بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 كانون الثاني 2021 12:01ص أطباء وصيادلةبيارتة من الرواد في مطلع القرن العشرين

محلة عصور ــ صورة من مطلع القرن العشرين محلة عصور ــ صورة من مطلع القرن العشرين
حجم الخط
مع اشتداد أزمة وباء كورونا في لبنان، ودخول اللبنانيين في فترات حجر متعددة، تبين عدم قدرة الدولة على مواجهة الجائحة وتأثيراتها على المجتمع اللبناني، وإمتد العجز الحكومي الى التأخر في إستيراد اللقاح.

وامام هذا الواقع الصحي المتردي، وحده القطاع الطبي خاض المعركة ضد الوباء وكما يقال باللحم الحي، الأمر الذي يستدعي إلقاء الضوء على الحياة الطبية في بيروت مطلع القرن العشرين.

كان أغلب الأطباء في بيروت في مطلع القرن العشرين، من أهل متصرفية جبل لبنان المقيمين في بيروت، وكان لا يحق لهم ممارسة المهنة إلا بعد اجتياز امتحان اللجنة الطبية العثمانية (الكولوكيوم).

ويعتبر أديب مصطفى قدورة أول طبيب مسلم في بيروت تخرج في الكلية الإنجيلية (الجامعة الأميركية) سنة 1881م. ثم اجتاز امتحان اللجنة الطبية العثمانية في 23 تشرين الأول 1882م، وافتتح عيادة في بناية تملكها عائلته في منطقة عصور (السور). ثم انتقل سنة 1890م إلى محل إقامته القديم بجوار القشلة (السراي الكبير).


د. أديب قدورة

كما يعتبر ابنه حليم أديب قدورة ثاني طبيب مسلم في بيروت. وقد تخرج في معهد الطب الفرنسي (اليسوعية) سنة 1900م، وتابع تخصصه في الجراحة في فرنسا. ثم اجتاز امتحان اللجنة الطبية العثمانية في سنة 1903م، فكان أول جراح مسلم في بيروت، وقد افتتح عيادة له في منطقة عصور أيضاً.

وتعتبر ماري ثابت أول طبيبة بيروتية تخرجت سنة 1901م، وزهية بركات أول صيدلانية سنة 1905م، وقد تخرجتا في الولايات المتحدة الأميركية.

توزع الأطباء على مختلف أحياء بيروت. ففي محلة القشلة قامت عيادة الدكتور أديب قدورة وكانت أصلاً في عصور، وعيادة الدكتور عبد الرحمن الأنسي وهو أحد أفراد البعثة الطبية التي أرسلتها جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية إلى مصر فتخرج طبيباً جراحاً، وفي محلة عصور قامت عيادات الأطباء: إبراهيم صافي، إبراهيم ثابت، حليم قدورة، وجرجي نصر الله. وفي محلة الغلغول: عبد الرؤوف حمادة. وفي الباشورة: تيوفيل دبانه. وفي البسطة التحتا: حسن الأسير وهو أحد أفراد بعثة جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية إلى مصر، حسن قباني، داود برباري، وسامح فاخوري. وفي المصيطبة: إياس عرمان. وفي القنطاري: وفيق بيضون. وفي رأس النبع: شاكر خوري. وفي رأس بيروت: نقولا ربيز. وفي الأشرفية: أسعد عفيش. وفي طريق الشام: إلياس شكر الله، إلياس الحاج، توفيق رزوق، وسمعان خوري. وفي طريق النهر: الفرد خوري، الياس جبارة، انطوان نقاش، وحنا حنبين. وفي الرميل، الفرد خوري. وفي مار نقولا: إسكندر بارودي، وحبيب طوبجي. وفي مار مارون: سليم جلخ. هذا فضلاً عن الأطباء: إبراهيم مدور، إسكندر رزق الله، بشارة زلزل، حبيب جبور، جنا جبور، فضل الله عسيلي، ملحم فارس، نجيب بربور، ويعقوب ملاط.

اشتهر في بيروت جماعة من الأطباء الأجانب مثل: وليد فانديك، أدمسي، شاموتان، ديرق، غراهام، كليمت، بوست، وذلك في رأس بيروت. وتيلون، ودو بران في المصيطبة، وسكبوتولي في بوابة يعقوب، وبركستوك في خندق الغميق، وبرا سقولي في ساحة عصور (السور)، وشابوتن في الأشرفية. هذا بالإضافة إلى الأطباء: بوش، لورانج البروسي، هاش، نيكر، شوفل، بلس، روبة، ويبستر.

