بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 تشرين الثاني 2023 12:01ص هل ستندحر أميركا الصغرى عن فلسطين المحتلّة؟

حجم الخط
في دلالة واضحة على أن الصراع السياسي في الشرق الأوسط، وفي دول المستديرة قاطبةً، يتمحور حول السيطرة على مقدراته الدول من نفط وغاز وغيرهما، قال المرشح الرئاسي الأميركي روبرت كينيدي جونيور الذي سيخوض السباق الرئاسي الأميركي لاعتلاء العرش في البيت الأبيض الأميركي، أنه إذا تبخرت إسرائيل من الوجود فإن روسيا والصين ودول البريكس ستسيطر على 90 بالمائة من النفط في العالم، علماً أن المملكة العربية السعودية انضمت إلى هذه الدول مؤخراً، وسيكون ذلك كارثياً على أمن أميركا، وفي مقابلة تلفزيونية في 8 تشرين الثاني 2023 قال كينيدي أن الولايات المتحدة الأميركية تدعم إسرائيل نظراً لوضع الأخيرة الدقيق، فأميركا تعتبر حليفتنا وهي حضننا في الشرق الأوسط. ولفت كينيدي إلى أن إسرائيل هي سفيرتنا ووجودها يمنحنا آذاناً وأعيناً في الشرق الأوسط، ويمنحنا الإستخبارات والقدرة على التأثير في كافة شؤون الشرق الأوسط، وإذا زالت إسرائيل من الوجود، فسيكون ذلك بمثابة المأساة على الأمن القومي الأميركي. تاريخياً، لقد حرص بيل كلينتون الذي كان رئيساً لأميركا من 1993 حتى 2001 في خطاب ألقاه أمام منظمة إيباك الصهيونية يوم 7 أيار 1995، على إبراز مدى التزام الولايات المتحدة دعم إسرائيل في كافة النواحي والمجالات، وأعلن كلينتون حينها عن التزام بلاده تسديد مبلغ 350 مليون دولار وهو الجزء الأكبر من تكليف تطوير صاروخ إسرائيلي، يشكّل ضمانةً لإسرائيل بأنها لن تترك أبداً من دون دفاع في وجه أي هجوم صاروخي. وكشف كلينتون أن واشنطن أعطت حليفتها إسرائيل أكثر أنظمة إطلاق الصواريخ تقدّماً في العالم لتوفر للجيش الإسرائيلي القوة التي يحتاج إليها. أما جورج بوش الإبن الذي كان رئيساً للولايات المتحدة ما بين 2001 و2009 فوُصف بأنه الأكثر دعماً لإسرائيل من بين الرؤساء الأميركيين وقد ترجم هذا الدعم في خطابه أمام إيباك يوم 18 أيار 2004، إذ قال أن أمتنا وامننا هما خط أحمر لا يمكن لأحد تخطيه لأن لدينا حليفاً حقيقياً هو اسرائيل. كما أضاف بوش قائلاً أن المقومات المشتركة بين واشنطن وتل أبيب جعلت منهما حليفتين طبيعيتين مضيفاً باستمرار واضح أن هذه الإرتباطات لن تُكسر أبداً. وتزامن تصريح بوش حينها مع قيام طائرات إسرائيل ودباباتها بقتل الفلسطينيين في أماكن عدة في قطاع غزة إضافةً إلى هدم منازلهم. أما بايدن فيقول بتاريخ 18 تشرين الأول 2023 من فلسطين المحتلة أنا هنا ليعرف العالم أنني أحب إسرائيل وأنا إلى جانبها ما دمت حياً. ولكن طالما أن مقاومة حماس الضارية مستمرة بتسطير الملاحم البطولية، فإنها في طريقها إلى تحويل أماني وتمنيات ورغبات العدو إلى اضغاث أحلام. يقول الصهاينة بأنهم اجتاحوا ودمروا وقتلوا واحتلوا وهم في طريقهم حسب أقوالهم إلى طمس معالم وهويات. لكن وللتذكير فقط، فإن تاريخ الإعلام الصهيوني المدعوم من ينابيع مالية يمتلكها رجال أعمال أشهر من أن يعرف عنهم بتضخيم الأمور لناحية القدح والذم بأصحاب الحق والشرفاء وهم قادرون على تحوير الحقائق وبث الفتن وأفانين العداوات. إن كل تلك الأساليب الإعلامية المغرضة يستعين بها العدو، عندما يكون جلاوذته في حالة من الضيق، والغرض من ذلك شحذ همم من يعولون عليهم جلب لبن العصفور، وتعتقد إسرائيل أن الحرب الإعلامية التي تتقنها جيداً قادرة على بث القنوط وفقدان الأمل في نفوس مقاتلي حركة حماس ومختلف أعضاء الفصائل الفلسطينية المقاومة، وما التركيز على بث مشاهد السيطرة على مباني حكومية وبلدية ومستشفيات إلا السبيل الذي تعتقد اسرائيل أنه بواسطته تحقق مرادها وتجلب الأذى. بتاريخ 12 تشرين الثاني 2023 قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء فايز الدويري أن 70 بالمائة من إجمالي قوات كتائب القسّام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس منغمسة كلياً أو جزئياً في التصدي لجيش الإحتلال الذي يتوغّل في عدة محاور كائنة في شمالي قطاع غزة، ويوجد 12 كتيبة لدى