بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الثاني 2018 12:41ص تحية إلى روح «أزنافور» في ليلتين مع الأوركسترا الفيلهارموني اللبنانية

التينور «هايك بتروسيان» أبدع في تقمُّص المحتفى به شكلاً وصوتاً ..

حجم الخط
ليلة 16 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، كانت ليلة من العمر أمضيناها مع الأوركسترا الفيلهارموني اللبنانية بقيادة المايسترو «هاروت فازليان» في كنيسة الآباء اليسوعيين – مونو، حيث أحيت حفلاً تكريمياً لروح الفنان الكبير «شارل أزنافور» برعاية رئيس الجمهورية العماد «ميشال عون» ممثّلاً بالسيدة عقيلته التي تقدمت حضور حفل الليلة الأولى في 15 الجاري.
زحام كثيف جداً، وإقبال جنوني على حضور البرنامج المعد للمناسبة، وهو ذو نكهة أرمنية خالصة، من التنظيم الذي أسهمت فيه جمعية «هاماسكايين» الأرمنية للثقافة والتربية، والمايسترو «فازليان»، والدينامو المفاجأة في الحفل هو التينور الأرميني «هايك بتروسيان» (31 عاماً – مواليد يريفان ) الذي كان جيداً لو أنه أحيا الحفل بكامله لوحده، لسبب جوهري وهو أنه بعث الحياة في «أزنافور» روحاً متوثبة، وصوتاً يكاد يكون هو من شدة الشبه في الطبقة والإحساس والأنفاس، بينما هو كشكل خارجي صورة طبق الأصل عن الراحل، مما أذهل الحضور وحظي بتصفيق جنوني عاصف ومدوّي من مئات الحصور الذين ضاق بهم كل سنتيمتر من صالون الكنيسة، ومع ذلك لم يغادر القاعة كثيرون ممن لم يجدوا مقاعد شاغرة بل تابعوا الحفل وقوفا حتى لا يفوتهم شيء من الحدث الفني الكبير.
عالم «أزنافور» الساحر نقله ثلاثة من مغني الأوبرا المتميزين، ونحن نعرف واحداً منهم فقط ونحترم موهبته الكبيرة «إيليا فرنسيس»، والآخران «كورين متني»  الخامة المتميزة جداً، والأرميني المذهل فعلاً الذي أشعرنا أن «أزنافور» قفز إلى منبر الكنيسة البيروتية وراح يصول ويجول بثقة كاملة وصوت دافئ جميل، خصوصاً عندما واكبت أداءه لقطات للراحل وهو يؤدّي الأغنية نفسها، ولم يكن هناك فارق يُذكر بينهما، ومع الإحترام الكامل لحضور وموهبة المغنين اللبنانيين، فإن «هايك» لو تسلّم الحفل بكامله بكل أغانيه لكان أوصل أبلغ رسالة عن «أزنافور»، كما عرفناه جميعاً في حفلاته العالمية وأفلامه أو كما واكبناه ما بين مهرجاني بيت الدين وبعلبك، حيث كان عجوزاً لكنه كان متيناً واثقاً ومتدفقاً بالأحاسيس الغامرة والصادقة.
هو نفسه غنّى في الحفل على أنغام الأوركسترا الفيلهارموني اللبنانية، صوته على أنغام الأوركسترا، يُطل من على شاشة تتصدّر الصالون الكبير هو يُغنّي، والمايسترو «فازليان» يواصل القيادة بعصاه الصغيرة، بينما كل الحضور يُتمتم الكلمات التي كان بعضها يظهر مكتوباً، وتناوب المغنون الثلاثة على الغناء وختموا معاً بأغنية واحدة. إستمعنا وعشنا مع 13 أغنية كان معظم الحضور يحفظها عن ظهر قلب ( les comediens، hier encore، for me formidable،
She، il faut savoir، les deux guitares، pour toi armenie، sa jeunesse،
Mourir d aimer، que c est triste venise، je m voyais deja، emmeney-moi،
والختام المسك مع la boheme، التي أداها «هايك» كأحلى وأفضل ما يكون، وأعطاه الجمهور ما يستأهله من التقدير تصفيقاً حاداً وطويلاً.
نريد هنا تسجيل تحية للكونسرفاتوار الوطني اللبناني على برمجة حفلات لا تتوقف على مدار العام ما بين مسرح بيار أبو خاطر، وكنيسة مونو خصوصاً، حيث تأسس جمهور متذوق يقدّر الموسيقى الراقية في وقت عوّدتنا وسائل الإعلام على هوجة الأغاني على مدار الساعة بما يُلغي عنصر التذوق النموذجي للموسيقى ويأخذ جيلاً بكامله إلى مهالك فوضى الحواس في تعاملها مع الجمال في كل شيء، وليس في الفنون وحدها.
هذا الإقبال على «أزنافور» هو جزء من منظومة تحوّل في الذوق العام اللبناني إلى الجهة الصحيحة إلى الفن الراقي، الذي يُمتع ويخلد.
محمد