بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 نيسان 2021 12:00ص ماذا لدى «ع ع ع»...هل أصابت العين القضاء؟

حجم الخط
لن اتحدث في سياق هذه المقالة عن «العين السحرية» ابعدنا الله عن شر السحر والسحرة، ولم اقصد بالطبع الكتابة عن العين المجردة الثاقبة التي تغوص وترى وتكتشف ادق التفاصيل والجزئيات مهما كبرت او صغرت، كما لن اتطرق الى عين نبع الصفصاف التي تطفئ ظمأ العطشان وترويه حتى ولو بلّ ريقه بالقليل منها، انما عنيت من خلال الأصل والفصل بالعيون الثلاثة لعنوان هذه المقالة الأحرف الأولى لأسماء عائلات ثلاث من القضاة الكبار تشكل قاسماً مشتركاً في ما بينهم عنيت بهم كل من: القاضي سهيل عبود والقاضي غسان عويدات والقاضية غادة عون.

ترى هل هي الصدفة التي جمعت في طياتها هذا القاسم المشترك في ما بينهم لا سيما وانهم يتبؤون المراكز العليا في قضاء لبنان الذي نحترم ونجل، وربما في قدره ايضاً.

قد لا يدرك البعض من اللبنانيين اهمية المقولة التي تستند على ان لبنان يقوم على ركائز اساسية اربعة، بماضيه وحاضره والمستقبل بالتأكيد، كما وان عدداً من اللبنانيين قد لا يعلمون حتى الآن مدى خطورة اهتزاز او انحلال وبالتالي انهيار المؤسسات في هذا البلد الواحدة تلو الأخرى من هذه المقومات والركائز التي يعتمد عليها وطن الأرز لبنان للبقاء والاستمرار على خارطة هذا العالم بكيانه ومؤسساته وشعبه ودستوره والقوانين.

ان ما يشهده هذا البلد منذ سنوات وسنوات من اهتزازات وانهيارات سياسية واقتصادية ومالية وحتى امنية يجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام عن ما يدور في الكواليس والغرف المغلقة من حياكة للمؤامرات ان كان في الخارج او الداخل على حد سواء للنيل من لبنان وهز كيان هذا الوطن الصغير بحجمه والكبير بفعله منذ نشأته وحتى اليوم بشهادة اعدائه قبل محبيه، وقد تعرض لبنان لما تعرض له على مدى العصور الغابرة لشتى انواع المؤامرات من قبل دول وحكومات وجهات عديدة، كما تعرض لغزوات واحتلالات الا انه كان في كل مرة ينفض عنه غبار الحروب والدمار وينهض من تحت الركام لكي يحلق عالياً من جديد ويفرض نفسه على خريطة العالم بأسره كبلد يحظى باهتمامات الأمم والدول كما الشعوب والحكومات ايضاً في شبه اجماع على دوره واهميته وموقعه الجغرافي في هذه المنطقة الحبلى بالأحداث والتطورات المتسارعة وفي ظل خلافات اقليمية ودولية من شأنها ان تترك تداعيات سلبية على الواقع اللبناني كما غيره من الدول الأخرى.

اما لماذا يحاول المغرضون والكارهون لهذا البلد وناسه «ان يلعبوا بالنار» لأخذ لبنان نحو السقوط في المحظور والهاوية، فهذا السؤال يطرح نفسه بإلحاح اما لمعرفة الأسباب الكامنة وراء ذلك او لفرملة مثل هذه المؤامرات والمحاولات للإيقاع به.

الكل يعرف ان الركيزة الأولى والأساسية التي يعتمد عليها لبنان للحفاظ على امنه واستقراره وسيادته هي مؤسسة الجيش اللبناني والتي بالرغم من كل الصعوبات والمشاكل التي تطرأ بين الحين والآخر يبقى الجيش وحده صمام الأمان بالنسبة للبنان واللبنانيين جميعاً من أقصى الشمال الى اقصى الجنوب مع عقيدة راسخة انه ممنوع المس او التعرض بسوء لهذا البلد واهله، بدءاً من القيادة والضباط والرتباء والأفراد، يضعون دمائهم على اكفهم ليل نهار يقيناً منهم بأن شعار «شرف، تضحية، وفاء» ليس مجرد شعار انما هو الأساس في المحافظة على أمن هذا البلد وشعبه بكل ما اعطوا من قوة وصلابة وعزم واصرار وبالتعاون مع سائر المؤسسات الأمنية المولجة بهذا الشان طبعاً.

