بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 كانون الثاني 2023 12:00ص قيمة العرض الفني في المعارض الإفتراضية

لوحة لـ عبد القادر الريس لوحة لـ عبد القادر الريس
حجم الخط
يسود التساؤل بين الفنانين عن قيمة العرض الفني في المعارض الإفتراضية بعد الجائحة الكورونية التي فرضت العزلة، ومن ثم أغلقت بسببها أبواب المعارض الفنية على الأرض، وباتت اللوحة تائهة بين أرض الواقع والأرض الافتراضية التي رفعت من قيمة بعض اللوحات، وجعلت من الأخرى منبوذة افتراضيا، لانها تحتاج لرؤية من أبعاد مختلفة لا يمكن تأمينها افتراضيا لان بعض اللوحات بقياسات كبيرة، وتعتمد على الأسلوب المرئي الحر، وبشكل مباشر من الرائي. فماذا عن بُعد النظر في العلاقة بين الفنانين المرئيين وعلم العرض الافتراضي الذي نشأ بعد ظهور الوباء الكوروني؟ وهل الحدس الفني الذي يشترك فيه العديد من نقاد الفن يكفي لقراءة لوحة أو نقدها؟
هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الفنانين لم يخسروا أرض واقعهم في المعارض التي أغلقت أبوابها، وباتوا من المنتظرين لمعجزة افتراضية تعيد تشكيل أسس العرض الافتراضي بديناميكية كبرى لرؤية المحسوس بلمس بصري عميق يجعل من اللوحة مفتوحة على عدة رؤى فنية من النقاد وسواهم. بالتالي فتح أبواب النقاشات بين الزائرين والفنان، وبشكل مباشر مما يمنح الفنان بصيرة أخرى غير تلك الافتراضية التي تبقى ذاتية أكثر منها موضوعية، وان استطاع البعض الوصول الى كنه اللوحة، وما تعنيه في جماليتها وفلسفتها لقول الحقيقة النقدية أو الرأي المباشر الحر بعيدا عن قيود النقد الذي تفرضه المقاييس أو جوهرية الإنتاج اللوني أو اتجاهات الخطوط وغيرها، فهم يمتلكون في كثير من الأحيان معرفة جمالية قادرة على منح اللوحة قدرة على خلق العمل النقدي بُعدا اجتماعيا أو سياسيا أو فلسفيا، كما يبدو للناقد وللرائي ولتجار اللوحة الذين صاغوا ببراعة القدرة على التشويق، لفتح الكثير من المزادات الفنية التي رفعت من قيمة لوحة ربما بسيطة في خطوطها أو جيومتريتها أو حتى تناسق ألوانها، وهو ما يجعل اللوحة أكثر تشويقاً من قيمتها الفنية الفعلية من خلال تطوير ديناميكية العرض عبر ممارسات تشكيلية تثري موضوعها، وتتجاهل الحدود الممكنة افتراضيا بشكل عام. لهذا يكون العمل الفني المعروض افتراضيا مفتوحا لتفسيرات الفنان والمشاهدين، الممسكين باللوحة تشريحيا فهم يضعونها تحت مجهر التكبير والتصغير الرقمي لرؤية الأخطاء، من أجل ذلك، فإن الناقد الفني الحر قادر على فتح العديد من المجالات النقدية التي تبدو ضرورية لتطوير مفهوم ما أو بناء المعنى، بدون أن يكون خبيراً في المجال الفني بشكل كبير. فهل صياغة الفرضيات النقدية تتعلق بالحالات الفنية القادرة على العرض الافتراضي وفق تحديات الكشف عن الأخطاء الفنية من خلال التشريح الرقمي؟ وما هي خصائص مشاهد الفن المعاصر الافتراضي والمكانة التي يحتلها في عمل الفنان جماليا وفنيا وفق قيمة تقنية اللوحة؟ وهل يتطور أماكن الفن المعاصر الافتراضية المدعوة لتوسيع وتنويع العرض وفق تقنيات العرض الافتراضي الحديث مع تعزيز قوة جذب الناقد والرائي بطريقة تراتبية زمنية نسبيا، أم ان العرض الافتراضي الحالي البطيء والمضجر المتمثل تقليديا بصفات العرض الواقعي أو العرض الفردي من خلال صفحات الفنانين «فايسبوكيا» أو «انستغراميا» تشكّل فقرا فنيا من نوع آخر؟...
ما دفعني إلى البحث عن الأسباب الإيجابية والسلبية للعرض الفني الافتراضي بعد جائحة كورونا هو اختفاء بعض الأسماء الفنية المرموقة، وظهور الكثير من الأسماء الجديدة التي استطاعت أن تتخطى العرض الافتراضي، وتوسيع قيمة عرض لوحاتها على صفحات التواصل الاجتماعي، بينما أخفق البعض في ذلك. وبالتالي اختفاء الوسيط الفني الذي كان يمتلك القدرة على اكتشاف قيمة اللوحة وتسعيرها لتكون في مزادات عالمية أولا، ومن ثم القدرة على واقع سلوك الرائي الافتراضي وتوقعاته من حيث الدعم الرقمي ورفع عدد المشاهد لتطوير قيمة العرض الفني الفردي افتراضيا، ولكن يبقى السؤال الأهم ماذا عن الكتابات النقدية وقدرتها على بناء الجسر القوي بين الفنان والمشاهد أو بين الفنان والمشتري، والتي تعكس خصوصية مفردات النقد الفني المعاصر؟ وهل المقال النقدي يهدف في المقام الأول إلى فتح الرؤية على غوامض اللوحة لفهمها أكثر؟ أم انه يمنع النقد التلقائي الذي يسيء للوحة وللفنان معا؟...