بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تموز 2023 11:41م تأملات في أحوال بلاد افتقدت إلى رجال

حجم الخط
 
فيما العالم يدخل عصر الذكاء الإصطناعي أين نحن من هذا العصر? تجدنا غارقين في تأملات تلفّها حقيقة مرّة هي افتقارنا اليوم إلى رجال تتجسد فيهم دولنا.
يقول أحدهم «حسب الدستور:
كل نواب العالم مجتمعين لا يسعهم أن يشرعوا عملية الصرف من الاحتياطي المتبقي من احتياطي أموال الناس أو المودعين الخاصة. بالتالي كل تشريع يقونن الصرف من الاحتياطي هو قوننة لعملية تكملة سرقة أموال المودعين ونهبها ويعرض المشرّع، أي الناءب ونواب المصرف المركزي الذين يريدون أن يصرفوا، يعني أن يسرقوا من ذلك الاحتياطي، للملاحقة القضائية الجزائية....» هذا ما يقوله أحدهم بكل جرأة وثقة على وسائل التواصل الاجتماعية استصراخاً لضمير لا أحد يعرف أين هو مخزّن؟ هذا إن كان لا يزال له أثر في هذا البلد. ونزيد على ما يقوله ما يلي: إن أقل قوانين العالم في أَحط بلدان العالم لاتجيز ما يعمل عليه ويشرَّع يما يتم تشريعه عندنا، حتى ولو كان أقل من هذا من الأعمال. ولكن يا «أخونا بالله» في بلدك الذي لا يزال بعد يسمى بلد في حين صارت «الكرخانة ومن فيها» أشرف من أكبر رأس فيه ولم يعد فيه حدود للنهب والسرقة والزعرنة ولا أحد يكترث، وصار ثابتاً، ويثبت يوماً بعد يوم، أننا وصلنا إلى قعر جهنم وينسب كل ذلك إلى العقوبات المفروضة على البلد…
وأما السرقات فحلال وطبيعية ولا دخل لها فيما يحصل. العقوبات لا تطال أحداً من الحرامية على كل حال. العقوبات كذبة كبيرة وهي بمثابة قميص عثمان أو ورقة التين التي يستر بها هؤلاء السفلة عوراتهم.
ثم إن جريمة اغتصاب الأطفال التي هي من أفظع الجرائم تدفع مجتمع بأكمله، بما فيه القضاء، وأخيراً، ليستنفر استنكاراً وإدانة لا طائل منهما. وأما الجريمة الأفظع التي تفسح في المجال لحدوث مثل هذه الممارسات بغياب الرعاية الاجتماعية، وخصوصاً رعاية الدولة والهيئات الإجتماعية، وبالأخص الفلتان والجشع والسرقات المنظمة التي توفر الأرض الخصبة لمختلف الممارسات الإنحرافية الجنسية وغيرها مثل المخدرات ولا يهتز لها ضمير أحد من ذوي الشأن في المجتمع. والوقاحة الأكبر تتمثل بانتشار صور كبيرة لمسؤولين كبار بحجم جريمتهم المكرسة والمغطاة بالقانون والدستور وبالسلاح إذا لزم الأمر وهذا حاصل على كل حال.
وفي معرض التأمل بحالنا وبما حل بنا بعد سقوط المنطقة في التيه وخصوصاً بلد الإشعاع والنور (وصرنا منضيف اليوم الإشعاع والنور الكاذب) تُخاطِب نفسَك وتقول إن البلدان الحقة تُذكَر على الدوام برجالها. ومثلنا على ذلك الأنبياء والحكماء كلهم شرقاً وغرباً وكذلك القادة العظماء للدول من جميع القارات. ولا يسعنا هنا تعداد اسمائهم. والرجال هؤلاء لم يكونوا بحاجة لتأكيد مكانتهم وسط شعوبهم أن يعلّقوا أو تُعلّق لهم صور. والمفارقة أن لوثة تعليق الصور في بلاد العرب والإسلام مترافقة مع تحريم تصوير الإنسان ولا سيما الأنبياء، فالحال أن صغار الرجال منهم وصغار الأفراد من قومهم يأتون ليخرقوا القاعدة إبتغاءً لتعويض عن إحساسهم بأن ما شاءت محن بلادهم أن تكتب لهم من حظوظ لاعتلاء مناصب هم أدرى بمن يستحقها غيرهم. و«الله يباركلهم فيها».
ومتابعة لتأملاتك تجد ما يلفتك في بلادك أن كل الحظوظ فيها لمن يجيدون الاستثمار في الواقع الطائفي ولا حظ ّ في الاستفادة لمن لا ينحني ويمدّ يده استعطاء لإحسان الطوائف المنتحِل صفة العمل الإنساني. وذلك على مستوى المجتمع الأهلي أو الرسمي المدار من السلطة السياسية. صحيح إنه عمل له وجه إنساني لكنه مشوّه بحيث أن عمل الفرد أو المجموعة أو الجمعية المتعاطية في الشأن الإنساني يواجه في دربه عراقيل جمة في الحصول على موارد تغذّي المشاريع الإنسانية الحقة وتدعمها إن لم يكن منتمياً إلى أي من منعزلات الطوائف. والدولة الطائفية سواء أكانت في زمن العوز أم في زمن البحبوحة لا تعمل إلّا وَفق المعيار الطائفي الذي يخدم في النهاية مقاولي الطوائف ومتعهديها سواء في تلقي الحسنات والهبات والإعانات من الخارج أم في منحها لمن هم بحاجة لإحسان ومساعدة  في الداخل بغياب سياسة رعاية عامة (assistance publique) متحررة من القيد الطائفي.

