بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 نيسان 2020 12:01ص يكفي ما يعانيه المواطن فلا تزيدوا عليه!

حجم الخط
في البداية إلى أهل صيدا بشكل خاص وإلى اللبنانيين بشكل عام وإلى كل المسلمين بشكل أعم، أتوجه بالتهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك، هذا الشهر العظيم الكريم، شهر العبادات والطاعات، شهر التوبة والصيام والصلاة والقيام، شهر مضاعفة الحسنات ومحو السيئات .

أيها الصائم، ايها الأخوة، أيها الأهل والأحبة والأبناء في صيدا، أنفقوا ولا تخشوا من ذي العرش إقلالاً .. ايها الأغنياء الميسورين القادرين على العطاء، انتهزوا فرصة رمضان .

يُقبِل علينا شهر رمضان المبارك  ونحن نعيش في ظروف صعبة وفيها معاناة، من فقر وجوع وعوز وحاجة ومرض .. اذا كانت صيدا قد تعودت وأنا اذكرها صيدا باب السراي، صيدا ضهر المير، صيدا المصلبية، صيدا الزويتيني، صيدا حارة الجامع، صيدا حارة السبيل، في صيدا في رمضان يتبادل الناس الطعام، وكل البيوت الصيداوية كانت تستقبل على موائدها المحتاجين والفقراء، صيدا هذه المدينة المشهورة المعروفة بحب ابنائها لبعضهم البعض. هذه المدينة التي في وقت الضيق تلتف حول نفسها وتعالج مشاكلها وأمورها. صيدا اليوم لا تريد ابداً ان ترى في رمضان فقيراً يتسول، ولا أن ترى جائعاً يطلب ويشحذ، ولا  أن ترى أرملة مسكينة مريضة .. صيدا اليوم تريد من الجميع ان يتعاونوا، الكبير يشفق على الصغير، والغني يرحم الفقير ويعطى كل الناس قدر المستطاع .. بهذه الأعراف والعادات، بهذا الإيمان، في هذا الشهر الكريم المبارك أطلب وأتمنى على أهلي واخواني الميسورين أن لا ينسوا الفقراء. وليعلموا ان من فطّر صائماً كان له مثل أجره دون ان ينقص ذلك من أجره شيئاً. ألا تريد هذا الأجر؟ أنا ادلك على الطريق .. هذا الطريق اسلكه في رمضان وفي غير رمضان.

في هذا الوقت بالذات وفي هذه الأيام الصعبة التي لم نعرف لها مثيلاً على كل صعيد وفي كل عناوينها السياسية والاجتماعية والمالية والتجارية .. هناك معاناة حقيقية عند الناس وهناك عائلات مستورة وهناك عائلات متعففة. وأنا أريد أن أقول ان الصيداوي لا يشحذ، ويستحي ان يطلب، فلتبحثوا عن هؤلاء ولتعطوا هؤلاء .. الذين تُرّكوا من اعمالهم ومن اشغالهم ومن وظائفهم واصبحوا في بيوتهم لا يعرفون ماذا يفعلون وكيف يطعمون ابناءهم وزوجاتهم .

أنا أطلب من أهلي وإخواني الميسورين الأغنياء، ألا يبخلوا في رمضان وفي غير رمضان. هذه أيام مباركة هذه ايام ستشهد لهم يوم القيامة في كل لقمة يطعمونها لفقير. هذه تمحو السيئات، هذه تزيد من الحسنات، وان نعطي بالخفاء وبالسر وبدون منة، فالفضل كله لله . فلنتوجه جميعاً لهذا العطاء الانساني المطلوب في هذه الأيام الصعبة.

 لا يسعني ونحن نستقبل شهر رمضان إلا أن أتوجه بالشكر الى كل الهيئات والمؤسسات وكل الذين يعملون في هذا الحقل الانساني وان اتوجه لهم بالدعاء بالتوفيق في هذا الجهد الكبير. والى بلدية صيدا التي تقوم بجهدها ونشاطها في هذا المجال وللجمعيات التي تعاونها وتساعدها في انجاز هذا العمل. ولنهدأ جميعاً، لأن العمل فيه أخطاء والذين لا يخطئون لا يعملون. فلنحاول جميعاً ان نصحح هذه الأخطاء ونساعد ولكن الهدف هو مساعدة الناس وهذا موجود ومحقق ان شاء الله .

يعود رمضان ونحن نشعر بألم وانقباض في القلوب وبحزن. ماذا فعلنا يا الله ولماذا تعاقبنا بإقفال مساجدنا. إن الراكعين والساجدين وعشاق المساجد والذين تعودوا ان تكون قلوبهم كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معلقةً بالمساجد، بهذه البيوت الطاهرة التي يجتمع فيها الناس ويتقابلون ويجلسون فيما بينهم، هذا المنظر الجميل وهذه العبادة العظيمة الصلاة، تقفل المساجد هذه الأيام بضغط الوباء وليس بإرادة المعنيين والمسؤولين الذين يشعرون بكل الأسى وبالإعتذار لكل الأهل والأحباب لأنها تقفل حفاظاً على الصحة والسلامة العامة.

كما إنّني أنتهز هذه الفرصة لأتوجه الى وزير الصحة فأقول: لماذا يُهمل مستشفى صيدا الحكومي الذي هو مستشفى الفقراء والمحتاجين والمساكين؟ .. لماذا أهمل في حجره وبشره ؟، ولماذا يترك ؟ ولماذا التأخير في معالجة وتهيئة ظروفه؟. لماذا القفز فوق مدينة صيدا في الزيارات الرسمية وعدم زيارة هذه المستشفى؟. ماذا فعلت صيدا .. ماذا اعطيت على الصعيد الصحي الطبي ؟. انا لا اجد لهذا سبباً الا الاستخفاف بهذه المدينة .. صيدا مدينة موجودة على الخارطة اللبنانية يا معالي الوزير !..  أهل صيدا يبحثون عن قدراتهم الذاتية ولكنهم لا ينسون حقهم في الدولة اللبنانية.. وهم يريدون هذا الحق . هذا دور المرجعيات السياسية في مدينة صيدا وكل الهيئات ان تتابع .. لا اريد ان اقول اكثر من ذلك وأنا أعلم الكثير!

واختم كلامي بالتوجه الى التجار والى وزارة الاقتصاد: يكفي ما يعانيه المواطن فلا تزيدوا عليه، ولا تستغلوا هذه المحنة وهذه الأيام الصعبة .. فإن كان العبد لا يحاسب .. فإن هناك رباً يحاسب .. وكل عام وانتم بخير .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته «.

*مفتي صيدا وأقضيتها.