اما المحزن المبكي ان نجد ليرتنا اللبنانية قد وصلت الى حدود الإنهيار وباتت عملتنا الوطنية تتحسر على تلك الحقبة المشرقة التي كانت خلالها تقول للقاصي والداني ان قيمتها الشرائية تتفوق في أغلب الأحيان على عملات اجنبية اخرى ومنها الدولار حتى، وما من شك ان من اراد بلبنان شراً في ميزانه الإقتصادي والمالي والنقدي كان يعلم جيداً مدى خطورة اللعبة الجهنمية التي يمارسها بلؤم وخبث وحقد دفين على هذا البلد ومواطنيه، وقد اعتمد ذاك الفاعل اياً يكن على اساليب ملتوية رفعت من سعر الدولار بطريقة خيالية دون ان يستطيع احد حتى الآن من القيمين على شؤون البلاد والعباد والمنصات المستحدثة لجم هذا المسلسل الرهيب والذي لا ينم الا عن نوايا مبيتة خبيثة تجاه الإقتصاد اللبناني وعملته الوطنية مما ادى ويؤدي الى رفع اسعار المواد والسلع الأساسية والدواء والمحروقات وغيرها بشكل جنوني، فباتت القيمة الشرائية لليرة اللبنانية لا تساوي شيئًا بالمقارنة مع غيرها من العملات الاجنبية الأخرى. كل ذلك في حين ينشغل المسؤولون والسياسيون والمصرفيون الفاسدون بالمحافظة على امتيازاتهم ومكتسباتهم واموالهم المكدسة في الخارج دون الأخذ بعين الإعتبار ما آلت اليه اوضاع لبنان المتردية اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً وصحياً وعلى مختلف الصعد، وهم يمنعون على التدقيق الجنائي القيام بمهمته المكلف بها دوليا لكشف المستور بشأن تهريب الأموال المنهوبة الى الخارج ومن ثم فك أسر أموال المودعين في المصارف والتي لا تزال حتى اليوم رهينة بأيدي مغتصبيها وسارقيها والناهبين.

وبما ان «العدل اساس الملك» ولأن ميزان العدالة هو ادق «وأصدق انباءً من الكتب» لذلك يبقى القضاء في لبنان تحت المجهر وكل العيون تبقى شاخصة اليه خصوصاً في هذه الأيام رغم بعض الشوائب وعلامات الإستفهام التي تدور حول دور عدد من القضاة الفاسدين الذين شوهوا سمعة القضاء واستقلاليته لكنهم لن يستطيعوا النيل منه مهمًا حاولوا ان يسعوا الى ذلك، وما شهدناه مؤخراً من قرارات وسجالات برزت الى العلن عبر وسائل الإعلام تجعلنا نطرح الصوت عالياً «حذار المس بإستقلالية القضاء في لبنان ونزاهته» فالرهان سيبقى دائماً على قوس العدالة ومواد القانون وكتبه الواضحة وضوح الشمس لكي نناشد كل من يعنيه الأمر بدءاً من مجلس القضاء الأعلى ووزيرة العدل والنيابات العامة التمييزية والتفتيش القضائي ونادي القضاة ان لا يسقطوا في التجارب وان يعيدوا تصحيح البوصلة وان يضعوا خلافاتهم وانتماءاتهم السياسية جانباً وان يحكموا فقط ضميرهم المهني والقانوني لا سيما فيما يختص بإحالة كل المتورطين والسارقين والناهبين واللاعبين بمصير هذا البلد الى العدالة للإقتصاص منهم اياً كانوا ومهما علا شأنهم وان يعودوا فقط الى القسم الذي اقسموه عند دخولهم معترك القضاء، اذ ان ما يجري بات يشكل هاجساً وقلقاً وخوفاً لدى كل اللبنانيين على الجسم القضائي في لبنان برمته وعلى امل هذه المرة «ان تجري الرياح بما تشتهي السفن».

اخيراً وليس أخراً، انها طيران الشرق الأوسط الميدل ايست، حاملة ارزة لبنان على متن طائراتها وصلة الوصل بين لبنان المقيم ولبنان المغترب ومع العالم بأسره وهي بدورها تتعرض لما تتعرض له بين الحين والآخر لشتى الافتراءات والتجنيات والحملات ضدها بغض النظر عن كل ما جرى ويجري على هذا الصعيد، لا بد من الإعتراف والتأكيد على ان دور هذه الشركة الوطنية الرائدة بإمتياز يبقى وحده كفيل بعدم التطلع الى الوراء ونحو صغائر الأمور خاصة ان آلاف العائلات اللبنانية تعمل وتعتاش من هذه المؤسسة الوطنية من مختلف الأطياف والمناطق والمشارب السياسية. ايضاً حذار المس والتجريح بالميدل ايست فهي كانت ولا تزال وستبقى كما عودتنا دائما اقوى من كل العواصف والرياح والأعاصير.

اذاً، لمن لا يدرك حتى الأن مدى خطورة اهتزازات انهيار ركائز لبنان الأربع تلك عليه ان يعلم جيداً ان مصير لبنان الوطن وكيانه ومؤسساته وشعبه باتت جميعها على المحك وفي خطر، فلا أمن من دون جيش ولا إقتصاد من دون ليرة قوية بقدرتها الشرائية ولا عدالة ولا قانون من دون قضاء صارم نزيه وعادل ولا تواصل مع العالم ودول الإنتشار من دون أجنحة الأرز «الميدل ايست» حمى الله لبنان وجيشه وقضاءه وطيرانه الوطني من شر كل المتآمرين والحاسدين والحاقدين على لبنان .