بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 نيسان 2023 01:04ص مسار العلاقات الدولية الواعدة والموقع العربي منها

حجم الخط
لا شك أن عالم هذا القرن الواحد والعشرين يحمل رؤى جديدة بشأن حقل العلاقات الدولية وتطوراتها والمتغيّرات المتوقعة والتي سوف تغيّر وجه العالم البشري ودوله وعلاقاته وتحالفاته، وعليه يتطلّع المفكرون والباحثون المهتمون بالعلاقات الدولية بين الأمم وبين الدول القيام بأوسع الحوارات والنقاش والدراسات لتبيان المشروع العالمي الواعد الذي سوف يحكم المرحلة القادمة بكل تطوراتها ومتغيّراتها وما سيكون عليه الزمن القادم بعد التطورات التي عصفت وما زالت بالعالم ودوله وتحالفاته، ولقد بني حقل العلاقات الدولية إلى حد بعيد على افتراض أن التاريخ الغربي والنظرية السياسية الغربية (أميركا وأوروبا) هما تاريخ العالم ونظرياته التاريخية أيضا، وهذا افتراض خاطئ وان وفّرت أميركا والغرب وسائل إعلام كثيرة ومتعددة تضليلا للشعوب وراحت تروّج أن أميركا قضاء وقدرا لا تقاوم وأنها الدولة الوحيدة العظمى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وأنها القطب الأحادي الوحيد لهذا العالم، وزاد هذا الإعلام التابع بعد غزو أفغانستان والعراق وان أميركا ومعها الغرب الأوروبي هي الدولة العظمى المهيمنة على العالم وبقية دول الأمم والعالم يأتي في المرحلة الثانية والثالثة وما بعدها.
في خضم هذا التضليل والخداع الذي ساد لدى الكثيرين من المثقفين والباحثين والمروّجين لهذه المقولات وإحقاقا للحق والحقيقة كان من أوائل المتصدّين لحملة الخداع هذه على المستوى اللبناني والعربي المناضل الوطني والقومي العربي الناصري الأخ والأستاذ كمال شاتيلا، رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني، في حواراته التلفزيونية وفي كتاباته الموثوقة وخطبه وبياناته منذ تسعينات القرن الماضي وليس آخرها كتابه الذي حمل عنوان «الديمقراطية الاستعمارية - انهيار الإمبراطورية الأميركية» الصادر ببيروت والقاهرة أواخر العام 2022، وبعض ما جاء فيه: /أن الحالة الامبراطورية الأميركية سوف تتراجع أمام توازن قومي على مستوى العالم وتجاه نهوض آسيوي يتفوّق على أميركا بالتدريج، وأن أميركا لا تمرّ بأزمة اقتصادية عابرة ولا تواجه نكسات ظرفية لمشاريعها الدولية أو لمناقشتها مع الصين وروسيا ومجموعة دول البريكس بل هي انتقلت من الهجوم الاستراتيجي إلى الدفاع الاستراتيجي وسط مشاكل حادّة قومية وبنيوية واقتصادية تنمو بداخلها وأولها وأبرزها تصدّع البناء الداخلي، وأضاف: ويبقى الأهم بالنسبة لنا كعرب كيف نستغل هذه الفرصة الاستراتيجية التاريخية لطرح المهمات الوطنية والقومية ومواجهة الاختراقات الواسعة لأمننا القومي العربي بما يحقق الصمود والنهوض والتكامل العربي الذي يحترم الخصائص الوطنية وينطلق بالأمة نحو مشروع قومي عربي متجدد، /انتهى/. وكان أول من استهجن هذا الموقف الشجاع من تحليل الأستاذ شاتيلا من نعتهم «بمثقفي المارينز» ومما يؤكد سلامة وصحة هذا التحليل الشجاع منذ تسعينات القرن الماضي أن الصين على سبيل المثال لديها تاريخ ونظرية سياسية مختلفتان جذريا عن التاريخ والنظرية السياسية الغربية وجسّدت مفاهيم مختلفة عن تلك الموجودة في الغرب ومنها ما اصطلح على تسميته الآن - القوة الناعمة - ويقول المهتمون بالعلاقات الدولية أن التاريخ الإسلامي ونظريته السياسية ولو أن حقل العلاقات الدولية انبثق من هذا التاريخ الأممي ونظرياته السياسية لربما كان سيركّز أكثر على المجتمع العالمي بدلا من نظام الدول الإقليمية ذات السيادة، وكما تظهر رحلات ابن بطوطة في القرن الـ١٤ فقد امتدّ مجتمع العالم الإسلامي من أسبانيا إلى الصين وعبره كان يمكن للفرد السفر على نحو أكثر أو أقلّ أمانا وكان يعترف بمكانته واحترامه على طول الطريق.
وعليه، نستطيع القول وهو ما سبق وأشرت إليه في مقال سابق في أول نيسان ٢٠٢٣/ نشر بجريدة «اللواء» بعنوان «دول الأمة العربية على الطريق الصحيح نحو نهوض جديد»، وقد تجلّى ذلك بالمواقف المتقدمة لدول عربية بالتلاقي الاستراتيجي ما بينها وبين دولة الصين وعبر ثلاث قمم عقدت بالرياض إضافة الى انضمام السعودية الى منظمة شنغهاي، وهذا يعني أن هذا المسار إنما يؤسس للنظام العالمي الجديد المنتظر، وبناء علاقات وتحالفات دولية جديدة.
وقبل الختام، ما هو واجب الدول العربية وقادتها والطلائع الفكرية والثقافية والقوى الحزبية المستقلة بل ومسؤولية المواطن؟! ومنعا للإطالة والاستزادة مما حمله الكتاب المنوّه عنه من اقتراحات ندلي بالتالي بعد إسقاط كل مشاريع أميركا الاستعمارية التي رسمتها للمنطقة، مشروع الشرق الأوسط، المشاريع التقسيمية لأغلب الدول العربية، الفيدرالية التجزئة والطوائفية والمذهبية وقوى الارهاب ومليشياتها وبالتالي: ١- فتح باب الإصلاح الداخلي في عموم الدول العربية. ٢- تفعيل دور جامعة الدول العربية. ٣- إحياء القيم العربية والتراث العربي الإيماني. ٤- انتقال عربي من أسواق استهلاكية لشركات ودول أجنبية إلى بناء صناعة وطنية. ٥- تعزيز فعلي لاتفاقية الدفاع العربي المشترك. ٦- التكامل الاقتصادي والتعليمي وبكل مناحي الحياة من زراعة وصناعة وصحة وعلوم وصولا للتضامن والتوحد بحيث لا يمكن بناء التقدم على التجزئة. ٧- مواجهة فعلية للخطر الصهيوني التوسعي وتحرير الأراضي العربية المحتلة في فلسطين وكل الأرض العربية. ٨- إقامة هيئة عليا من العلماء المستنيرين للإفتاء بالقضايا المعاصرة. ٩- وضع المصلحة العربية والشعب العربي فوق كل المصالح مع تعزيز صداقة الصديق وعزل العدو.