بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 شباط 2023 12:00ص إضراب المصارف: أية تداعيات وأكلاف؟ وهل تزاول نشاطها بشكل طبيعي ودائم؟

حجم الخط
تمنّى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على المصارف تعليق إضرابها فاستجابت وقررت العودة الى العمل لاسبوع أو عشرة أيام أو بصورة دائمة بحسب التطورات، ذلك تحسّسا منها بالأوضاع الاقتصادية الصعبة وبضرورة تأمين الخدمات المصرفية للمواطنين كافة في آخر الشهر، كما جاء في بيان جمعية المصارف. فلماذا أقفلت ولماذا علّقت إضرابها؟ ما هي تداعيات الإقفال على الاقتصاد الوطني إذا طال؟ وأين مصلحة المواطنين والمودعين في كل ما يجري؟.. إليكم القصة الكاملة:
لا بد من الاشارة أولا الى ان العودة للعمل فيه مصلحة للبنوك أيضا لأنهم يتقاضون عمولات كبيرة على التحويلات من الخارج وغيرها، كما للناس الذين يتقاضون رواتبهم بواسطة المصارف، وان الإقفال لم يكن له كبير التأثير لأنه كان جزئي فعمليات صيرفة كانت تجري يوميا والاستيراد والتصدير والصرافات الآلية عاملة تؤمّن الخدمة للأفراد والموظفون والمدراء كانوا موجودون لتسيير تحويلات لبعض العملاء بشكل استنسابي لكن طبعا عملاء آخرون تعرقلت معاملاتهم هذا ما كشفه مصدر مطّلع متابع لملف البنوك، لكنه لفت الى تداعيات خطيرة إذا استمر الاقفال.
مصدر مصرفي شديد الاطّلاع أوضح أسباب إقفال البنوك في حديث خاص لـ«اللواء» قال:
ان إضراب المصارف حصل لأمرين: أحدهما أساسي والثاني ثانوي الى حد ما، والأخير هو المتعلق بقرار القاضية عناني بحق فرنسبنك القائل بضرورة رد الوديعة للزبون بالدولار نقدا جواب المحامي هنا كان «طالما تسمحون للمدينين أن يردوا للمصرف الدولار على 15000 ليرة لبناني أو بموجب شيك على مصرف لبنان «لولار» من أين سنأتي بالـ«كاش» كي نعطي المودعين بمعنى آخر ليس هناك وحدة بالمعايير. والموضوع الأساسي الذي استدعى الإضراب يتعلق بالرئيسة غادة عون التي اتهمت 14 مصرفا بدأت بـ7: بنك ميد، عودة، لبنان والمهجر، سوسيته جنرال، بنك بيروت، سرادار، والاعتماد المصرفي. نفتح قوسين للقول ان هناك بنوك مثل بلوم بنك كانت متعاونة وتعاملت بشفافية على سبيل المثال، هذا المصرف لم يكن يوزع أرباح بل لديه استثمارات خارجية كبيرة لجأ الى بيعها لتأمين السيولة واستخدامها في الداخل.. إذن يتابع المصدر ان لا يجوز التعميم على كل البنوك! بعدها لجأت القاضية غادة عون الى شبهة تبييض الأموال وجّهتها لكل البنوك وطلبت كشف حسابات بمفعول رجعي منذ 1-1-2016 أي حسابات كل أعضاء مجالس الإدارة الحاليين والسابقين، المدراء التنفيذيين الحاليين والسابقين ومدققي الحسابات الحاليين والسابقين. بلوم بنك والاعتماد المصرفي اعطوا المعلومات وسرادار وعد انه سيعطي المعلومات، لكن المصارف الأخرى رفضت وقال أصحابها ان لا مفعول رجعي للقوانين، فقانون مكافحة تبييض الأموال صدر في تشرين الثاني 2022 ممكن الرجوع بضعة أشهر الى الوراء لكن ليس أكثر، ولفت المصدر المصرفي برأي البنوك لا يمكن المتابعة على هذا المنوال لأن المصارف المراسلة تتصل وتقول هناك دعاوى ضدكم عملتم عمليات مضاربة مع مصرف لبنان وهدرتم المال العام هذه شرحتوها لنا، لكن القاضية عون تقول انكم تبيضون أموال وهذا موضوع خطير سيستغنون عن العمل معنا خصوصا ان حجم عملياتنا في لبنان صغير. أما البنوك الممتنعة فتم تحويلها الى القضاء بتهمة تبييض أموال وهي بنك عودة وسوسيته جنرال، وطلبت تجميد الأموال التابعة لها المنقولة وغير المنقولة وأملاك البنك والأموال الخاصة لكل أعضاء مجلس الإدارة والمدراء أي ان  هناك «تخبيط» في كل اتجاه.
