بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 أيار 2022 12:02ص بعد انعدام عرضها على شاشات التلفزة المحلية: ما أهمية الأفلام الكرتونية على صحة الطفل النفسية؟

د. مصطفى عادل معاوية د. مصطفى عادل معاوية
حجم الخط
نلحظ في السنوات الأخيرة أن شاشات التلفزة لم تعد تخصص برامج خاصة بالطفل،كما انها لم تعد تحدد ساعات معينة لعرض الأفلام الكرتونية كما جرت العادة في السابق.
من منا لا يذكر برامج الأطفال بدءا من «زينة ونحول» و«كريندايزر» وغيرها...
من منا لم يكن يشاهد أفلام كارتون «كاسبر» و «توم وجيري».... التي إن شاهدناها صدفة الأن نسارع لنشاهدها حتى الساعة وبشغف وحب كبيرين.

مع الأسف، حتى هذه البرامج نسفت ليحل مكانها برامج أقل ما يقال فيها أنها دون المستوى الثقافي المطلوب،برامج تسيء لعين المشاهد بدل من أن تغنيه،أما سبب عدم عرضها ،فلا أحد يعلم الجواب ؟
{ ويبقى السؤال: ما هي أفلام الكرتون، وما مدى أهميتها؟
- أفلام الكرتون ببساطة هي فكرة تعتمد على الابتكار في التصوير والإبداع وأيضا في الإخراج،حيث يتم التعبير عن الشخصية بطريقة خيالية من أجل تحقيق أمنيات الطفل وجذب الطفل ومحاكاة خياله، والمميز أن من يقوم على صناعة هذه الافلام يدرك ما هي احتياجات الاطفال في السن الصغير من أفكار أو شخصيات رائعة .
وتصل أفلام الكرتون للطفل من خلال الصوت والصورة حيث تحتوى على ألوان جذابة وحركات، وقد تعمل على توجيه الطفل لكي يتعرف على أمور وأشياء مختلفة، لا يستطيع الطفل تعلمها بدون هذه الرسوم المتحركة، فيتم استخدام شخصيات خيالية للمساعدة، ومن خلال هذه الرسوم يستطيع الطفل كشف أشياء مجهولة بالنسبة له، وبالتالي تجعل الطفل يسخر من الشخصيات الغير جيدة، ويفرق بين الخير والشر، وهناك فوائد لهذه الرسوم كما هناك أضرار قد تسببها للطفل.
د. معاوية
لمعرفة أبرز الفوائد والأضرار التي تعكسها أفلام الكرتون على الطفل التقت «اللواء» الباحث والمعالج النفسي الإكلينيكي الدكتور مصطفى عادل معاوية الذي حدثنا بإسهاب حول هذا الموضوع،فكان الحوار الآتي:
{ بداية الى أي مدى تشكل أفلام الكرتون؟ أهمية على نفسية الطفل؟
 - تشكل افلام الكرتون أهمية على نفسية الطفل، فالافلام الكرتونية هي فضاء واسع للتنقل بخيال الطفل، وإخصابه، كما كان مجالاً واسعاً جدا لتجسيد القضايا النظرية للطفل؛ لأن تفكير الطفل ماديٌّ بحت، فضعف التفكير التجريدي لدى الطفل يبدأ يُجَسِّد حتى الخيال. 
هنا الكرتون هو البَريد الذي يستطيع أن يُقرِّبَ للطفل هذه الأشياء البعيدة المجردة التي لا يمكن أن يتصورها الطفل، يمكن أن نصورها له عبْر الكرتون، فرسوم الكرتون قد أعطتنا فسحة أكثر سعة من التصوير السينمائي وما جاء بعده من تطور الكتروني».
{ نلحظ مؤخرا أن شاشات التلفزة لم تعد تخصص برامج خاصة بالطفل، برأيك ما تأثير ذلك على صحة الطفل؟ 
- يعد التلفاز بمثابة حليف دائم للعديد من العائلات، حيث يعتمد كوسيلة للمساعدة في إلهاء وتهدئة
 الأطفال الذين تعودوا على مشاهدته منذالصغر، وتعود الأهل على استخدام هذه الآلية لإلهاء الطفل قليلاً ريثما نقوم بواجبات أخرى لدينا !! 
وقد تفطنت العديد من الشركات الإعلامية لهذا الأمر فأصدرت قنوات تلفزيونية خاصة بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين شهروثلاث سنوات. 
وضمن هذا الإطار،صدرت خلال السنوات الأخيرة العديد من الدراسات بشأن هذا الموضوع، ولكن آراء المختصين كانت متباينة، وأكد بعض الباحثين أنهم ليسوا قادرين حالياً على تحديد الأثر الحقيقي الذي يمكن أن تخلفه مشاهدة التلفاز على الطفل بإختلاف البرامج التي تعرض.
{ ما هي المدة التي ينبغي على الأم أن تخصصها للطفل لمشاهدة أفلام الكرتون؟
- أظهرت الأبحاث أن مشاهدة التلفاز لمدة ساعة يوميا لا يمكن
 أن يكون لها تأثير ملموس على نمو الطفل بشكل عام، وهذا يجب أن يترافق ضمن قانون صارم متفق عليه من قبل الأم والأب والأخوة وأيضاً الأجداد.
{ ما ابرز الفوائد؟
- تساهم أفلام الكرتون بتوجيه الطفل؛ ما يستدعي من ذويهم مراقبة نوعية الأفلام التي يتابعونها، لاسيما أنها تكسب الطفل المعارف والخبرات والمهارات والآداب وهو في سن صغيرة، وتعمل على تنمية خياله وتغذية قدراته، وتجعله يفكر بأساليب مبتكرة. 
