بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 أيار 2021 12:02ص كيف يسعى الاحتلال الاسرائيلي إلى تهويد القدس الشرقية ؟

حجم الخط
على وقع المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي في القدس الشرقية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني البطل بهدف طردهم نهائياً من أراضيهم، لا بد من الاضاءة على كامل مخطط تهويد القدس بأكملها بتفاصيله الدقيقة.

تسعى اسرائيل إلى تنفيذ مشروع القدس 2050، وهو عبارة عن وجهة سياحة متقدمة تكنولوجياً ذات أغلبية يهودية وتقطنها أقلية فلسطينية. 

إن التصور الاسرائيلي للقدس يسعى كما تبين المخططات إلى زيادة عدد اليهود وتقليل الفلسطينيين تدريجياً من خلال الاستيطان والتهجير والطرد.

ولا غبار على أن الاحتلال الاسرائيلي سيعمد إلى طرد الفلسطينيين عبر ما يسمى بالتخطيط العمراني والقانون. 

لقد تمكنت تل أبيب بواسطة أعمال العنف والقتل بحق الأبرياء والعزل من جعل قطاع الأعمال والتجارة الفلسطيني يعتريه النهك وجعل قطاع التعليم يفدحه الارهاق والاستنزاف وجعل البنى التحتية تصاب بالوهن الشديد. 

ومن نتائج التضييق الاسرائيلي على امكانات القدس الشرقية ارتفع معدل الفقر فيها إلى 75% وهناك قرابة 84% من الأطفال يعيشون تحت وطأة خط الفقر والجوع. 

لقد شيدت دولة الاحتلال الجدار بحيث تمكنت من ضم 160 كم2 اضافياً من الأراضي الفلسطينية المحتلة وفصل ما يزيد عن 55 الف مواطن مقدسي عن وسط مدينتهم. 

أما التخطيط والتنمية في الأحياء الواقعة خلف الجدار فحالتها سيئة جداً ولا يوجد فيها سوى نسبة ضئيلة من الخدمات الحكومية والبلدية رغم أن الفلسطينيين القاطنين في تلك الاحياء يسددون قيمة ضريبة العقارات أو الأرنونا. 

أما التخطيط الحضاري فيكمن في صميم خطة 2020 التي تعتبر القدس وحدة حضارية واحدة ومدينة حاضرة وعاصمة أبدية لدولة الاحتلال وهذه الخطة تعتبر أيضاً أداة جيوسياسية واستراتيجية تستخدمها دولة الاحتلال منذ العام 1967 لاحكام قبضتها على كامل مدينة القدس وتقييد التوسع العمراني الفلسطيني سعياً لتهويد المدينة بأكملها. 

اما أحد أبرز أهداف الخطة 2020 فهو الحفاظ على أغلبية يهودية راسخة في المدينة من خلال تشجيع بناء المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية بكثرة شديدة. 

وتهدف الخطة أيضاً إلى ربط المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية بالقدس وتل أبيب جغرافياً واقتصادياً. 

ورغم أن خطة 2020 تبدو في ظاهرها مولجة بتنمية المناطق الفلسطينية على قدم المساواة إلا أنها في الواقع لا تعرف الحق والعدل، إذ لا تراعي معدل النمو الفلسطيني في القدس الشرقية فتخصص فقط مساحة 2300 دونم فقط أي 2.3 كم مربعاً للاعمار الفلسطيني مقابل 9500 دونم لليهود الاسرائيليين. 

إن الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية وتطوير الأحياء الفلسطينية يخضع لقيود شديدة جراء التزام الخطة بتطبيق قوانين التخطيط والبناء لمنع ظاهرة البناء غير القانوني، غير أن حصة الفلسطينيين من تراخيص البناء بالموازاة مع ارتفاع كلفة هذا الترخيص أي نحو 30 الف دولار وفقاً لمعلومات موثوقة، يرغم العديد من الفلسطينيين على البناء بشكل غير قانوني. 

