بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2023 12:25ص أسباب الهزات وارتداداتها الطبيعية والنفسية

حجم الخط
لا يزال لبنان منذ فجر الاثنين الماضي يعيش تحت وطأة ارتدادات الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا وادى الى هزة أرضية قوية شعر بها معظم الشعب اللبناني، حيث تحولت الأربعين ثانية الى لحظات رعب وخوف وعد تنازلي لساعة القيامة، بعدما تمايلت الأبنية وانعدمت الجاذبية، ومنذ تلك اللحظات بات التوتر والارباك يسكنان النفوس نتيجة الضعف والعجز تجاه قدرة الخالق وتساوى جميع البشر بكل مستوياتهم دون استثناء امام غضب الطبيعة. 
ولبنان الذي يعيش ضمن إمكانيات مادية ضعيفة لاحتواء مثل هكذا كوارث حاول رئيس حكومته  نجيب ميقاتي احاطة تداعيات الهزة من خلال ايلائه اهتماما خاصا لهذا الحدث من خلال ترؤسه اجتماعا للجنة تنسيق عمليات مواجهة الكوارث والأزمات الوطنية والتداعيات الناتجة والمحتملة للزلزال الذي ضرب لبنان، وتنسيق الجهود من خلال وضع خطة عمل طوارئ على كافة المستويات لتفادي الكوارث والاخطار،  خصوصا في ظل عدم الجهوزية المطلوبة ووجود العديد من الابنية القديمة المهددة بالسقوط وعلى كافة الأراضي اللبنانية نتيجة تشققها وتصدعها لا سيما في مدينة طرابلس. 
مارلين البراكس: هناك انحسارا للارتدادات
وحول آخر مستجدات الهزة الأرضية تحدثت مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء مارلين البراكس «للواء» فقالت: «بعد الهزات الارتدادية المتكررة منذ فجر الاثنين الماضي والتي لا تزال مستمرة، بدأنا حاليا نشهد انحسارا لها من حيث عددها وقوتها».
وعن علاقة الفالق الموجود في لبنان مع الفالق في تركيا والذي نجم عنه الزلزال  الكبير، اعتبرت البراكس ان الفالق في لبنان خطير كما هو الفالق الذي تحرك في تركيا، ولفتت الى انهما يلتقيان مع بعضهما البعض، ولكنها اشارت الى ان خطورة الفالق الموجود في لبنان لم تتغير قبل او بعد زلزال تركيا، مشيرة الى ان ما حصل في تركيا اعطانا صورة واضحة عما يمكن حصوله في حال تحرك في بلدنا.
وعما اذا كان الخطر في لبنان لا يزال على حاله كما كان عبر التاريخ  خصوصا انه تعرض الى سلسلة من الهزات والزلازل، قالت البراكس:«ان الخطر قد يكون اصبح اقل لان مقومات البناء باتت افضل، ولكننا لم نتأكد من حسن تنفيذ قوانين السلامة العامة، وبالمقابل يمكن القول بانه لو بقيت منازلنا من طوابق ذات ارتفاع  منخفض لكانت الحال افضل، لذلك أرى ان  الخطورة لم تتغيّر وليس لدينا إمكانات لمنعها».
البراكس شددت على أهمية العمل من اجل تجهيز وتحضير القوانين الواجبة لتحسين سلامة الأبنية من خلال وضع خطة تعافي وإنقاذ صحيحة، واعتبرت بإن وجود الفالق في لبنان هو سبب حصول هزات قوية عبر التاريخ.
وتؤكد البراكس بأن السؤال الذي لا يمكن الإجابة عنه هو المتعلق بموعد حصول الزلازل والهزات وقوتها والمناطق التي يمكن ان تضربها، جازمة بانه ليس هناك من احد يمكنه ان يتوقع ذلك لان الكلمة الأخيرة تعود الى الطبيعة.
