بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 آذار 2024 06:54م هل يغلق التصعيد الإسرائيلي نوافذ الدبلوماسية الأميركية؟

حجم الخط
لا تتوانى إسرائيل عن الاستمرار في إطلاق التهديدات ضد لبنان، مترافقة مع استعدادات ميدانية، في إطار تحضيراتها لاستهدافه على نطاق أوسع . وهو ما تحاول الوساطة الأميركية منعه، من خلال تسوية سياسية يعمل عليها مع الأطراف المعنية، لكن دون بروز موشرات توحي بإمكانية نجاح واشنطن في مسعاها. وقد بدا لافتاً، توازياً مع استمرار التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، ما كشف النقاب عنه، من أن قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، استغلت الأسابيع الأخيرة من أجل تنفيذ مخطط سريع لإقامة ملاجئ لسكان المستوطنات على الحدود اللبنانية. وفيما وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أنه وفقاً للمخطط الذي تمت بلورته وتخصيص ميزانية له في الشهرين الأخيرين، فإن هكذا إجراء يسبق عملية واسعة يعد لها الجيش ضد جنوب لبنان . وهذا يؤشر إلى أن جيش الاحتلال، ليس في وارد الاستجابة للدعوات، من أجل إيجاد حل سياسي للوضع على الحدود مع لبنان .




وإزاء هذا الواقع، فإن "حزب الله" بات يدرك أن الإسرائيليين يراوغون، وهم أبعد ما يكون عن القبول بتسوية، بعد وقف العدوان المتمادي على قطاع غزة . وبالتالي فإنه وطالما أن "الحزب" ربط مصير جبهة الجنوب، بالتطورات الميدانية في قطاع غزة، فإن ذلك من شأنه أن يشرع الأبواب أمام المواجهة الكبرى التي لا يمكن التكهن بنتائجها ، وسط مؤشرات مقلقة من سير الأمور بهذا الاتجاه، في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية للبنان، باجتياح بري يهدف لإبعاد "حزب الله" إلى شمال الليطاني . وهو ما حذرت منه مصادر دبلوماسية غربية، عبر رسائل متتالية ، أُبلغت للمسؤولين اللبنانيين، بأن إسرائيل تحضر لشن حرب على لبنان، بصرف النظر عن الاعتراضات الأميركية أو الغربية، على أي عمل عسكري يستهدف لبنان . 



وهذا ما دفع المصادر الدبلوماسية، إلى الطلب من لبنان العمل وبشكل حثيث، على ضرورة التقيد بمندرجات القرار 1701، وعدم إعطاء إسرائيل ذريعة للاعتداء على لبنان، لناحية مطالبة "حزب الله" بالانصياع لمضمون هذا القرار، لتجنيب لبنان عدواناً إسرائيلياً، لا يبدو بعيداً إذا بقي القرار الدولي في مهب الريح، بعدما تحولت منطقة جنوب الليطاني، إلى ساحة مفتوحة لكل الفصائل الفلسطينية الموالية لإيران في المنطقة . وهذا مؤشر بالغ الخطورة، ربما تستغله إسرائيل كذريعة لمهاجمة لبنان، وضرب "حزب الله" الذي تعتبره مصدر تهديد كبيراً لأمنها. وقد أكد كبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين، خلال زيارته الأخيرة بيروت، أن النوافذ الدبلوماسية قد تغلق في حال تطورت الأمور أكثر على الجبهة اللبنانية، ما يستدعي مزيداً من الجهود، من أجل تهدئة الوضع على الأرض، حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.






وفي وقت لا تستبعد مصادر سياسية، تراجع الآمال بشأن الوساطة الأميركية لتبريد جبهة الجنوب، استناداً إلى بعض الشكوك التي طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بشأن مبادرة هوكشتاين، فإنها تعتبر أن المواقف التصعيدية الأخيرة التي صدرت من جانب المسؤولين الإسرائيليين، قد تكون مؤشراً لوأد المبادرة الأميركية، بعدما أخذ جيش الاحتلال قراره بمهاجمة لبنان، في موازاة إصراره على الدخول البري إلى محافظة رفح في جنوب غزة . وهذا من شأنه بالتأكيد أن يزيد القلق على لبنان من النوايا العدوانية الإسرائيلية، في ظل تزايد المؤشرات على أن الجواب الإسرائيلي على مبادرة الوسيط الأميركي، جاء سلبياً، ما دفع الأخير إلى مغادرة المنطقة، عائداً إلى واشنطن، دون الإبلاغ عن مواعيد جديدة، بقرب عودته إلى بيروت . في وقت لم يسجل أي تقدم جدي، على صعيد الحراك الدائر لحل المأزق الرئاسي، على أهمية المساعي التي يقوم بها سفراء المجموعة الخماسية، وما أثارته مبادرة كتلة "الاعتدال الوطني" من اهتمام على الصعيد الرئاسي، لكن دون بروز معطيات، توحي بتلقفها إيجاباً من جانب "الثنائي" الذي ما زال مصراً على مواقفه، وفي مقدمها التمسك بدعم ترشيح سليمان فرنجية، وتحاشي حديثه عن "الخيار الثالث" .





وقد توقفت الأوساط السياسية، عند زيارة جيسي بيكر، نائب مساعد وزير الخزانة لشؤون آسيا والشرق الأوسط في مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية، إلى بيروت، واجتماعه إلى ساسة لبنانيين ومسؤولين من القطاع المالي، ما أثار الكثير من التساؤلات عن أبعاد هذه الزيارة التي لم يكشف الكثير عن تفاصيلها، كما هي زيارات العديد من المسؤولين الأميركيين إلى لبنان . وإن كان العنوان الأساسي للزيارة، حث السلطات اللبنانية، السياسية والمالية والمصرفية، على منع تحويل الأموال إلى حركة "حماس" عبر لبنان . وأشارت إلى أن هذه الزيارة، تأتي استكمالاً للضغوطات الأميركية على جماعات إيران في المنطقة . وفي مقدمها "حزب الله" وحركة "حماس"، سيما وأن لدى الأميركيين، شكوكاً بشأن حركة أموال هذين التنظيمين من إيران عبر لبنان، ومن ثم إلى مناطق إقليمية أخرى . وهذا ما دفع واشنطن للقيام بهذا التحرك، سعياً من أجل محاصرة "حزب الله" و"حماس" مالياً، وكذلك ممارسة المزيد من الضغوطات على لبنان، بهدف حثه أكثر فأكثر، على الامتثال للمعايير العالمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لجذب الاستثمارات الخارجية، لإخراجه من أزمته التي طال أمدها .