بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تموز 2023 11:13م مأزق سياسة فرنسا تجاه لبنان وسوريا؟

حجم الخط

منذ قرن ونيّف كان من نتائج انهيار السلطنة العثمانية/ كتب لفرنسا فيه أن تنجب خلال وطئها بلاد الشام مولودين توأم: لبنان وسوريا. بالرغم من هذا المولود التوأم بحكم التاريخ والجغرافيا والثقافة والديانات أولت الأم الحنون أكثر اهتمامها بالشق التوأم الغربي الطاغي فيه الحضور المسيحي وتركت الشق الثاني الشرقي المتنوع طائفياً وإثنياً إنما الطاغي فيه اللون الإسلامي، أي سوريا، ينحو مساراً ابعدته عنها، جراء وضعها كل بيضها في السلة الغربية، اي لبنان، غير آبهة بما لهذا الانحياز من تأثير على المدى التاريخي الأبعد ومن عواقب على مصالحها الاستراتيجدية في المنطقة. وها هي النتائج ساطعة الدلالة على فشل مشروعها بعد مضي قرن من الزمن استمر فيه هذا الخلل، أي عدم التوازن في علاقتها بطرفي التوأم، نتيجته قطيعة وإهمال شبه كلي لا بل عداء للمولود الشرقي ما سمح لهذا الأخير أن يبتعد بدوره عن دائرة المصالح الاستراتيجية للأم الحنون عاقداً تحالفات مع قوى منافسة لها على النفوذ في المنطقة وصولاً إلى الانغماس كلياً في حرب خيضت ضد هذا المولود العصي على التطويع وحتى إلى الوقوف موقف المساند لمولودها الغربي في عدائه لأخيه شق التوأم الشرقي بحيث أسفر هذا المسار على مر العهود إلى أن لم تخسر فرنسا ود أحد مولوديها وحسب بل هي عانت ولا تزال نتائج انحيازها الكامل لشق التوأم الغربي في أزمات علاقاته بأخيه التوأم. وها هي اليوم فرنسا تخرج من المولد بلا حمّص بعد ثبوت خسارتها الكلية للمولود الشرقي وعلامات فشلها في الاستثمار الحصري لمصلحة مولودها الغربي.

إن قيام فرنسا بسلخ المولودين واحدهما عن الآخر واعتبارهما كيانين كاملي المقومات الأهلية للاستمرار على قيد الحياة كان رهاناً خاسراً تاريخياً على ما تقوله الوقائع الحالية التي تغمر هذين المولودين بحيث فقدت فرنسا أي قدرة على التعاطي مع الطرفين معاً. من هذه الخلفية نفهم صرخة غريو سفيرة المودّعة عندما قال لو لا فرنسا أين لبنان؟ وأن الاستقرار الذي تنعمون به يا حكام لبنان ليس شوى خداع. فهل هي صرخة استدراك وصهوة أمام وقائع المراهنات التاريخية الخاطئة؟ وللإجابة لا بد من السؤال اليوم في شأن

ما هي أمامه فرنسا في لبنان وسوريا : هل من فرص لا تزال متوافرة لإصلاح ما أفسدته الرهانات التاريخية الجيوستراتيجية الخاطئة؟ ولكن السؤال الأهم من هم الذين في السلطة الفرنسية الذين يدركون أن لا حياة هانئة للبنان من دون الأخ التوأم سوريا ولا حياة هانئة للأخ العصي على الأخضاع من دون ودّ الأخ المدلل غربياً: لبنان؟