بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الأول 2023 12:01ص وحدة الساحات غزة، القدس، الضفة

حجم الخط
تشتغل «حماس» شيئا فشيئا على تثوير القدس والضفة، بعدما نجحت في تثوير غزة والقطاع. تريد أن تحقق وحدة الساحة الفلسطينية، كمقدمة أولى، لوحدة الساحات. إختارت أيام  الهدنة في غزة، لتبدأ نشاطها الجهادي في القدس والضفة. نقل النشاطات الجهادية إليهما، يجب أن يواكب الإستمرار في التصعيد في غزة. فهي تطمح لجعل فلسطينيي الضفة من مناصريها. لهذا نراها تنشغل اليوم في القدس و الضفة، بقدر  إنشغالها في التصدي للعدوان الإسرائيلي في غزة. 
الضربة الموجعة والخارقة، التي وجهتها إلى إسرائيل، فجر السابع من أوكتوبر/ تشرين الثاني، جعلتها تحت عنوان: «طوفان الأقصى». وفي ذلك ما فيه من دلالة رمزية، على أن الحملة الجهادية التي بدأتها ضد إسرائيل، يجب أن تكون مقدمة لوحدة الساحة الفلسطينية كلها في القدس والضفة. ولهذا نراها قد أفادت، من «هدنة غزة»، لنقل عملياتها الجهادية، إلى القدس والضفة. 
جميع الأنباء الواردة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن أراضي 1948، تذهب إلى تأكيد صعود نجومية حماس هناك. فأعمالها العسكرية واللوجسية الفائقة الدقة التي قامت بها في «طوفان الأقصى»، بهرت عيون الشباب الفلسطيني هناك. تماما كما بهرت عيون الشباب العربي كله، وعيون الشباب العالمي أيضا. لم لا! خصوصا الجيل الجديد منهم. فمن تسنى له أن يعيش ويكبر في ظل السلطة الفلسطينية المتعقلة، وسياسة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبو مازن الهادئة، وجد في عملية طوفان الأقصى، ما يستيقظه. إذ أن هذا الجيل، يتعرض يوميا للإعتداء الإسرائيلي عليه: قتلا وتدميرا وإهانة وتجويعا، دون أن يلمس من السلطة الفلسطينية، أية قدرة، للدفاع عنه. بل على العكس من ذلك، فهو يجد أن السلطة تطالبه بالإستكانة والهدوء أكثر من اللازم. حتى ولو أراد  الدفاع عن نفسه. تماما كما يرى أن أجهزتها، من خلال معاهدات التعاون بينها وبين الأجهزة الإسرائيلية، «تعيقه» عن تحقيق أحلامه الجهادية.  مما يسهل طريق الأجهزة الإسرائيلية، لإلقاء القبض عليه. وقد وجدت حماس ومحورها من الفصائل الممانعة، في كل ذلك، ساحة خلفية لها. تدفع بشبابها للجهاد، وتحمسهم على مقاومة الإسرائيليين، أينما وجدوا.
كذلك مهد الإنقسام الفلسطيني، بين السلطة و»حماس»، وبين الفصائل الموالية للسلطة و«حماس»، لتعميق الشرخ. فصار جيل الشباب يشب عن الطوق شيئا فشيئا. والدليل على ذلك، أن جميع الجهود التي بذلت لرأب الصدع، ولم الشمل داخل البيت الفلسطيني، إن في الضفة والقطاع، أو في مخيمات الشتات، باءت جميعها بالفشل. على الرغم من مرور عشرات السنوات، في الإشتغال على رأب الإنقسام، وتظهير الوحدة. 
وبعد عملية طوفان الأقصى،  أخذت تظهر على جيل الشباب الفلسطيني في القدس والضفة وأراضي1948،   الكثير من العلامات الدالة، على أن منظمة «حماس»، هي الأقوى فلسطينيا. فبدأوا يشعرون أن حجمهم صار يدعوهم للخروج من الإنضواء تحت عباءة  السلطة، إلى الإلتحاق بحماس. فما بالنا، إذا ما أضفنا إلى ذلك، طموحات حماس المستقبلية على الساحة الفلسطينية، في الإنتخابات القادمة. فهي تمد اليد، لكل من يدعو لها. 
 منظمة «حماس» إذا،  بعد «طوفان الأقصى»، أقله كما نرى، قد نصبت رمحها، في الساحة الإسرائيلية نفسها.  وهي باشرت، بعد  أيام هدنة غزة وخلالها، نصب رمحها في ساحة السلطة الفلسطينية أيضا، داخل القدس و الضفة. أفادت من تجربتها السابقة في الإنتخابات،  بعد إستحواذها،  على غزة والقطاع.
حقاً، أفادت  «حماس» من عملية طوفان الأقصى، في تثبيت حضورها العسكري والسياسي معا، بعد المفاوضات الناجحة التي أجرتها على تبادل الرهائن. وها هي قد أفادت أيضا، من أيام الهدنة، لتثبيت حضورها السياسي، من خلال حوارها المباشر أو غير المباشر، مع جميع الجهات الإقليمية والدولية. ومسألة إنتقالها إلى ساحة القدس والضفة، صارت من باب تحصيل الحاصل. ولهذا نراها تكثف نشاطاتها هناك بين الأجيال الطالعة على وجه مخصوص. وكذلك بين جميع الأهالي، على وجه  العموم. فهي تندفع بكل قوة، على كل الجبهات، وفي كل الساحات، إنطلاقا من عملية طوفان الأقصى لأنها تريد أن تستبق الإنتخابات بفوزها بالتأييد الإستباقي، الذي يمهد بعد توقف الأعمال العسكرية، إلى بسط نفوذها في القدس والضفة. فالرهان على الروح الجهادية، لدى الجيل الفلسطيني الجديد، إنما هو  ما يدفع بـ «حماس»، حتى تكتسب الرأي العام الفلسطيني، لا في غزة وحسب، وإنما في القدس والضفة أيضا.  مما يمهد للظفر بوحدة الساحات الفلسطينية، التي أعجزت السلطة وأعجزت الأخ أبو مازن.
فالمفاوضات على حل الدولتين، أو على السلطة البديلة نفسها، حينما تهدأ الحرب، وحينما تهدأ النفوس،   إنما هو رهن موعد الإنتخابات القادمة.
فعملية طوفان الأقصى، بقدر ما كانت حاجة، لإعلان الجهاد في غزة والقطاع، صار من الضروري عندها، أن تكثف عملها أيضا.  فخرق هدنة غزة مؤخرا في القدس، وقتل وجرح أكثر من عشرة من  الجنود الإسرائيليين، وجدت فيها حاجة وطنية وجهادية وإعلامية وإنتخابية لإعلان الجهاد أيضا، في القدس والضفة، بهدف كسب الرأي العام الفلسطيني والعربي والإسلامي والعالمي، فيما بعد. 
فهل يصيب رهان حماس هذا. هل تصيب هذة المعادلة!. معادلة وحدة الساحة الفلسطينية،المؤسسة لوحدة الساحات المتحالفة معها!