طوني نمر: ننتظر ان تعود الفوالق الى مستواها الطبيعي
من ناحيته يقول الباحث والاختصاصي في علم الزلازل بالجامعة الأميركية الدكتور طوني نمر «للواء» : «عمليا كانت تحصل هزات وبشكل يومي في لبنان لأنه يقع على خط الزلازل، لذلك فإن ما يحصل عمليا هو امر عادي، بانتظار ان تعود الفوالق الى مستواها الطبيعي كما كانت قبل وقوع الزلزال في تركيا».
مشيرا الى ان سبب حدوث الزلازل عادة على الفوالق يكون نتيجة انكسار في قشرة الأرض لانه متى انكسر جزء منها فان الجزء الاخر يستمر بالتحرك لإراحة حاله حتى تعود الضغوطات في الأرض الى مستواها الطبيعي، وبانتظار حدوث هذا الامر ستستمر الزلازل والهزات الارتدادية.
ويعتبر نمر ان الارتدادات تأتي في العادة اخف من الزلزال الأول او الهزات التي تكون هي الأقوى.
وحول ما اذا كانت الارتدادات ستستمر في الايام المقبلة، يتوقع الدكتور نمر ان تتواصل في تركيا بانتظار ان يعود الفالق الى مستوى الضغوطات الطبيعية بالنسبة له،  لان هناك قسماً من الفالق لا زالت الضغوطات غير طبيعية لذلك فان الارتدادات ستستمر، ولكن في لبنان نحن على فالق مختلف كليا، والفوالق التي وصلت تأثرت بالموجات الزلزالية ولكن ليس هناك اي ضغوطات تؤثر مباشرة على الفوالق عندنا.
ميا عطوي: علينا العودة الى الواقع لتخطي الخوف
وعن حالات الشعور بالخوف والتوتر نتيجة الهزات الارتدادية على المواطنين لا سيما الأطفال تشرح الاخصائية النفسية ورئيسة جمعية «امبريس» السيدة ميا عطوي «للواء» الوضع وتقول:« هناك جزء كبير من الخوف الذي يعيشه بعض الشعب اللبناني هو نتيجة صدمات يستذكرها، لان الجسم يسجل إشارات تنبيه في حال حصول اي صدمة او خطر من اجل الدفاع عن النفس وحب البقاء، كما ان الجسم يسجل أيضا عوامل معيّنة تنتج عنها عوارض مثل التوتر او التفكير الزائد او اوجاع جسدية محددة وقلق في النوم وقد تحصل لدى الكبار والصغار، وبالتالي عندما تتكرر الحادثة او الصدمة حتى لو كانت مختلفة في الشكل،  لكنها تعيد الى الذاكرة الصدمة الأولى.
فمثلا قبل وقوع انفجار مرفأ بيروت سبقه ارتجاج في الأرض،  لذلك فإن هناك من توقع ان تلي الهزة انفجار كالذي حصل سابقا، خصوصا ان الهزة تزامنت مع عوامل طبيعية من رعد وبرق،  فجسم الانسان يعود ليفعل ردات فعل الذي قام بها نتيجة الصدمة الأولى، خصوصا اننا نتجاوب مع ما يقوله جسمنا،  لانه ليس دائما يمكننا ان نجعل الذهن يحاكي الجسم  خصوصا عند الأطفال».
ودعت عطوي كل الذين يشعرون بالخوف نتيجة الهزة العودة الى الواقع، وشددت على ضرورة ان يعمل الاهل على تهدئة أولادهم من خلال التأكيد لهم عدم وجود خطر وشيك، كذلك بذل جهد لإراحة اجسامنا كي لا تستمر عملية التأهب بشكل متواصل لعدم خلق عوامل توتر وقلق ينتج عنها ردات فعل تكون فوق الطبيعة نتيجة ضغوطات و استعادة الصدمات.
وعن الفترة الذي يستغرقها الجسم لتخطي حالة الخوف،  اشارت عطوي الى ان هناك اختلافا بطبيعة اجسام الأشخاص حسب عوامل القلق التي تتعرض لها.
وختمت عطوي بالتأكيد على دور الاهل المباشر لتخطي أولادهم الخوف من خلال مراقبتهم واعطائهم الأمان ومساندتهم لتخطي هذه المرحلة.