22 آذار 2023 12:00ص مفاعيل التفاهم الإيراني - السعودي لن تكون سريعة على وضع لبنان

لبنان مُبتلى بمكونات سياسية تعيش في الظلمة الطائفية

حجم الخط
في الوقت الذي تفتح فيه الأبواب التي كانت مؤصدة لسنوات في المنطقة، وفي الوقت الذي كان فيه بالامس مستحيلاً بين الدول اصبح اليوم واقعاً، وفي الوقت الذي يسعى فيه العديد من البلدان الاستفادة من الرياح التغييرية التصالحية في المنطقة، فإن لبنان يكاد البلد الوحيد يظهر وكأنه خارج مدار هذا العام، حيث ان النكد السياسي يعمي ابصار وقلوب المسؤولين الذين ما زالوا يتصرفون وكأن الحياة في لبنان طبيعية وأما المواطنون يعيشون بسلام واطمئنان وبحبوحة، وأن جُلَّ همهم فقط تكديس الاموال والحفاظ على المكاسب السياسية من دون اعطاء اي اعتبار لحياة الناس التي تموت على ابواب المستشفيات، ولحياة الاطفال التي تزهق من الجوع والعوز.
إن ما يجري على الساحة اللبنانية فاق المعقول وبات المواطن يشعر وكأنه في كابوس غير مصدق للانقلاب الكبير الذي حصل على مستوى حياته اليومية، فيما اهل الحل والربط من المسؤولين يختلفون في ما بينهم على جنس الملائكة، وعلى شكل الشخص الذي سيكون له الحظ في الجلوس على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا الذي يستوطن فيه الفراغ منذ قرابة الخمسة اشهر.
كل ذلك يحصل ولا يلوح في الافق اي معطى ايجابي يوحي بأننا اقتربنا من الخروج من المأزق، وأن كل المعنيين تتجه انظارهم الى ما يمكن حصول على الخط السعودي - الايراني الذي فتح في اتجاه اعادة العلاقات الى طبيعتها بين البلدين لعلّ ذلك يساهم في تبديد الاجواء اللبنانية الداخلية التي تحول الى الآن دون التفاهم على الاستحقاق الرئاسي.
واذا كان من المعروف بأن لبنان هو بلد المفاجآت والتحولات، فإنه يعيش اليوم حالة من الارباك الشديد، كونه آخر من يتلقى وهو باقٍ على السمع لرصد الرياح التغييرية التي تلفح المنطقة بشكل متسارع، بحيث ان ما تشهده بعض البلدان من حراك على مستوى رفيع يؤكد بأن المنطقة تغلي ايجاباً باتجاه اطفاء كل التوترات والحرائق المتنقلة في اكثر من مكان.
وفي تقدير مصادر متابعة انه كما لبنان تنسحب عليه توترات المنطقة، فإن الايجابيات تنسحب ايضاً، ومن هنا فإنه يمكن القول بأننا وصلنا الى مربع الدخول في الايجابيات، وما على المسؤولين الآن الا الخروج من رمال النكد المتحركة والسياسة «العوجة» المتبعة حالياً لملاقاة ما يجري على المستوى الاقليمي، فإذا كان البلد مبتلى بمكونات سياسية تعيش في الظلمة الطائفية، فإن ذلك لا يعني الاستفادة مما يجري في الخارج وتوظيفه لمعالجة مشاكل الداخل.
من هنا فإن المصادر تقول بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري المعني الاول في الاستحقاق الرئاسي لناحية الدعوة لجلسة انتخاب رئيس ينتظر بفارغ الصبر انقشاع الرؤية بالكامل في ما خص التقارب الايراني - السعودي، وهو الذي كان وما زال من اصحاب نظرية ان التقارب السعودي - الايراني من شأنها ان تريح المنطقة بالكامل وفي طليعتها لبنان.
وترى المصادر ان الرئيس بري لم يطرح اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة عن عبث او تسلية او للحرق، بل انه طرحه عن قناعة تامة لجلب الآخرين الى جلسة الترشح والدعوة الى جلسة تنافسية، وبما ان الرئيس بري يرى ان الأولوية هي للتوافق الداخلي بشأن الاستحقاق الرئاسي غير انه يدرك تماماً ان هذا الامر مستحيل، لذلك يتطلع الى الخارج، ليكون عاملاً مساعداً في هذا المجال.
وفي تقدير المصادر ان شعار رئيس المجلس انه لا يوجد لدينا خيار آخر، ففرنجية الاول والثاني والحادي عشر وحتى آخر العد، ومن لديه اسم آخر فليطرحه.
واذا كان لبنان تشخص عينه الى مسار الاتفاق الايراني السعودي، فإنه يدرك بحسب المصادر ان الايجابيات التي ستنجم عن هذا الاتفاق لن تكون فورية وهي بحاجة الى وقت حيث ان لهذا الاتفاق آليات ومساراً كونه يعالج بحراً من المشاكل الايرانية - السعودية يمتد من اليمن الى لبنان مروراً بالعراق فسوريا.
وحول ما اذا كان يمكن لأي طرف خارجي الدخول على الخط لنسف هذا الاتفاق تسارع المصادر الى القول بأن ما يجري بين طهران والرياض ليس في معزل عن الولايات المتحدة الاميركية.
اما بالنسبة لاسرائيل المتضرر الاكبر من هذا التقارب لن يكون في مقدورها التأثير وإن كانت تحاول التشويش، وبالتالي فإن الاتفاق سيخرج الى النور في غضون اسابيع قليلة.
وتدعو المصادر الى التمعن في قراءة اعلان بعض المسؤولين في المملكة العربية السعودية استعداد المملكة للاستثمار في ايران، لان ذلك يعني تجاوزاً للعقوبات الاميركية المفروضة على ايران، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على ان كل الاجواء مؤمَّنة لتأمين وصول التوافق بين البلدين الى الخواتيم السعيدة.