بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 شباط 2024 12:00ص لماذا طمس الحق وإظهار الباطل؟

حجم الخط
بالأمس غير القريب ساد بلادنا العربية زمنا شبيها بما هي فيه حاليا من ظلم وظلام، فرقة وانقسام، تقاتل على السلطة والسلطان، وعليه نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون. وتساءل أمير الشعراء أحمد شوقي طيّب الله ثراه بقصيدة مطلعها: إلام الخلف بينكم إلاما وهذه الضجة الكبرى علاما، وفيما يكيد بعضكم لبعض وتبدون العداوة والخصاما وأين ذهبتم بالحق لما ركبتم في قضيته الظلاما..
العجيب الغريب في حياتنا أمة ودول عربية تنتصر للخلافات وتوسّع مداها وتصبح عبيدا لغاياتها ومقاصدها أو تبتعد عن الحلول الناجعة ونذهب الى ما يفضي للانتحار.
هذا الخلاف الجهنمي نراه في بيوتنا وعائلاتنا ومناطقنا ونراه بكل أسف في التيارات السياسية والأحزاب التي يفترض أن تكون قاعدة الإصلاح والصلاح لمجتمعاتها ولعموم المواطنين، فنراها الأسوأ في هدم الأوطان والمؤسسات والتقاتل والاقتتال بين المواطن والمواطنين.
الخراب الذي طال عواصم عربيه ومدنا وبلدات وقرى كبيرة وصغيرة وبتنازع عربي - عربي لا يقلّ عما أنزلته الصهاينة الآن بفلسطين المغتصبة منذ 75 عاما وحرب الإبادة التي تمارسها ضد البشر، رجالا ونساء، أطفالا وكبار السن، وضد الحجر; بنايات عالية وبيوت ومساكن ومحلات, واقتلاع كل عرق أخضر من أشجار وأعشاب ومزروعات وكل ما ينبت من الأرض، كل هذا نراه بالعدوان الإسرائيلي بغزة والمسجد الأقصى وبمناطق أخرى بالعراق وسوريا.
ومن المؤسف ما رأيناه ولمسناه في عواصم عربيه أخرى ما زالت تداعياتها قائمة حتى الآن وأخطرها ليس تهجير الملايين من المواطنين بل طردهم للخارج الى بلدان أخرى مجاورة عربية وغير عربية وخلق عوائق لعدم عودتهم الى أوطانهم وبلدانهم وأملاكهم في عملية ترانسفير أملا في انقلابات طائفية ومذهبية وتوسّع صهيو-أميركي، لقد سقط النظام العربي وبات يطال سقوط الدول العربية، ان لم يقم المسؤولون العرب من سباتهم ويدافعوا عن أوطانهم إسوة بالمقاومة الشعبية ومقاتليها وهي التي تصدّت للعدو الصهيوني وصنعت معجزة تحرير لبنان وها هي تخوض ملحمة طوفان الأقصى وترسم أول تباشير النصر واستعادة فلسطين كل فلسطين والمسجد الأقصى ومسرى النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم، وكنيسة القيامة وبيت لحم مولد السيد المسيح عليه السلام.
وفي هذا المجال، مجال النهوض العربي، لا بد من الإشارة لحدثين مهمين حدثا بلبنان: الأول اللقاء والتنسيق بين تنظيمات قوى عربية ناصرية والثاني انعقاد المؤتمر الرابع الذي عقده التنظيم الناصري بنجاح سوف يتلاقى مع ذكرى الوحدة العربية بين مصر وسوريا عام 1958.
وان كان من عاتب أو مشاكس للمؤتمر ونجاحه الباهر الذي لقي ويلاقي كل التأييد من قوى ناصرية ومن أحزاب وشخصيات بارزة في الساحة العربية.
يبقى السؤال الأهم لماذا طمس وإغفال الحق وإظهار الباطل بسبب أمراض نفسية وارتجاجات عقلية ويصبح الأنا أو لا أحد والزعيم الأوحد والقائد للأبد وترهن الأوطان لأشخاص فقدوا أية مشروعية في تحمّل الأعباء الوطنية فيصبح الاستئثار بالسلطة أو بالموقع المسؤول هو المقصد والهدف ولن يحيد عنه ولو قضى على الدولة ومواطنيها أو التيار السياسي وأنصاره من المواطنين أو الحزب والتنظيم وأي تجمع بشري آخر. لذا ينبغي على الجميع السير على الأسس التي يصبح البناء والاستمرار المؤتمن عليها والتي تم القسم على تطبيقها والعهد على الالتزام بها وطرق معالجتها والتغلب على التباينات والنزاعات وحفظ القضية لقدسيتها وسلامة سيرها وهو ما تقرره الغالبية ولا تكون القضية مجال رهن هنا وهناك.
وأختم بما جاء ببرقية أحد الأخوة الناصريين خلال تهنئته بنجاح المؤتمر حيث قال: تأكد لي ان الثوابت الوطنية والقومية لم تتغيّر ولم تتبدّل بل تأصّلت وتعمّقت أكثر وبقيت فلسطين وشعبها وأرضها وتاريخها وبقيت غزة الشامخة بعزّتها ودم شهدائها راسخة في نهجكم النضالي وبرنامجكم السياسي المستقبلي وفقا لمسيرتكم النضالية المعهودة.