بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 تشرين الأول 2021 09:06ص منطقة للرخاء المشترك

حجم الخط

بعد سبعة أعوام يفتح ما تحقق على جانبي البحر الأحمر وخليج العقبة في مصر والسعودية الأبواب لمنطقة للرخاء المشترك على جانبي المياه، يغذيها على الجانب السعودي قوة اندفاع اقتصادية نحو غرب المملكة حيث مجالات تنويع الاقتصاد المختلفة، سواء كان ذلك في جانب السياحة الدولية وليس فقط السياحة الدينية، أو الاكتشافات المختلفة للثروات المعدنية، والخدمات الممكنة في الموانئ الأكثر تطوراً. وإذا كان ممكناً إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم سبع دول تنتج الغاز وتسيله وتنقله وتصدره وتدعم به صناعات ثقيلة مستهلكة للطاقة في مصر، فإن منتدى أو رابطة أو منظمة للتعاون في شمال البحر الأحمر، تكون نواتها مصر والسعودية ومجالاتها، ربما تبدأ بالسياحة ولكنها تنتهي بمجالات متعددة تمتد إلى الخدمات البحرية بأنواعها والنفط والغاز، لكي تتكامل مع محور التصنيع المصري في قناة السويس شرقها وغربها.

لقد كان لإنشاء جامعة الملك سلمان في سيناء بمواقعها المختلفة، وجامعة الملك عبد الله في مدينة الجلالة القريبة من ميناء العين السخنة المطل على قناة السويس عاكساً لإمكانيات جديدة للتواصل في مجالات التعليم والبحث العلمي وتطوير التكنولوجيا.

وعلى الجانب السعودي من البحر فإن التقدم الجاري لإنشاء مدينة «نيوم» التي يشمل مخططها الكبير التواصل مع سيناء المصرية وميناء العقبة الأردني لا يوسع من نطاق التعاون بين الدول فقط، وإنما يقيم قاعدة كبيرة للبحث العلمي والتبادل الثقافي. كل الطرق كما يقال تؤدي الآن في مصر والسعودية إلى البحر الأحمر، حيث يتم الانتقال العمراني الحثيث في الجانب المصري من وادي نهر النيل الضيق إلى الشواطئ الفسيحة والرحبة على البحرين الأحمر والأبيض. الجانب السعودي تقدم بسرعة في اتجاه الشمال الغربي وشواطئ غرب المملكة التي باتت تحل محل السفر إلى الخارج في تحقيق المتعة للمواطنين والمقيمين في السعودية في ظل ثقافة وطنية.

لقد نجحت مصر والسعودية في أنه رغم تأثيرات جائحة «كورونا»، فقد استمرت عملية التنمية في البلدين في اتجاهات متعددة قائمة على التجديد المادي بامتداد العمران إلى مناطق بعيدة، والإصلاح الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، ولا يقل أهمية عن ذلك التجديد الفكري سواء كان دينياً أو مدنياً. والآن بات مع «المعتاد الجديد» ممكناً النظر إلى المستقبل من خلال إنشاء نواة للتعاون الإقليمي الذي يرتكز على الجهود الحالية للتطوير والتقدم في البلدين. وعلى ضوء التوجه نحو تقليل التوتر بين دول الإقليم، والقنوات المفتوحة الآن بين دول متخاصمة، والسعي إلى حل مشكلات متأزمة نحو استقرار الدولة الليبية، وفتح جسور أردنية مع سوريا، فإن إضافة ساحة جديدة ومبتكرة للتعاون والتواصل والرخاء المشترك سوف تكون إضافة كبيرة للدولة الوطنية وتراثها في المنطقة. لقد كتبت كثيراً في هذا المقام داعياً إلى اعتماد الحل الإقليمي لمشاكل المنطقة، ولكن المؤكد هو أن مفتاحها سوف يكون تقديم مشروع كبير يكون مثلاً مختلفاً عن تجارب عربية سابقة لم يحالفها النجاح، لأنه يستند إلى قوة اندفاع الدولة الوطنية وسعيها الكثيف نحو النمو والمشاركة في السباق العالمي نحو التقدم.

المصدر: الشرق الأوسط