بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 شباط 2023 12:00ص يوم الحب في وطني خجول..والعبرة لم تعد بالهدايا بل بالنوايا

الحب يترجم بكلمة أو ابتسامة.. الحب يترجم بكلمة أو ابتسامة..
حجم الخط
14 شباط كان يعني لنا الكثير الكثير في ما مضى، إذ كان يمثل لعدد كبير من اللبنانين البهجة والفرح، فالشوارع والطرقات والمحلات جميعها كانت تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لما يحمله في طياته من رسائل حب واشتياق  تترجم بهدية من هنا أو باقة ورد أو زجاجة عطر وخاتم من هناك...
كل تبعا لإمكانياته ، لكن الحق يقال أن الجميع بمختلف فئاتهم كانوا يتمكنون من تقديم هدية تليق بهذا اليوم المميز، بالإضافة إلى سهرة تليق بالحبيبة.
لكن اليوم الوضع اختلف تماما، ولم يعد بالإمكان تقديم ولو وردة متواضعة واحدة في هذا العيد لأن الموازين كلها انقلبت رأسا على عقب؟


كيف لا والمواطن اللبناني لم يعد بإمكانه شراء ربطة خبز، فكيف له أن يشتري هدية أو وردة لهذه المناسبة؟
نعم الوضع مؤسف لا بل قاسي وقاسي جدا.
وكأنما كتب على اللبناني أن لا يفرح..
يوما بعد يوم ونحن نتأمل أن يتغير الحال، ونحن نصبّر بعضنا البعض، ونحث بعضنا إلى التفاؤل، وبأن الغد بالتأكيد سوف يكون أجمل وأفضل.
 لكن مع الأسف، يوما بعد يوم والحال إلى الوراء، والسياسيون نائمون في سبات عميق.
هم بالتأكيد سيحتفلون بعيد الحب، وسيأتون لزوجاتهم بأجمل الهدايا وأثمنها، وسيسهرون حتى الصباح احتفالا بهذا اليوم، دون أن يشعروا بألم المواطن وصعوبة وقساوة عيشه.
هم لو أرادوا لتمكنوا جميعهم من أن ينتشلوا هذا البلد من أزمته، فلو قدم كل واحد منهم هدية متواضعة عربون حب لهذا الوطن، لاستطاعوا إضاءة العاصمة بأكملها دون انتظار «فيول» من هنا أو هناك،لاستطاعوا تزفيت الطرقات، لاستطاعوا الكثير الكثير.
والكثير ....
إلا أن المسألة بسيطة ولا تحتاج لكثير من التفكير، لكن المعادلة صعبة، لأنهم لم يعرفوا يوما معنى الحب الحقيقي، فكيف لهم أن يحبوا هذا الوطن؟
هم يكتفون بترجمة حبهم بالشعارات والتصاريح الرنانة وأحيانا بالدموع ،لكن الحقيقة أن أحدا منهم لا يكنّ لهذا الوطن أي انتماء أو وطنية. 
حتى حبهم لعائلاتهم هو مجرد «برستيج» ،لأنهم فقط يتبارون بين يعضهم البعض، فهم أشخاص لا يعرفون سوى المصلحة ولا مصلحة تعلو فوق مصالحهم ومشاريعهم وغاياتهم...
باختصار يوم الحب في وطني بات خجولا وخجولا جدا، فالمحلات التجارية التي كانت تعج بالهدايا المخصصة لهذا العيد بغالبيتها أقفلت أبوابها والمطاعم التي كانت تستقبل روادها أيضا بدورها باتت تستقبل فئة معينة من أصحاب الـ fresh dollar، إذ لم يعد بمقدور المواطن العادي دفع مليون ليرة وما فوق ثمنا لطبق من «الهامبرغر»  أو «الإسكالوب»...
أما محلات الزهور التي كانت تمتد باقاتها لتزين الطرقات،فأصبحنا بالكاد نرى باقة أو باقتين أو ثلاث كحد أقصى، لدرجة بات يصح فيها القول:»يا ورد مين يشتريك؟»
هذا العام خالفت العادة ،ولم أقم بجولة ميدانية لأستطلع كيف سيحتفل اللبنانيون بالـ14 من شباط؟ لأنني صراحة خجلت من نفسي ،خجلت ان أسأل الزوج ماذا سيأتي لزوجته وهو يلهث وراء لقمة عيشه؟
خجلت أن أسأل الحبيب لأنني أعلم أنه يعمل عملين وربما 3 كي يؤمن المستقبل الذي لم يعد مضمونا، خجلت أن أسأل الصديقة لأنني أعلم أن راتبها لا يكفيها ليس لنصف الشهر لا بل لأوله، خجلت وخجلت....
لكنني رغم كل هذه الظروف القاسية والأوضاع الصعبة المحيطة بنا والزعماء الغائبون عن مسؤولياتهم، أدرك وأؤكد للجميع أن كلّ منا سوف يحتفل بعيد الحب على طريقته، وضمن إمكانياته المحدودة. لأن المسألة ليست بالهدايا بل بالنوايا.
فما يهم وجود الحب أما ترجمته فليست بمشكلة، لأنه من الممكن أن يترجم بكلمة او ابتسامة... ألأساس هو وجود الحب شرط أن يكون حقيقيا وصادقا ونابعا من القلب كي يدخل إلى القلب مباشرة .
كل عيد حب وأنتم بألف خير، على أمل ان نحتفل سويا العام المقبل بهذه المناسبة ووطننا بألف خير، شاء من شاء وأبى من أبى.
وفي الختام، تصبحون على حب....