بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آب 2021 12:01ص لنختَرْ رجال دولة في لبنان وليس رجال سياسة

حجم الخط
لقاءات عدّة جمعتني مع المحامي المعارض قائد تجربة تناوب (السلطة) في المغرب هو الزميل المناضل المرحوم عبد الرحمن اليوسفي الذي انتخبته قيادة المحامين من الرجال الرجال في اتحاد المحامين العرب أميناً عاماً مساعداً للشؤون الدولية بعد أن فرضت عليه الظروف في الستينات من القرن الماضي أن يكون خارج المغرب، فكان كما عرفته لاحقاً له صولات وجولات مشهودة في التعبير عن شؤون وشجون ومواقف وطنه وأمته العربية في المؤسسات الأممية والاقليمية التي تؤكد على الحرية والاستقلال والسيادة والديمقراطية والمساواة والعدالة الإنسانية وحقنا في أرض فلسطين العربية والعمل على إجلاء المحتل الصهيوني عنها.

دعاه الواجب الوطني لاحقاً الى العودة لوطنه رئيساً لحكومة المغرب الذي قادها بكل الشفافية والنظافة والزهد في المال وبالوعي الوطني عاملاً لنهضة المغرب بكل النواحي الحياتية، وفي أمتنا والحمد للّه الكثير الكثير من أمثاله.

وما دعاني للكتابة عنه هو التوقيع على اتفاقية هبة منه تسلّمت بموجبها مؤسسة أرشيف المغرب والوطنية للمتاحف أرشيفات وممتلكات الراحل عبد الرحمن اليوسفي.

قالت عنه أرملته هيلين اليوسفي:

«أعطى كل شيء للمغرب في حياته واليوم حتى الموت لم يستطع أن يقلل من حبّه وعطائه لوطنه».

لقد شملت هبته راتبه الذي لم يكن يأخذه كوزير أول، وكذلك تقاعده وثمن عقار كان يسكنه في «كان»، وثمن سيارتين أيضاً وحتى المنزل الذي كان يقطنه في المغرب سيتركه للمؤسسة الوطنية للمتاحف ليستعمل مقراً في تكوين الشباب والشعراء والفنانين، كما شملت هبته أيضاً لوحات وأوسمة ووثائق مكتوبة ومسموعة سيستقبلها أرشيف المغرب كذلك.

وما دعاني للكتابة هو أن يصحى يوماً ضمير السياسيين الأحياء عندنا ليأخذوا العبرة من سيرة هذا الإنسان العربي في حياته ومماته، ويدركوا بأن ما يحفظ ويخلّد الإنسان ليست ثروته وسلطته بل أعماله وأخلاقه ووطنيته. 

اننا في زمن الالتصاق بالكراسي وفي زمن الفساد والإفساد ندعو الى المساءلة والمحاسبة في كل الملفات وعدم السكوت مهما كلف ذلك من نضال.

والجدير بأن نذكر هنا قولاً لرئيس الجمهورية الفرنسية السابق «رينيه كوتي» في التمييز بين رجل السياسة ورجل الدولة حيث قال:

«الفرق بسيط جداً رجل دولة يريد أن يعمل شيئاً من أجل بلاده والرجل السياسي يريد من بلاده أن تفعل شيئاً من أجله».

نقول هنا علينا جميعاً في لبنان أن نرفع الى مراتب المسؤولية في الانتخابات القادمة رجال الدولة وليس رجال سياسة، ولا يكون ذلك إلا بتوحيد القوى الفاعلة الحقيقية العاملة للتغيير والخلاص الوطني بعد مغادرة «الأنا» و«الشخصانية» التي تقف دائماً وتعمل على إفشال الوحدة الوطنية التغييرية وتعطي الفرصة للطائفيين والمذهبيين ومنفذي الأجندات الأجنبية وغير الميثاقيين للبقاء، فلا يعطى أي عذرٍ بعد الآن لأيّ كان إذا لم يعمل ويبذل الجهود لبناء جبهة الخلاص الوطني والتي هي من واجبها ولديها القدرة على بلوغ الإنقاذ المطلوب، وهذا يستدعي أيضاً التشبيك الشعبي الانتخابي الضروري لبعثرة قوى الطغمة الفاسدة.

فتشوا من الآن على من يتحلّى بصفات رجال الدولة لنفوز بلبنان الرسالة.



* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب