بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 شباط 2020 11:46ص «المعدن الأصفر لليوم الأسود».. هل يساهم «ذهب لبنان» بوقف الانهيار؟

د. سامي نادر لـ«اللواء»: وجود خطة إقتصادية قابلة للتنفيذ هو الأهم

احتياطي ذهب لبنان بلغ حوالى 286.5 طناً، بعد التوقف عن الشراء عام 1971 احتياطي ذهب لبنان بلغ حوالى 286.5 طناً، بعد التوقف عن الشراء عام 1971
حجم الخط
منذ سبعينيات القرن العشرين، يعيش لبنان تحت مظلة احتياطي الذهب، الذي كوّنه مصرف لبنان منذ الستينيات، حتى بلغ حوالى 286.5 طناً، قيمتها حالياً حوالى 16 مليار دولار، حيث يعتبر لبنان حتى اليوم، من بين الدول الـ 20 التي تتمتع بأكبر احتياطي للذهب بحسب «وورد إندكس».

ويشير آخر احصاء الى احتلال لبنان المرتبة الأخيرة بين هذه الدول، في حين تتربع الولايات المتحدة الأميركية على رأس القائمة باحتياطي ذهب يقدّر بـ 8133 طنًا.

لطالما شغل مصير الذهب اللبناني بال البعض في لبنان، كون النسبة الأكبر منه مخزّنة في الولايات المتحدة الأميركية، فوجوده في أميركا يعني أنه يخضع للقانون الأميركي، وأنه قد يتعرّض للحجز والمصادرة من قبل دائنين قد يرفعون دعاوى قضائية في الولايات المتحدة ضد الدولة اللبنانية، في حال تخلّفت الأخيرة عن دفع مستحقات سندات الدين.

إلا أن تخزين الذهب في الولايات المتحدة هو تدبير تعتمده مجموعة كبيرة من الدول، في خطوة تهدف الى حمايته، ومصرفيًا، لم يتحدَّ لبنان أميركا، وحصّن نفسه قدر الإمكان لتجنب «فزاعة العقوبات الأميركية» التي تعتمدها ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كأسلوب حرب جديد في المنطقة، بعيد عن الدماء.

ومن الناحية القانونية، تملك الدول وفق القانون الدولي، وهو أعلى مرتبة من قوانين الدول الخاصة، ويجري تطبيقه في الخلافات والنزاعات الدولية، «حصانة سيادية»، وهذه الحصانة تمنع، حجز أي موجودات تعتبر أنها من ضمن سيادة الدولة.

ففي ظل التخويف من مصير الذهب، وربطه بسياسة أميركا في المنطقة، وبالتالي صعوبة الإستفادة منه في حل جزء من الأزمة الراهنة، لا يرى الخبير الإقتصادي الدكتور سامي نادر، في حديث مع «اللواء»، أن ذهب لبنان يشكّل الملجأ الأساس لحل الأزمة، حيث اعتبر أن احتياط الذهب لأي دولة يشبه وجود ذهب خاص في منزل أي شخص، في النهاية قد يلجأ مالكهم لاستعمالهم، لكن في ما يخص احتياط لبنان منه، يكون السؤال الأهم لماذا يستخدم وما هي الخطة؟

وتزامنًا مع زيارة وفد من البنك الدولي الى لبنان، أشار نادر الى أن البنك الدولي أولًا يريد أن يطّلع على الأرقام الدقيقة لما يملكه مصرف لبنان، وتاليًا كمية احتياط الذهب، وهو أولًا سيطلب اصلاحات عديدة منها ما يخص ملف الكهرباء، وفائض التوظيف في القطاع العام وغيرها، وثم يقوم بتقييم الوضع وفق خطة واضحة، وقد يرى أن لبنان قد يكون بحاجة لرهن جزء من الذهب لتنفيذ مشروع معين، لأن الذهب يُرهن ولا يباع، لكن التقييم سيشمل وضع لبنان المالي بشكل عام.

وأكد نادر أن لبنان يحتاج لسيولة أكبر مما يؤمنه احتياطي الذهب، وبالتالي معالجة أزمة السيولة، وحل مشكلة «اليوروبوندز» بالدفع أو التخلّف، يحتاج الى خطة وتنفيذ وتنسيق مع البنك الدولي، قد يكون الذهب جزء منها وقد لا يكون. وأفاد أن لبنان استخدم الذهب في فترة من الفترات، لكن مصرف لبنان لا يكشف كل ما يقوم به ولا يعلن الأرقام الحقيقية لموجوداته.

الأزمة أكبر من «احتياط الذهب»

امتلك لبنان الذهب للمرّة الأولى عام 1948 بمقدار 1.5 طن وفق بيانات مجلس الذهب العالمي، بعد انضمامه إلى صندوق النقد الدولي عام 1947 والاعتراف بالليرة كعملة مستقلّة للبنان، بحيث تمّ فكّ ارتباطها بالفرنك الفرنسي، وحدّدت قيمتها بما يوازي 0.455 ملغ من الذهب، وسعر صرفها تجاه الدولار بـ2.20 ليرة.

وبدأت الحكومات المتعاقبة بشراء الذهب لزيادة احتياطات المصرف المركزي، ولم يتوقّف لبنان عن الشراء إلّا في عام 1971 حين وصل مخزون الذهب إلى ما هو عليه اليوم، وذلك بعد «صدمة نيكسون»، أي القرار الأميركي المنفرد الذي قضى بفكّ ارتباط كلّ العملات العالمية بالذهب وفرض الدولار بديلاً للذهب كاحتياطي يغطّي قيمة العملات الأخرى.

وهنا، بات الدولار «سيد القصر» في الكثير من الدول، ومنها لبنان، وارتبطت العملة اللبنانية وقيمتها بمدى توفره بالسوق المحلي، ومدى «الرضا الدولي» على سياسات لبنان الخارجية، وهو ما يجعل الأزمة اللبنانية تكمن بفقدان الليرة اللبنانية لحوالى 60% من قيمتها حتى تاريخه، بسبب وضع الدولار، وبالتالي تكون نسبة احتياط الذهب وقيمته، تفصيلًا، في أزمة حجّمت بكبرها قيمة المعدن الأصفر.