ثمّ في سياق آخر، لدى أخذ العلم بأن السيد لو دريان المندوب الفرنسي عاد إلى البلد ساعياً للتوفيق بين الشِّلَل الحاكمة ووضع حد للفراغ والشَلَل في عمل المؤسسات الدستورية، يخطر في البال تنبيه لو دريان (حتى ييبقى "لوبريان" Le brilliant (أي برّاق) وتبقى فرنسا محفوظة الهيبة والكرامة) بأن يحترس من ثعالب الغاب اللبنانية- إنهم من جيل غير الجيل الذي عرفه رجال الإنتداب الأول. فحذار: رصيد فرنسا لا يزال رغم كل شيء قابلاً للاسترجاع. كفى بهدلة لفرنسا من قبل قطاع طرق السياسة اللبنانية
وإذا انتقلت في تأملاتك بالمناسبة ذاتها من المستوى المحلي الصرف إلى مستوى علاقة بلدك بمن هم مهتمين من الخارج بمصيره وإخراجهم من محنته ربما إحساساً بمسؤوليتهم نوعاً ما عمّا يتخبط به وكلاؤهم في الداخل، يقفز إلى الذهن تمني مفاده:
« حبذا لو يكلف نفسه أحد من أصحاب الرأي والمقامات الرفيعة  في هذا الماخور يلي صار اسم لبنان ملاصق له أو أحد من الذين يدّعون حالهن معارضة مسلّحة كانت أم ديمقراطية، وطنية، أو تترية، يتوجه للراعي الفرنسي القادم لتفقّد القطيع الذي سلمته بلاده للرعيان اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب، إذا كان قادراً على إسكات أحتجاجات شعبه الذي انتزعت منه فقط سنتين من حقوقه المتعلقة بسن التقاعد، هذا عدا الحقوق والضمانات الأخرى التي كان يتمتع بها قبل مجيء هذا العهد المكروني. ودعوه يقول لنا ماذ يمكن أن يحصل في بلده لو إنه إضافة إلى النهب يلي ممكن يأنتت يكون حاصلاً فيه، لا سمح الله، من وعلى أموال المودعين، من قبل قرطة حكام المصرف المركزي بفرانسا وأصحاب المصارف فيها وبرعاية سلطة الحماية المؤمنة من الحكام السياسيين أنفسهم، كما وأه ماذ يمكن أن يحصل بالبلد لو كان المطلوب من أي مواطن بفرانسا تأتيه مساعدة من محسنين من الأهل والأصحاب في الخارج للمحتاجين في الداخل بعد وقوع كارثة عليهم لا سمح الله، وإتتعرض هذه التحويلات بالتالي إلى أن يشفط منها 2% للصرافين ووكالات تحويل الأموال هذا فضلاً عما يدفعه الآمر بالتحويل من اقتطاعات وعمولات للبنك أو الصراف أو وكالة التحويل المعتمدة في الخارج. وماذا يمكن أن يحصل لو صار الشعب الفرسي فريسة مصيدة سرقات عدة من قِبل: 1- الدولة وأجهزتها 2-المصارف وأعوانها 3. - أصحاب المولدات وزعرانهم 4- أصحاب الصهاريج وقبضاياتهم 5- عصابات التجار وأدواتهم. 6-هذا عدا تجّار الأدوية ولا أقول صيادلة. و7- أصحاب مسالخ المستشفيات (ولا أقول مشافي) الي (على سبيل المثال كلفة كل جرعة يوفرها المستشفى إذا كنت مصاباً بالسرطان، يثسلخ منك ـ300 $ بأقل تعديل مع «تربيح ألف جميلة»)، ويأتيك 8-  عصابة أصحاب المحطات ومستودعات المحروقات والمستوردين لها. كما هو حاصل بالبلد العزيز على قلب حكام فرنسا وشعبها. بالله عليكم سلوه إن كان هناك شعب في مستعمرات فرنسا قديماً وحديثاً بقي ساكتاً على على هكذا كارثة أو حتى على أقل منها، غير الأقوام و الطوايف في لبنان التي دللتها فرنسا طوال 100 سنة؟ وسمون لبنان وحكامه أصحاب رسالات حضارية وسماوية؟
ونحن نتمنى له ألّا يعود إلى بلده خالي الوفاض  من جولته الأخيرة هذه.