بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 شباط 2022 12:02ص صادر لـ «اللواء»:السلطة السياسية لا تريد إقرار قانون استقلالية القضاء

لو صدر مرسوم التشكيلات القضائية المحتجز في بعبدا لسُجّلت قفزة نوعية

حجم الخط
لم يكن مفاجأ في ظل السلطة السياسية الراهنة عدم اقرار بند استقلالية القضاء في الجلسة العامة لمجلس النواب وهو القانون الاصلاحي الابرز الذي تم العمل عليه لسنوات ، والحجة هي ان وزير العدل هنري خوري لم يتسلمه الا قبل ثلاثة ايام من موعد الجلسة ولضيق الوقت لم يتسنَّ له دراسته كما اعلن، مطالبا باعادة الاطلاع عليه على ان يحظى ايضا بموافقة مجلس القضاء الاعلى، ورده الى لجنة الادارة والعدل مجددا لاعادة النظر فيه، مما يؤكد ان الاعتبارات السياسية تقدمت على موضوع الاصلاحات القضائية وأصبح من الصعوبة ان يسلك هذا القانون طريقه الى الاقرار قبل الانتخابات النيابية المقبلة. 

وحول هذا القانون تحدث رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر«للواء» فقال:«منذ العام 1990 اي بعد اتفاق الطائف الذي عدل من خلاله الدستور تم التوافق على جمع امراء الحرب ورؤساء المليشيات لكي يحكموا الجمهورية اللبنانية وكأنها «قالب من الجبنة» عليهم تقسيمه، رغم ان المنطق الطبيعي يقول انه بعد الخروج عادة من الحروب يجب العمل على قيام دولة القانون بعيدا عن سيطرة امراء الحرب ورؤساء الميليشيات عليها والذين تعودوا على العيش ضمن شريعة الغاب، ولكن اول خطوة قام بها هؤلاء هو ضرب القضاء عن طريق ترويض القضاة لدى السياسيين من خلال الابتزاز وإخضاعهم ليأتمروا بأوامرهم وإرضائهم من اجل الحصول على مراكز هامة او ترقيتهم وهذا ما حصل خلال 30 سنة الماضية، ورغم ذلك بقيّت نسبة هؤلاء القضاة قليلة ولكنهم حظيوا بالمراكز القضائية الحساسة والهامة بسبب تبعيتهم السياسية، خصوصا ان المراكز القضائية الاساسية موزعة حسب الطوائف والمذاهب فرئيس مجلس القضاء الاعلى يتبع عادة الى رئيس الجمهورية اما المدعي العام المالي وهو شيعي يكون من حصة رئيس مجلس النواب، وبالنسبة لمدعي عام التمييّز فهو مرتبط برئيس الحكومة او الزعيم السني وهؤلاء القضاة هم أعضاء في مجلس القضاء الاعلى الذي يجب ان يكون منتخبا من قبل القضاة كي يكون مستقلا وليس معيينا من قبل السلطة السياسية، اضافة الى ذلك فإن القضاة يحتاجون الى توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة و وزيري العدل والمال على مراسيم تعيينهم مع العلم أن القضاء واحكامه يجب ان تكون مستقلة لان مهمة وزير العدل هي فقط متابعة حالة القضاء العامة وعليه ان لا يتدخل في التشكيلات القضائية، ولكن حاليا فإن الامور تسير عكس ذلك بسبب بعض القضاة الازلام لدى السلطة السياسية والذين اصبحوا مرتبطين بهم وليس بالسلطة القضائية ويخالفون قراراتها». وبحسب صادر فإن القضاء بحسب المادة 20 من الدستور هو مستقل، ولكن في الواقع اصبح تابعا منذ سنوات، مستشهدا بما طالب به الرئيس حسين الحسيني والنائب والوزير السابق بطرس حرب اللذين لديهما خبرة كبيرة في القانون والتشريع بضرورة ان يكون هناك قانون يتعلق باستقلالية القضاء اي ان يتم انتخاب مجلس القضاء الاعلى من قبل القضاة وان يقوم هو بإجراء التشكيلات وتكون من صلاحياته ترشيح وتعيين الافضل والاكفىء للمراكز المطلوبة و مراقبة سير العمل في العدلية دون الحاجة الى توقيع السياسيين ودعمهم. 

ويصف صادر حالة القضاء بأنها مزرية والسبب يعود الى السلطة السياسية التي تساهم بإهتراء هذا السلك من خلال حجب الامور البديهية عنها للاستمرار بعملها. 

رئيس مجلس شورى الدولة السابق يعود بالذاكرة الى ما كان اعلنه رئيس الجمهورية عن رغبته بأن تكون هناك قفزة نوعية بالقضاء خلال عهده وهو قام بتعييّن افضل قاضي كرئيس لمجلس القضاء الاعلى وهو القاضي سهيل عبود الذي طالب رئيس الجمهورية بإعطائه الحرية في موضوع التشكيلات فوعده بذلك، ولكن للاسف بعد وضعه لهذه التشكيلات التي خلت من البؤر السياسية والازلام والتوابع ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب واجراء المقابلات معهم وتم توقيعها من قبل مجلس القضاء الاعلى رفضها رئيس الجمهورية لانها لم تنال رضاه وهو طلب من وزيرة العدل حينها معارضة هذه التشكيلات من خلال وضع ملاحظاتها عليها واعادتها الى مجلس القضاء الاعلى لدرسها، ولكن مرة جديدة اصّر مجلس القضاء على هذه التشكيلات بالاجماع مما اضطر وزيرة العدل للتوقيع عليها كما وقع عليها رئيس الحكومة ووزير المال ولكن لدى وصولها الى القصر الجمهوري وضعها الرئيس ميشال عون في الادراج  وعلق العمل بها لانها استبعدت القضاة التابعين له مثل القاضية غادة عون، رغم  النص الصريح في المادة 5 من قانون القضاء العدلي التي تقول «عندما يتخذ مجلس القضاء الاعلى قرارا بالاكثرية المشددة تصبح التشكيلات نهائية ونافذة وتصدر بمرسوم»، مما يعني ان المرسوم يصبح شكلي ولكن لدى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سلطة مقيدة وعليهم التوقيع على قرار المجلس وبالتالي على مرسوم التشكيلات الذي لا يزال اسيرا في درج رئيس الجمهورية، ويؤكد صادر لو انه صدر مرسوم التشكيلات المقترحة لكانت سجلت قفزة نوعية في القضاء.

ويلفت رئيس مجلس الشورى السابق الى ان بند استقلالية القضاء الذي تم تأجيل البت به في مجلس النواب وضع على جدول اعمال الجلسة شكليا لاسكات من يطالب بإقراره لانه بعد انفجار المرفأ وبعد ما تعرض له القاضي طارق البيطار وقبله القاضي فادي صوان اصبح هناك نقمة شعبية كبيرة على الطبقة السياسية الفاسدة التي ترفض التصويت على هذا القانون.

ويعتبر صادر ان الحجج التي اعطيت لعدم التصويت على القانون واهية من اجل المماطلة، خصوصا ان وزير العدل هو قاضي وكل القضاة على اطلاع عليه وهو يعلم انه سيتم وضعه على جدول اعمال الجلسة.

واستبعد صادر في الختام اقرار قانون استقلالية القضاء بوجود الطبقة السياسية الراهنة، مشيرا الى انه علينا انتظار التغييّر الذي يمكن ان يحصل في الانتخابات المقبلة،املا  باعادة بناء دولة قانون.