بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 آب 2019 12:00ص «يا قمر ضوّي عالناس» تشارك في مهرجان دولي بباريس

«دكروب» و«قعبور» يعزّزان مسرح الدمى مشهدياً ونغمياً..

لقطة من المسرحية لقطة من المسرحية
حجم الخط
هي واحدة من أعمال المخرج المتقدم على غيره في مجال مسرح الدمى على مستوىً عالمي محترم..

«يا قمر ضوّي عالناس» للمخرج «كريم دكروب» قدّمت على خشبة مسرح دوار الشمس – الطيونة مساء الخميس في 22 آب/ أغسطس الجاري من ضمن البرمجة المعتمدة لشهريْ تموز/ يوليو (بيتك يا ستي، فراس العطاس، يللا ينام مرجان، ألف وردة ووردة) وآب/ أغسطس (كراكيب، شو صار بكفرمنخار، شتي يا دنيا صيصان، ثم يا قمر ضوّي عالناس، وفي 29 الجاري: كلو من الزيبق).

الحضور كان كثيفاً أطفال آتون بفرح مع أمهاتهم غالباً لكي يعيشوا مناخاً من أجواء الفانتازيا التي لطالما عرفت تألّقها مع «دكروب» الذي يسحر الصغار كما الكبار بمؤثرات مشهدية جاذبة على بساطة الأفكار وطريقة التعبير عنها مما يقدّم صوراً يحبّها المشاهد سريعاً، مع شخصيات تذهب بعيداً في معانيها تأخذ معها المتابع إلى عوالم مريحة تبتغي إضافة معلومة أو شرح مفهوم، وبالنتيجة لا شيء يعصى على المشهدية المعتمدة لتوصيل الرسائل الإنسانية بأبسط السبل.

حيوانات أليفة وأخرى متوحشة، والمُحرّكون أمامنا حيناً يُظهرون طريقة تحريك الدمى أو هم محجوبون خلف البارافانات فلا يظهر لنا سوى الحيوان الذي يكاد أحياناً ينطق بحركته أو الحوار على لسان محرّكه وهو واحد من ثلاثة (سارة عبدو، أدون خوري، وكاترينا دكروب)، والجميل في هذا المناخ هو أنسنة الوحوش لتقريب صورتها إلى الصغار، فنحن نتابع تحريك الدمى، ومسرح الظل، والفيديو، للتعريف بإحتياجات الذئب بمناسبة الأعياد فهو يعتبرها فرصة ذهبية له كي يؤمّن لأولاده الغذاء، لذا فهو يخرج من أجله ومن أجل أولاده لكي يحمل لهم ما يأكلونه؟؟

سينوغرافيا وليد دكروب، وموسيقى أحمد قعبور حاضرتان بقوة مع صوت المخرج «كريم» راوي الحكاية بأقل المفردات لأن الصورة هي الأساس، بينما الصوت تُرك للأنغام التي تتحوّل أغنيات خفيفة ورشيقة تسطع على كامل المشهد المسرحي الثري بالأشكال والألوان والحركة الذكية ما بين الديكورات المتلألئة، بأنوار حيناً وبظلال أحياناً مما يُدخل العمل المسرحي في خانة الإبهار الهادئ من دون فرقعة أو إستعراض فارغين.


مخرجها كريم دكروب

48 دقيقة من الثراء المشهدي والتعبير المسرحي الشديد الوضوح في تعاطيه مع الدمى على أنها كيانات فاعلة، تكاد تنطق كالآدميين من لحم ودم، والوصل حاضر بخيط رفيع دائم من الأنغام على إيقاع الحوار المتمادي في تقديم الصورة عن الظالم والمظلوم عن المعتدي والضحية بما يضمن بقاء التوازن على نحو من المبادرة والتراجع وفق آلية الكر والفر المعتمدة لنجاة الضحية وهجوم الحيوان المفترس للفوز بطريدته مهما تلاعبت.

والواقع أن الكلام النبيل عن العمل كمادة فنية لها قيمتها وأبعادها ليس من قبلنا في لبنان أو في دنيا العرب فحسب، بل إن الإرث الذي رسّخه «دكروب» على مدى ربع قرن ويزيد جعل المرجعيات الفنية العالمية في مجال الدمى دائمة التواصل معه، وأحدث الأمور الراقية هو دعوة فرقة مسرح الدمى اللبنانية للمشاركة في مهرجان مسرح الدمى العالمي الذي تشهده باريس آخر الشهر الجاري آب، الذي يقام مرة كل ست سنوات، ويدعو فرقاً متميّزة ولها خبرتها وقيمتها من أنحاء العالم تُقدم نتاجها على مدى عشرة أيام، في مناخ أشبه بسوق عكاظ، فيه الكثير من التنوّع والمدارس الوافدة من حضارات متعددة ويتيح بالتالي إمكانية رحبة للمنافسة أمام أنظار أهم خبراء النوع من العالم.

لبنان يتمثل بمسرحية «يا قمر ضوّي عالناس» على أن تكون هناك جولة أخرى لها خلال أسابيع، تستكمل فيها حضورها المدهش.