بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 أيلول 2023 12:00ص مؤتمر للإنقاذ

حجم الخط
هل البلاد ذاهبة إلى المجهول؟ سؤال يدور في جميع الأذهان، بسبب هذه الحالة من الفوضى، التي لم يشهدها لبنان، في تاريخه الطويل، إذ لم يسبق له أن غابت عنه الدولة، بكل أجهزتها، بكل إداراتها، بكل مؤسساتها، كما هي تغيب عنه اليوم على وجه الخصوص والعموم!
فنحن على أبواب فصل النشاط والعمل، بعد أن ودّعنا الصيف، بكل أحماله، بكل أثقاله.. تؤجل الدولة الاجتماعات، بحجة الصيف. تؤجل البت في القضايا الساخنة كما الباردة، بحجة الصيف. صار الصيف عندنا مشجبا، تعلّق عليه، جميع القضايا المستعجلة، جميع مسائل اليأس والتيئيس، جميع مسائل العجلة.
أما ونحن اليوم على أبواب الخريف والساعة الجديدة، فقد داهمنا الوقت، ونحن في أصعب حالاتنا. لم نراجع بعد حساباتنا. حالة من الفوضى العارمة تتخبط بها البلاد، والناس تحت أكداس الهموم والحاجات المداهمة. من همّ الفصل المدرسي، إلى همّ الفصل الجامعي، إلى همّ الإدارات المغلقة، إلى همّ الإفلاس العام، الذي تعاني منه البنوك والمصارف، إلى همّ تأمين الحياة المعيشية للعيال، والناس على أبواب الشتاء، ولا يعرفون، كيف يؤمّنون شراء طن من الحطب، أو تنكة من المازوت.. ولا كيف يوفرون ثمن «عروسة الزعتر»، أو مريول المدرسة، أو الكتاب والدفتر، ومبلغ التسجيل الأوّلي للمدرسة.
حالة فوضى، تلك الحالة التي نعيشها اليوم، على كل المستويات. نطلب الأمن فلا نجده.. نطلب الماء والكهرباء.. نطلب إنجاز المعاملات في جميع الإدارات.. نطلب تسجيل الأبناء في المدارس والجامعات.. نطلب الطبابة.. نطلب الإستشفاء.. نطلب فك العصيان على الدولة.. نطلب فك الإضرابات.. نطلب مراقبة الشاطئ والأنهار، وحماية الجبال والغابات.. نطلب تسيير الدوريات في الشوارع.. نطلب رفع النفايات.. نطلب رئيسا للدولة.. نطلب رئيسا للحكومة.. نطلب حكومة عتيدة.. نطلب وزارة قادرة على مواجهة الفوضى، على مواجهة هذه الحالة من الفوضى التي تعمّ الناس.
 كل شيء في البلاد، لا يمرّ اليوم إلّا بقطع النفس. فالغلاء يشتدّ، يمسك بالأعناق جميعا، وليس هناك من دولة، تقوم بواجباتها، تنهض بمسؤولياتها. ليس هناك من دولة، تبسط إداراتها. صارت الدولة، كما الحكومة، في غياب شبه كلي، عن حاجات الناس اليومية. فليس هناك من يسهر على مصالحهم. وليس هناك من يسيّر أعمالهم. وعادت القوى جميعا، إلى عصر الميليشيات، لا ينقصها سوى النفير العام وإستدعاء الكوادر البشرية، حتى تهب إلى حمل السلاح.
حالة فوضى، هذه الحالة التي تضربنا بعنف، هذه الأيام. نسمع أهل السلطة، فلا نطمئن. ونسمع أهل المعارضة، فنزداد غيظا. نسمع الممانعين والمقاطعين والمعارضين، وأهل الوسطية وأهل الحياد، فلا نشعر ببارقة أمل، تلوح في الأفق، ولا نشعر، بقرب الخلاص من هذه الفوضى العارمة التي تعمّ البلاد.
نحن نعيش في هذه المعمعة من الفوضى. لا ينقصنا الكثير من الكلام، لا ينقصنا الحوار، لا تنقصنا طاولات الحوار، ولا جلسات الحوار. وإنما تنقصنا الدعوة للإنقاذ، الدعوة لإنقاذ البلاد.. دعوة أهلية، تبسط جميع الأمور بلا خجل، وبلا حياء من أحد. تبسط جميع العقد والمشاكل، جميع القضايا والمسائل، بلا تخوين، بلا تخويف، بلا مزايدات.. تدعو جميع الأطراف، وجميع القوى، وجميع الذين لهم باع طولى فيما يجري عندنا، فيما نكابده ويكابدنا، نرفع فيه شعارا واحدا:
نريد إنقاذ البلاد.

* أستاذ في الجامعة اللبنانية