بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آب 2023 12:00ص طلال سلمان... «عاشق فلسطين» الأبدي

حجم الخط
طَوَى مُؤسِّس وناشر جريدة «السفير» طلال إبراهيم سلمان الصفحة الأخيرة من مسيرة حياته الدنيوية، مُنتقِلاً إلى الحياة الأبدية، حيث تُعرض مسيرة حياته عن 85 عاماً، خطّها مُنذ ولادته في العام 1938 وحتى رحيله في العام 2023.
حَفَرَ الأستاذ طلال سلمان مسيرة حياته بالدم القاني، بعد تعرّضه لمُحاولة اغتيال، نجا منها، وبالحبر الأسود على صفحاتِ الصُحُف والمجلات التي عمل فيها، إلى أنْ استقرَّ مُؤسِّساً وناشراً لجريدة «السفير»، مُنذ ولادتها في 26 آذار/مارس 1974، وحتى قرار التوقُّف عن إصدارها تاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2016.
استطاع طَوَال مسيرته أنْ يرسم خطّاً واضحاً له، فيه ثوابت تلتصق بالقضايا الوطنية والقومية، وفي الطليعة قضية فلسطين، وهو الذي وَعَى باكراً لنكبة أبنائها في العام 1948، فيما كان لا يزال طفلاً لم يبلغ العاشرة من عمره.
وازدادت معرفته بقضية فلسطين، خلال تنقّله مع والده الدركي في المناطق اللبنانية، وتعرّفه إلى أترابه من أبناء فلسطين، وحركات المد القومي العربي مُنذ بداياته ومع قادته، ومن ثم قادة الثورة الفلسطينية.
في أي المواقع التي شغلها وتبوّأها «أبو أحمد»، كانت قضيّة فلسطين صنواناً له، فسُمِّيَ «عاشق فلسطين»، يُدافع عنها وينقل عدالتها عبر صفحات الصحف، ومقالاته، أو يفتح أبواب «السفير» لنشر مقالات مُثقّفين ومُناضلين من أجلها، وفي طليعتهم محمود درويش وناجي العلي مع كاريكاتور «حنظلة».
لا يُمكن حصر مواقف الأستاذ طلال سلمان، التي تجاوزت دوره كإعلامي ناقلٍ للخبر، إلى صانعه ومُؤثّر في السياسات، ليس اللبنانية فقط، بل العربية والإقليمية والدولية.
كم هو مُؤثرٌ أنْ تلتقي بإعلامي كبير، فكيف بأنْ تعمل تحت مظلّته، أو أنْ تُشاركه نشاطاً ما، وصولاً إلى إلقاء كلمة في مُناسبة تتعلّق بفلسطين، في لحظة مفصلية، وزيارة وفاءٍ من أهل الوفاء إلى مَنْ ناصر قضيّتهم وقضية أبناء شعبهم.
يوم قرّر الأستاذ طلال إصدار العدد الأخير من صحيفة «السفير»، وهو في عز العطاء، وأوج التألّق، كان ذلك نتيجة الألم والمُعاناة، لعدم التمكُّن من تأمين إصدار صحيفة مُستقلة، بعدما كدَّ من عرق الجبين، وغذَّى بالدم والجسد للمُحافظة على إصدارها الدائم.
يرحل الأستاذ طلال سلمان تاركاً بصمةً مُميّزةً، في مسيرة الصحافة الوطنية اللبنانية والعربية، لا يُمكن إلّا أنْ تشهد لكبارها أمثاله، من عميد «اللـواء» الراحل عبد الغني سلام، إلى عميد «النهار» غسّان تويني، نقيبي الصحافة رياض طه ومحمد بعلبكي ونقيب المُحرّرين ملحم كرم، والحمل على كاهل النُذُر القليل الباقي من روّاد الكلمة.
رحم الله الراحل «أبو أحمد»، وأسكنه فسيح جنانه، وألهم أهله ومُحبيه الصبر والسلوان.