بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 كانون الأول 2023 12:00ص طوفان الأقصى وسايسبيكو جديد

حجم الخط
زلزال 7 أكتوبر كان بكل المقاييس خرق نوعي استخباراتي وعسكري كبير وبالتأكيد أخذ وقت وربما أشهر من التحضير للقيام بعمل من هذا النوع وفق آلية مهمة جداً من التكتم لعدم كشف المخطط والهدف الذي وضعته المقاومة ألا وهو الهجوم على المواقع والمستوطنات من أجل قتل وأسر أكبر عدد من الإسرائيليين من أجل تبييض السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين الذين يعانون من أبشع أنواع التنكيل واللاإنسانية المتناهية في التعامل مع معتقلين ذنبهم الأكبر انهم يصارعون من أجل البقاء والمحافظة على الأرض ولقمة العيش والعرض، إذ ليس كل فلسطيني في السجن هو مقاوم مسلح بل الأغلب لفّقت لهم تهم عديدة مثل عدم الاعتراف من العدو بملكية أراضٍ أو منازل وغيرها من التهم الجاهزة، ويطول سرد أسباب الاعتقالات الواهية.
لا شك ان نتنياهو وبفضل الحكومة اليمينية المتطرفة كان قد اتخذ قرارا بعد حسب بعض التسريبات بانه كان يعلم ان هناك شيئا يحضّر في غلاف غزة من قبل حماس، والدليل ان هذا الجدار الفاصل والذي قام الأميركي والإسرائيلي ببنائه ووضع أهم أجهزة استشعار وتكنولوجيا مراقبة الأفضل عالميا والذي تجاوز تكلفته المليار دولار وغير المربوط بعنصر بشري بل بأجهزة وكومبيوترات هي التي تشغله، كيف توقفت كل هذه الاجهزة في 7 أكتوبر؟؟
هذا لديه تفسيران اما نتنياهو والاستخبارات لديه من قاموا بتعطيله من أجل السماح بالعبور ومن ثم الانقضاض على غزة بذريعة ما سيحدث، أو ان هذه المقاومة لديها أدمغة كبيرة وتمتلك تكنولوجيا متقدمة لوقف عمل الجدار.
بالمنطق ان نتنياهو وفريفه هم من قاموا بتعطيله ولم يتوقعوا هذا الكم الهائل من الخسائر، لذلك الذريعة وجدت والقرار كان تهجير أهل غزة الى سينا واجتثاث حماس من غزة، وهذا ما سرّب من وزارة الاستخبارات الإسرائيلية على انه توصيات لحرب غزة، فمن الواضح ان الأمور خرجت عن المتوقع اذ قام المدنيين الغزاويين الذين نجوا من ممارسات الاحتلال والمستوطنيين بالانقضاض على المستوطنات في الغلاف وأسر كل من وجدوه وكان واضحا في اليوم الأول ان هناك شبابا صغارا يجرّون مستوطنين من جميع الأعمار وحسب المعلومات ان هناك أكثر من 4 آلاف غزاوي مدني هم من اقتحموا المستوطنات.
قامت الدنيا ولم تقعد داخليا وعالميا وهبّ الأب الروحي الأميركي لنصرة ودعم الكيان وجّيش العالم وسوق ان حماس هي داعش وأحضر الأساطيل من أجل ردع وتخويف محور المقاومة ولعدم التدخل ونصرة غزة.
السحر انقلب على الساحر ولم يستطع نتنياهو تحقيق أي من أهدافه المعلنة وغير المعلنة بفضل صمود أهل غزة والمقاومة وبعد مرور أكثر من شهرين ونيّف ما زالت الصواريخ تتساقط على تل أبيب لا بل أول تبادل حصل في شمال القطاع والذي ادّعى العدو انه سيطر عليه، والتوغل البري لم يجدِ نفعا بل حوّل المقاومين أرض غزة الى مقبرة للغزاة وسحب لواء غولاني من المعركة خير دليل.
بالمحصلة ؤبادة جماعية على مسمع ومرأى العالم أجمع والدول العربية والإسلامية ولم يحرك أحد أوراق الضغط على الأميركي من أجل وقف حمام الدم في غزة. بل تحركت الجبهة الجنوبية في لبنان مع شمال فلسطين المحتلة والعراق واليمن الذي أرسى معادلة صعبة لكل العالم إيفاف كل التجارة والنشاطات البحرية عبر باب المندب للكيان مما أدّى الى انشاء تحالف أميركي - أوروبي مع دول عربية خجلت أن تعلن عن نفسها. فبدلاً من أن تنصر اخوتها في فلسطين ذهبت لنصرة الكيان مع أميركا، وليس معروفاً ان اليمني يتراجع عن مطالبه وخاصة ان الشعب والجيش والحكومة اليمنية اجمعوا على نصرة غزة، فهل سيؤدي باب المندب الى فتح جبهة اقليمية ممكن أن تتوسع أم ستكون ورقة ضغط رابحة من أجل وقف العدوان على غزة؟ أو سوف يقايض مصر  على عدم إنشاء قناة بن غوريون مقابل فتح سيناء للغزاويين وإكمال المخطط؟!!
كل ما يجري من عدوان وكل غارة جوية، وكل سقوط للأبرياء، وكل يوم من الحرب، سوف يكون قنبلة أقوى من أي سلاح نووي، وهذا المنطق الخاطئ المتمثل في القضاء على «حماس» يعمي رؤية نتنياهو، فالدعوة إلى القضاء على حماس هي دعوة مفتوحة لإبادة جماعية.
يتعيّن على إسرائيل أن تتعلم دروس حروب أميركا في فيتنام وأفغانستان، وأن مسار التصعيد الذي تتبعه إسرائيل حاليا سوف تكون له نتائج عكسية كما فعلت حملة القصف الأميركية في فيتنام. وعلى العرب والدول الإسلامية التحرك لوقف الإبادة الجماعية لان سكوتهم سوف يعطي الإسرائيلي لكي يكمل مخططاته ومن بعد غزة الضفة ولبنان.

* كاتب وباحث سياسي