ويواجه الفلسطينيون أيضاً سياسة تمييز حادة، إذ انه وفقاً لتقرير أعده مركز التعاون والسلام الدولي ارتكبت اسرائيل 78.4 % من مخالفات البناء في القدس الغربية بين عامي 2004 و2010 بينما كانت مخالفات البناء في نفس الفترة بنسبة 21.5% في القدس الشرقية، ورغم ذلك صدرت أوامر هدم قضائية بحق 27% فقط من جميع المخالفات المرتكبة في القدس الغربية، بينما شهدت القدس الشرقية أوامر هدم قضائية بحق 84% من المخالفات فيها!! 

فضلاً عن أن الفلسطينيين يضطرون أيضاً إلى دفع رسوم البناء غير القانونية للبلدية الاسرائيلية لتغطية تكاليف هدم المنازل، وكل هذا السلوك المشين مستمر إلى يومنا، ويدر عائدات مالية كبيرة على بلدية الاحتلال. 

ويقدر مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية بأن البلدية جنت في الفترة الممتدة ما بين 2001 إلى 2008 مبلغاً سنوياً قدره 25.5 مليون شيكل أي نحو 6.6 ملايين دولار من عوائد رسوم البناء غير القانوني، وكل هذا أيضاً مستمر إلى الآن. 

من هنا فإن خطة 2020 هي خطة سياسية تستخدم التخطيط العمراني كأداة لضمان السيطرة الديموغرافية و الاقليمية اليهودية في المدينة وفق معادلة الاحراج فالتيئيس فالاخراج بالحسنى أم بالقوة المفرطة. 

وبالمناسبة فإن المؤسسات اليهودية ليست وحدها المشتركة في تهويد القدس فهناك منظمات غير حكومية ومنظمات دينية منخرطة أيضاً في اعادة تشكيل آليات التهويد المستمر، ومنها على سبيل المثال منظمة العاد اليمينية التي استماتت لتوطين اليهود في حي سلوان الفلسطيني بهدف تشغيل المواقع السياحية الأثرية فيه وهو الذي يسمونه بمدينة داوود. 

وتسعى منظمة العاد إلى اعادة انشاء القدس كمدينة يهودية يغلب عليها التاريخ والتراث اليهودي عبر محو الوجود الفلسطيني المادي والتاريخي. 

وبحسب صحيفة هاارتس كان يعمل في تلك المنظمة 97 موظفاً بدوام كامل عام 2014، ثم تلقت تبرعات تزيد على 115 مليون دولار بين عامي 2006 و2013، ما يجعل منها أحد أغنى المنظمات غير الحكومية في دولة الاحتلال. 

ومن المنظمات الاخرى المساهمة أيضاً في تغيير التركيبة الديموغرافية في القدس الشرقية نعثر على اسم منظمة عطيرت كوهانيم التي تجهد لايجاد أغلبية يهودية في البلدة القديمة وفي الاحياء الفلسطينية في القدس الشرقية. 

أيضاً وأيضاً ومن الدلالات الواضحة على نية المحتل الاسرائيلي تهويد كامل القدس هو ما تشير اليه خطة القدس 5800 المعروفة أيضاً باسم القدس 2050 وهي مبادرة أطلقها المبتكر التكنولوجي والمستثمر العقاري الأوسترالي كيفين برمستر، وتشمل الخطة رؤية مقترحات ومشاريع للقدس حتى عام 2050. 

وتهدف خطة القدس 5800 إلى زيادة الاستثمار الخاص في كامل القدس وبناء الفنادق وتشييد الحدائق على أسطح الأبنية وبناء المنتزهات وتحويل المناطق المحيطة بالمدينة القديمة إلى منطقة فنادق يحظر فيها سير المركبات، كما تشمل الخطة أيضاً بناء طرق عالية الجودة للمواصلات بما فيها خط سكك حديدية وطريق فائق السرعة تقطع البلاد من الشمال إلى الجنوب، وانشاء مطار في وادي هوركانياين يصل القدس بالبحر الميت لخدمة 35 مليون مسافر سنوياً.