بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 نيسان 2020 12:48م المقاصد تطمس هويتها «الخيرية الإسلامية».. شعار عصري أم نهج جديد؟

شعار المقاصد القديم .... والجديد شعار المقاصد القديم .... والجديد
حجم الخط
قبل 142 عامًا، انبثقت فكرة "المقاصد الخيرية الإسلامية" التي نشأت على يد الشيخ عبد القادر قباني، وأبصرت النور بدعم رجالات بيروت لتكون صرحًا بيروتيًا شكّل بعد ذلك هوية راسخة في أذهان اللبنانيين جميعًا.

كانت وظيفة الجمعية ترتكز على أمرين، عمل الخير لمساعدة أهالي العاصمة، والفكر الإسلامي الذي تُرجم باتباع التاريخ الهجري، وبشعار الجمعية الذي يعلوه الآية الكريمة "وقل ربي زدني علمًا".

كان العلم أساس العمل للانطلاق بالجمعية، تأكيدًا على النهج المتّبع وتنفيذًا لكلام المولى عز وجل، لذا، شرع المؤسسون بتدشين المدارس، مع أفضلية وأولوية لمدارس البنات، كونهن أمهات المستقبل، وإعدادهن هو إعداد شعب طيب الأعراق.

مع مرور الزمن وتبدل الكثير من الأحوال محليًا على الصعيد السياسي والإجتماعي والإقتصادي، توالت الإدارات المتعاقبة في المؤسسة، وأصبحت في الماضي القريب صرحًا يغزوه الهدر والفساد والتراجع، كما جاء على لسان رئيس الجمعية الدكتور فيصل سنو، الذي وعد بوضع المقاصد مجددًا على سكة التطور والنجاح كما أراد لها مؤسسوها أن تكون، وكما ورد في بيانها التأسيسي.

مؤخرًا، أثار قرار الجمعية الجديد بالتخلي عن شعارها واستبداله بآخر يخلو من الآية القرآنية والتاريخ الهجري، موجة عارمة من الإنتقادات في بيروت، حيث علّق عدد وافر من الناشطين عبر منصات التواصل الإجتماعي على فكرة التحديث التي انطلقت بتغيير الشعار التي نشأت عليه، حيث اعتبر البعض أن الشعار ليس أولوية، خصوصًا كونه يحمل الآية الأرسخ في أذهان الناس، والأكثر قدسية.

وأشار البعض الى أن الجمعية بهذه الخطوة تسعى لطمس هويتها الأصلية عبر تغييب الملامح الاسلامية عن شعارها، ولفتوا الى أنه من الأجدى أن تقوم الجمعية بدورها الأساس وهو عمل الخير، خصوصًا أننا نعيش أيام شهر فضيل، بظروف قد تكون الأصعب منذ عقود على أهالي العاصمة والبلد ككل.

ومن التعليقات على مواقع التواصل، توجه أحد الناشطين للقيمين على الجمعية بالقول: المقاصد بشعارها الذي عهدناه هو طربوش الرئيس الشهيد رياض الصلح، هل تتخيل رياض الصلح من دون طربوش؟، وهو عمامة الشيخ المفتي حسن خالد، هل تتخيل الشهيد المفتي بلا عمامة؟

وكتب آخر متوجهًا لرئيس الجمعية بالقول: "أردتم الإصلاح المالي وإلحاق بركب التطور فهدمتم تاريخ المقاصد، فشعار المقاصد الذي عهدناه هو تاريخ وتراث وروح من أسس هذا الصرح".

وكان لحفيد المؤسس الشيخ عبدالقادر قباني، نور الدين عبدالقادر قباني، تعليقًا على خطوة الجمعية، حيث اعتبر أن القرار مؤلم، وهو جنوح لرئيسها ومجلس أمنائها عن نهجها الإسلامي نحو العلمانية، مذكرًا القيمين على الجمعية بأن مقاصدها خيرية اسلامية.

ودعا قباني رئيس الجمعية للعودة عن قرار تغيير الشعار، وطالب بموقف واضح من رئيس الجمعية الفخري الرئيس تمام سلام، قبل أن يفقد أهالي بيروت صبرهم على انحراف بوصلة جمعيتهم عن مقاصدها، كما عبّر.

من جهة أخرى، تقدمت مجموعة من المحامين المقاصديين بكتاب مفتوح إلى رئيس وأعضاء الهيئة الادارية في الجمعية تناول موضوع الفيديو التسويقي للشعار الجديد المقترح اعتماده للجمعية في معرض التحضيرات للاعلان عن هوية المقاصد الحديثة.

وانتقد المحامون في كتابهم "احداث التغيير الجذري في معالم الشعار، كأن هناك نية لطمس الطابع الديني فيه"، طالبين "التنبه للخطأ الفادح الذي ارتكب بحق المجتمع البيروتي والاسلامي وإعادة النظر بقول الله "وقل رب زدني علما" من الشعار، وكذلك كلمة الخيرية الإسلامية والتاريخ الهجري ووقف الحملة الإعلامية لإطلاق الشعار الجديد فورا". معلنين أنهم "وضعوا نسخة من الكتاب بتصرف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان".

من جهة أخرى، أوضح رئيس الجمعية فيصل سنو، في بيان، "الاسباب الموجبة لتعديل شعار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت"، مؤكداً أن "شعار المقاصد المتمثل بالآية القرآنية الكريمة "وقل ربي زدني علماً" هو الشعار الذي تأسست عليه الجمعية وازدهرت في ظله وببركته، وهو شعار نتمسك ونعتز به، وسيبقى شعاراً لها ما بقيت، وستبقى الى ان يشاء الله تعالى".

وأضاف: "ترفع المقاصد هذا الشعار الذي استوحاه الآباء المؤسسون من القرآن الكريم في جميع مدارسها ومؤسساتها الخيرية والاجتماعية وفي جميع مكاتبها العامة والخاصة، وعلى امتداد الوطن اللبناني". موضحًا أنّ "التعديل الذي استحدث على رسم الشعار يقتصر حصراً على المطبوعات الورقية المتداولة والتي تنتهي دائماً بحكم الواقع الى سلال المهملات، وهو ما نربأ بأن يكون ذلك مصير نص الشعار القرآني الذي نجل ونقدس".

وختم: "إنّ جمعية المقاصد المؤتمنة على حمل راية الثقافة الاسلامية والتي نتمسك بالقيم الايمانية السامية وتربي النشء عليها جيلا بعد جيل تستلهم من هذا الشعار دورها ورسالتها، ولذلك كانت وستبقى معتزة به وحريصة عليه. وهذان الاعتزاز والحرص كانا ايضا وراء اعتماد التعديل المحصور في المنشورات الورقية المتداولة".

بانتظار أن يبت بالأمر، على الجمعية أن تفكر مليًا بتصويب بوصلة العمل الخيري والتطوير العلمي بعيدًا عن التحديث بأساليب لا تسمن ولا تغني من جوع، على أمل أن نشهد على نقلة نوعية تعيد أمجاد الجمعية البيروتية الإسلامية،بالسير على نهج أخلاقيات الشيخ عبد القادر قباني وحسن محرم، وسليم سلام، والشيخ مصطفى النجا وصائب بك سلام وغيرهم من من تعاقبوا في أيام العز والمبادئ.