وتساعد أفلام الكرتون على تلبية احتياجات الطفل من الناحية النفسية وتساعده أيضاً على الاكتشاف، كما تسهل الأفلام التي تعتمد اللغة العربية الفصحى، على الطفل تعلم اللغة العربية بشكل بسيط، في حين تعلم بعض هذه الأفلام اللغات الأجنبية».
{ ماذا عن الاضرار؟
- تمثل الأفلام الكرتونية خطراً كبيراً على حياة الطفل ومستقبله إن لم يراع الأهل وقت متابعته لها ونوعية ما يتابعه. وهنا نؤكد على ضرورة عدم مشاهدة الأطفال لأفلام كرتون فيها عنف ورعب؛ كونها تؤثر على شخصية الطفل، وتجعله يميل إلى العدوانية، وتنمي لديه العنف. هذا بالإضافة إلى أن بعض أفلام الكرتون تكون موجهة وتحمل معتقدات وأفكاراً غير مقبولة.  ومن بين أبرز السلبيات التي تتركها أفلام الكرتون على الأطفال، أنها تلهيهم عن أداء واجباتهم وعن المطالعة الخارجية واللعب الذي يحتاجون إليه والاختلاط بالمجتمع. 
 أيضاً فإن متعة المشاهدة المستمرة تحرم الصغار من أخذ ما يكفيهم من النوم، فضلاً عن أضرار صحية منها تأثير المشاهدة المتواصل والتركيز على شاشة التلفزيون على النظر. 
لذا، نؤكد أن بقاء الطفل وقتاً طويلاً وبشكل مستمر يومياً أمام شاشة التلفزيون يحرمه من الإبداع والتفكير.. وما أكثر السلبيات التي نلحظها خلال متابعة الأطفال في عياداتنا… 
{ بعض الاطفال يحاولون تقليد ابطال الكرتون مثل «سوبرمان»، الامر الذي قد يشكل خطورة على حياتهم ،كيف يمكن تفادي ذلك؟
- لقد أصبحت العلاقات عبر الكرتون وتقليد أبطال الكرتون جزءًا رئيسًيا من حياة الأطفال. لذلك نشير إلى أنه لا بأس بأن يصبح الطفل جزءًا من هذه العوالم، طالما كان يدرك ماهية السلوك الملائم. يجب أن نوضِّح له ما يُسمح به وما لا يُسمح به، مثل تقليد بطل ما أو تقليد شرير معين في الكرتون … ينبغي تعليم الطفل بأن 
هذا كله خيال وغير حقيقي وعليه فإن شخصيته أفضل وأجمل من أي شخصية خيالية.. ولا يهم مدى الشعور بذكاء أو نضج الطفل، علينا أن نراقب سلوكه على الأفلام الكرتونية أثناء المشاهدة وبعد المشاهدة!
 إن ارتكاب الطفل للأخطاء أثناء مشاهدته للأفلام أمر لا بد منه. لذلك ينبغي الحديث مع الطفل ومساعدته على التعلم من هذه الأخطاء. يجب أيضًا أن نكون قدوة حسنة له،وأن نضع في حسباننا أن الطفل يتابعنا بحثًا عما يبدو علينا من قبول لمشاهدته أفلام الكرتون. 
سنحتاج على الأرجح إلى الاستمرار في تقديم النصح والإرشاد للطفل حول مشاهدته الافلام الكرتونية وأثناء تقدمه في العمر، لكن من خلال وضع القواعد المنزلية ومراجعتها بالتوازي مع نمو الطفل وتطوره،وهكذا يمكن المساعدة في ضمان سلامته أثناء الاستخدام.»
{ ختاما، هل من نصائح للاهل؟
- لضمان قضاء وقت جيد في مشاهدة الشاشات يجب أن نتبع الإرشادات التالية:
- لتعرف على البرامج الكرتونية التي يشاهدها طفلك وعدم السماح له بمشاهدتها قبل التأكد من صحتها. والأفضل من ذلك،أن تشارك طفلك المشاهدة أو اللعب أو الاستخدام…
- ابحث عن خيارات تفاعلية لإشراك طفلك بها، بدلًا من تلك التي تتطلب دفعًا وضربًا وتحديقًا في الشاشة.
- تأكد من وجود طفلك قريبًا منك أثناء وقت الشاشة حتى يمكنك الإشراف على أنشطته وما يشاهد.
- اسأل طفلك بانتظام عن البرامج التي يشاهدها كل يوم…
- عند مشاهدة برنامج مع طفلك، ناقش معه ما تشاهدونه وثقفه حول الدعاية والإعلانات التجارية.
- التوجه الى المعالج النفسي عند وجود أي استفسار او سؤال حول مشاهدة الافلام الكرتونية من باب التثقيف النفسي وعدم الوقوع في أخطاء..
- فكر في استخدام أحد التطبيقات التي تتحكم في المدة التي يمكن للطفل استخدام الجهاز فيها.
- ضع قيودًا صارمة على وقت الجلوس اليومي أو الأسبوعي أمام الشاشة ونفذها، وخصص أوقاتًا لحظرها، مثل حظر التعرض للأجهزة أو الشاشات قبل النوم بساعة.
- شجعه على اللعب الحر غير الموجّه  مع الابتعاد عن استخدام الأجهزة.
وختاما، تجنب البرامج سريعة الوتيرة التي يجد الأطفال صعوبة في فهمها والبرامج التي تنطوي على محتوى عنيف والتطبيقات التي يتضمن محتواها مواد مشتتة للانتباه…
- تخلص من الإعلانات في الدعايات لأن الأطفال الصغار يجدون صعوبة في تحديد الفارق بين الإعلانات والمعلومات الفعلية التي يشاهدونها».