وسأل المصدر المصرفي هل المطلوب إقفال القطاع المصرفي والإبقاء على 5 بنوك فقط؟ إذا كان هذا المطلوب خذوا المصارف وقوموا بتصفيتها عندها لن يطول المودعين أكثر من 1 الى 2% من ودائعهم، أليس الأجدى أن نتروّى لنجد حلّا للناس؟ إذن على هذه الخلفية حصل الإضراب وحين أرسل رئيس الحكومة كتابا الى وزير الداخلية بإعطاء تعليماته للضابطة العدلية أن لا ينفذوا أموار القاضية عون والأخير عمّم ذلك على كل القطاعات العسكرية وهم يأتمرون بوزارة الداخلية تجمّدت واندفاعة القاضية عون، ومن جهة ثانية، التوقيت مهم لتعليق الاضراب انه آخر الشهر والملايين تقبض معاشاتها من البنوك فقررت المصارف أن تعلق إضرابها لتسهّل أمور الناس ولترى ان كانت قرارات وزير الداخلية ستطبق أو ان عون ستستمر في هجومها على المصارف. يخلص المصدر الى ان هناك جنونا  والقوانين اللبنانية وضعت لحالات تعثر بنوك محددة، مثلا بنك تعثر لأزمة سيولة أو ملاءة أو ان مصرف أعطى قروضا كبيرة لم تسدد وما الى هنالك. أي ليس لدينا قوانين تعالج أزمة عامة شاملة نحن لدينا أزمة سيولة وحالات تعثر كبيرة على مستوى وزارة المالية التي تعتبر شبه مفلسة ومصرف لبنان عنده عجز كبير 78 مليار دولار والقطاع المصرفي وضع المال باليوروبوند أو مع مصرف لبنان أو مع الاثنين لا يمكنه الدفع لا يوجد قانون يعالج أزمة نظامية والقضاة يتطرفون لا قوانين تساعدهم فيأخذون قرارات «اعتباطية»، الأمر الذي يدفع المصارف لتصبح بالفعل متوقفة عن الدفع اليوم لم تزل تلبّي بعض الحالات على الأقل وفي البرلمان كل القوانين متوقفة مثل إعادة انتظام النظام المالي، إعادة هيكلة المصارف، الكابيتال كونترول، كل هذا دعا المصارف لتعلن الإضراب علما انها كانت مفتوحة لعمليات الاستيراد والتصدير والصرافات الآلية للأفراد لكن في آخر الشهر يصبح الضغط كبير فجاءت بادرة حسن نيّة من رئيس الحكومة بتجميد القرارات المتسرعة لبعض القضاة فهل ستفتح المصارف 10 أيام؟ يرجح المصدر، أو إذا تحسّنت الظروف سيتابعون العمل بشكل طبيعي.
ماذا عن مصلحة المواطن؟؟
علق عضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي د. أنيس بو ذياب لـ«اللواء» بالقول ان هذا الصراع والانقسام السياسي الذي يترجم أيضا بالقضاء وبالقطاع المصرفي فعليا في القطاع المصرفي: حين أقفلت المصارف جزئيا بمعنى تابع عمليات التحويل الى الخارج بهدف الاستيراد والتصدير وهذا أمر جيد والصرافات الآلية استمرت تعمل لكن الهدف كان الضغط على القضاء بالتالي بسبب الصراع بين القضاء والمصارف الأمر ينعكس سلبا على المواطن. ومن التداعيات الاقتصادية الأكثر ضررا انه يعزز اقتصاد الـ«كاش» فيسيء للمصارف وللاقتصاد الوطني بشكل عام بالمستقبل القريب لانه يعزز تبييض الأموال، تمويل الارهاب، مخدرات وغيره... ويوضع لبنان على اللائحة الرمادية إقفال كافة الحسابات المراسلة في الخارج وقطع إمكانية كل الاقتصاد الشرعي. ولفت بو ذياب الى ان المشكلة باتت واضحة إذا اتفقنا بالسياسة، لكن لكي نبني المؤسسات والاقتصاد الوطني تكون المرحلة أطول للتعافي بمعنى إذا انتهت الأزمة اليوم يلزمنا 3 سنوات أو أكثر لاستعادة العافية فالكلفة تزيد كلما تأخّرنا وهناك مسؤولية كبيرة في هذا الإطار.