى الدول ‏في العالم؟ ربما قلتم في قرارة نفسكم أنه سؤال مدسوس ‏من الصهاينة.‏ عفواً فاتتني الفكرة.