كما انتشرت في بيروت عيادات أطباء الأسنان، ففي ساحة البرج، عيادات: أسعد شر، بليوس، وفوزي رمضان. وفي طريق النهر، عيادات: أنطوان باخوس، خليل الحداد، ووديع شاكر. وفي طريق الشام، عيادة سليم حبيب.

ويعتبر مصطفى أديب قدورة أول صيدلي مسلم بيروتي تخرج في معهد الطب الفرنسي (اليسوعية) سنة 1899م. وكانت الصيدلية تعرف بأجزاخانة أو إجزائية. وكانت تحمل أسماء أصحابها أو اسماء يختارها هؤلاء الصيادلة، وابرزهم: مصطفى قدورة (المشرق)، وسليم فاخوري (الهلال)، وفيليب مطر (النحلة)، وجورج شكر الله (فرانسز)، ويوسف نصر (نصر) في ساحة عصور. وبطرس شكر الله (الشرقية)، وجورج فياض (الفياض)، وحبيب بتلوني (بتلوني)، أيوب فياض (فياض)، وحليم غرزوزي (السورية)، وفريد تلحوق (أمريقانية)، ومراد بارودي (بارودي)، وأسبيريدون وارقا (اسبيريدون)، في ساحة البرج قرب البنك العثماني. ونجيب عدراسي (المتوسطة)، ونعمة مدور (إيبوقراط)، ونعوم باخوس (باخوس)، ويوسف جميل (الجميل)، وخليل شبطيني (شبطيني)، في محلة النهر. إسكندر حلو (العثمانية)، وخالد خازن (خالد)، ويوسف بدران (النصير)، وإلياس ثابت (ثابت)، وسليمان كحيل (كحيل)، في طريق الشام. وعزت تحسين (إنكليز)، وهالس هاني (بواسيانية)، في باب إدريس. وإلياس يمين (إلياس سمين)، وعبدو وعبد الله صوراتي (النجمة)، في محلة حاووز الساعاتية، وأمين فاخوري (وطنية) واسماعيل شافعي وبديع شملي (الأمانة) في البسطا التحتا. وداوود نحول (داوود نحول)، ومسعود حميري (حميري)، وشكري عرمان (عرمان)، في ساحة الحميدية. وكذلك محمد صباح جمال (الإستقامة) في رأس بيروت وإبراهيم طعمة (الصحة) 

في مار الياس، والكسندر باولي (باولي) في الزيتونة، وإدوار طوقاتبلي (الرجا) في ساحة الحميدية قرب السبيل، وطنوس (عون) في زقاق البلاط، وأنطوان أبو عرب (جبل لبنان) خلف السراي.

تشاركت عوامل عدة في نهضة العمل الطبي في بيروت، ولعل أول تلك العوامل هي وجود العنصر الأجنبي المتمثل بالإرساليات التي لم تكتف بإنشاء مدارس بل إمتد لإنشاء مستشفيات ساهمت في تطوير الحالة الصحية نتيجة نقل الخبرات الأجنبية في مجال الصحة الى الداخل البيروتي، كما ساهمت الطبقة الرأسمالية البيروتية في تطوير تلك الحالة الصحية والمساهمة في إزدهارها نتيجة إنشاء المستشفيات المحلية كما نتيجة إقبال العديد من أهالي بيروت من المسيحيين والمسلمين على الدراسة في مجال الإختصاصات الطبية، وكان لافتا» إقبال المسلمين من الطبقة الميسورة على الدراسة في الخارج في المجالات الطبية كافة والعودة لنقل تلك الخبرات وإستثمارها في الداخل البيروتي. 

كما ساهم العثمانيون في تطوير الحالة الطبية أيضا» وقد يكون مرد ذلك الى المنافسة مع الأوروبيين خاصة إبان فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني وصراعه مع الأوروبيين، كما كان لألمانيا مساهمة في تطور الحالة الصحية منذ ما قبل إندلاع الحرب العالمية الأولى نتيجة الصراع الدولي القائم حينها وتحول الشرق لساحة صراع فيما بين القوى الدولية، وتحول بيروت الى نقطة صراع دولي بحكم موقعها وبحكم المطامع الفرنسية وتوسع النفوذ الفرنسي. 

ختاماً، إن ما يقوم به القطاع الطبي بإمكانياته المنفردة ودون دعم حكومي واضح وكاف يستحق الثناء، بل يؤكد أنه أحد الوجوه المشرقة والعلامات الفارقة في تاريخ هذا البلد وعاصمته.

(ماجستير في التاريخ – كاتب ومحلل سياسي)