القسّام بغض النظر عن أعدادها ومكوناتها وفق الدويري الذي قال أن بعضها مشتبك اشتباكاً كلياً وحاسماً مع قوات الإحتلال التي تهاجم من الشمال والجنوب وجزءاً آخراً مشتبك اشتباكاً جزئياً. وبحسب الدويري تعادل هذه الكتائب 35 بالمائة من إجمالي قوات القسّام، وشدّد على أنها لا تزال متماسكة وتحتفظ بالقيادة والسيطرة وتمنع قوات الإحتلال من تحقيق الإنجازات. أما كتائب الإشتباك الجزئي فهي وفق الخبير العسكري الدويري، كتيبة الشيخ رضوان وكتيبة الزيتون، وكتيبة جباليا وكتيبة بيت لاهيا، حيث أوضح أنها تتمتع بقدرة قتالية عالية، وانخرط ما نسبته 30 إلى 50 بالمائة من قوامها في التصدي لجيش الإحتلال الإسرائيلي. ويبدو أن تشديد حالة الحصار الإسرائيلية على المستشفيات الفلسطينية في قطاع غزة وخصوصاً مجمع الشفاء الطبي الذي صنعت منه إسرائيل مركزاً لقيادة حماس وبما يشكله من رمز معنوي فلسطيني تصدر منه بيانات وزارة الصحة الفلسطينية والمركز الإعلامي الحكومي قد يكون إسقاطه هو صورة النصر المزيف التي تحاول إسرائيل البحث جاهدةً عنه قبل وقف إطلاق النار. لقد نشرت صحيفة هارتس الصهيونية مقالاً للكاتب الصهيوني الشهير اري شبيت يقول فيه، يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ ولا حلّ معهم سوى الإعتراف بحقوقهم وإنهاء الإحتلال، ويتابع شبيت لن ينقذ الهذيان الصهيوني إسرائيل. إن ترامب وكويشنر وبايدن وباراك أوباما وهيلاري كلينتون ليسوا هم الذين سينهون الإحتلال وليست الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي هما اللذان سيوقفان الإستيطان. إن القوة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ إسرائيل من نفسها هم الإسرائيليون أنفسهم وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة تعترف بأن الفلسطينيين متجذرون في هذه الأرض. إن لعنة الكذب هي التي تلاحق الإسرائيليين حسب شبيت، ففي العام 1968 وعلى سبيل المثال لا الحصر قامت عالمة الآثار البريطانية الدكتورة كاتلين كابينوس حين كانت مديرة للحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس، بأعمال حفريات لتؤكد عقبها فضحها للأساطير الإسرائيلية حول وجود ولو أثر واحد لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى. يقول جدعون ليفي الصهيوني اليساري، يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم وأطلقنا على شبابهم الغانيات وبنات الهوى والمخدرات وقلنا ستمرّ بضع سنوات وسينسون وطنهم وأرضهم وإذ بجيلهم الشاب يفجّر انتفاضة 1987، وأدخلناهم السجون وقلنا سنربّيهم في السجون وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس ، إذ بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلّحة عام 2000 أكلت الأخضر واليابس، وقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة وإذ بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدار العازل والأسلاك الشائكة وإذ بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق حتى أثخنوا فينا قتلاً وفي الحرب الماضية حاربناهم بالعقول فإذا بهم يستولون على القمر الصناعي عاموس؟! ويدخلون الرعب إلى كل بيت في إسرائيل عبر بث التهديد والوعيد كما حدث حينما استطاع شبابهم الإستيلاء على القناة الإسرائيلية الثانية. وأعود إلى آري شبيت الذي يختم بالقول يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ ولا حل معهم سوى الإعتراف بحقوقهم وإنهاء الإحتلال. وكلمة حق تقال لقد باتت فصائل المقاومة الفلسطينية مع الشعب الفلسطيني بأسره أيقونة المقاومات العربية والدولية والكفاح المسلّح الشريف، فكلما ازداد عدّاد الشهداء نردّد مع الشاعر في ظل وميض أيقونة النصر العظيمة، قم نقبّل ثغر الجهاد وجيده، أشرق الكون يوم جدّد عيده. ومع كل بداية انتفاضة وحرب تتجدّد عمليات المقاومة المظفرة المبينة.
وأعود إلى ما قاله كبيرنا أمين الريحاني في كتابه خالد لأميركا:
«أميركا، أبنة اليهود والقرود أين منك فضائل الجدود، ماضيك من نور ونار وحاضرك نور مستعار وسوف يزول المستعار. وسوف يصدق كلامك يا ابن المتن العظيم».